في الحلقة الماضية وفي معرض إستعراضي لخطوات قيام المؤتمر الإستعراضي كنت قد اشرت إلى حدث لازم اعدادي للحلقة الماضية وهو ما يتعلق بموقف مجلس الأمن ازاء التقرير الذي أدلاه المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية موريس مورينو أوكامبو . وهو التقرير نصف السنوي الملزم بتقديمه الى مجلس الأمن حيث أن الأمين العام للأمم المتحدة هو السلطة الآمرة بالتسيير الاشرافي على المحكمة الجنائية الدولية نحو ما تثبته المادة 2 من النظام الأساس للمحكمة الجنائية الدولية التي تقرأ (تنظم العلاقة بين المحكمة والأممالمتحدة بموجب اتفاق تعتمده جمعية الدول الاطراف في هذا النظام الاساس ويبرمه بعد ذلك رئيس المحكمة نيابة عنها). ولست هنا في صدد الصمت الذي لازم مجلس الأمن وسكرتاريته ازاء التقرير الذي انقسم حوله الاعضاء ولم تفلح السكرتارية في الاشارة اليه من قريب او من بعيد بما اوضح علانية انه تقرير مرفوض. وسرني من بعد أن تابعت نشر صحفي واعلامي واسع للاتصال الهاتفي الذي جرى بين السيد/رئيس الجمهورية وبين الامين العام للامم المتحدة حول موضوع قيادة اليوناميد وهو على اي حال قد اتى تعزيزاً لرفض مجلس الامن تقرير المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية غير ان ذلك في مجمله يشكل كما اشرت من قبل اشارة واضحة لحجم التناول الرافض لبعض مواد النظام الاساس للمحكمة الجنائية الدولية ولعلي لست في حاجة الى الاشارة الى اهم بنود ذلك الاعتراض وهو ما يختص بممارسة اختصاص المحكمة على النحو الذ نصت عليه المادة 13 من النظام الاساس التي تقرأ (للمحكمة أن تمارس اختصاصها فيما يتعلق بجريمة مشار اليها في المادة وفقاً لاحكام هذا النظام الاساس في الاحوال التالية : (أ) اذا احالت دولة طرف الى المدعي العام وفقاً للمادة 14 حالة يبدو فيها جريمة أو أكثر من هذه الجرائم قد ارتكبت. (ب) اذا أحال مجلس الأمن، متصرفاً بموجب الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة، حالة الى المدعي العام يبدو فيها أن جريمة أو أكثر من هذه الجرائم قد ارتكبت. (ت) اذا كان المدعي العام قد بدأ بمباشرة تحقيق فيما يتعلق بجريمة من هذه الجرائم وفقاً للمادة 15. ومن بعد فإن الانتقائية التي يمارسها المدعي العام في اهتمامه بالقضايا الدولية وغضه الطرف عن قضايا أخرى أكثر فظاعة وتأثيراً وشهادة لها من العالم باسره مثل جرائم غزة وأفغانستان والعراق وغيرها. تلك السياسة الماكرة التي اتبعها المدعي العام لابد أن يوضع لها حد وأن يتم وقفها استناداً على السلبيات التي لازمت اداء المدعي العام للمحكمة وهي في تقديري سلبيات لا يهمنا أن تكون سلبيات مفروضة أم هي من بنات أفكار المدعي العام نفسه خصوصاً وأن الامر يتعلق بنصوص قانونية واضحة يبرز الخطأ فيها جلياً كلمات كانت هنالك مخالفة لتلك النصوص وليس هناك في هذا الصدد ما يغنيني سوى ما توصلت اليه مجموعة الدول الافريقية الاطراف في المحكمة صراحة خلال المؤتمر الذي عقدته في أديس ابابا – اثيوبيا في يومي الاثنين والثلاثاء الثامن والتاسع من يونيو /2009 وأثار نقاشاً ساخناً طويلاً استغرق معظم ساعات الانعقاد الى أن تم التوصل الى التوصية التي أوردت تحت بند الملاحظات وجاءت كما يلي (تعتبر المحكمة الجنائية الدولية مؤسسة جديدة نسبياً تجتاز عملية التعلم ومن المهم اجراء تعديلات للتأكد من انها تعمل كمحكمة مستقلة، شفافة وعالمية. وينبغي استكشاف الطرق الثلاث لرفع دعوى الى المحكمة الجنائية الدولية – من قبل دولة طرف، من قبل مجلس الأمن للأمم المتحدة والمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية). نقلاً عن صحيفة أخبار اليوم السودانية 13/12/2009م