قال الدكتور مصطفي عثمان إسماعيل مستشار الرئيس السوداني، مسئول العلاقات الخارجية بالحزب الوطني -الأحد الماضي- إن هنالك أحزاب معارضة أجرت اتصالات مبدئية بالحزب الوطني بغرض التباحث حول مشاركتها فى حكومة القاعدة العريضة التي عرضها الحزب الوطني على كافة القوى السياسية السودانية مؤخراً. و لم يكشف د.مصطفي عن عدد هذه الأحزاب و لا سيما أسمائها ، و ربما كان هذا الموقف يتسق مع رغبة تلك الأحزاب التى من المؤكد أنها سوف تؤثر على مجمل موقف الأحزاب المعارضة الرافضة للمشاركة . و الواقع انه و بعيداً عن معرفة هذه الأحزاب على الرغم من أنَّ مصادر سياسية بالوطني وصفتها بأنها تملك أوزاناً معقولة ، فان هذا الموقف فى حد ذاته يعطي مؤشراً كافياً و كان متوقعاً على أن قوي المعارضة السودانية دائماً هى بهذه الصورة المتباعدة و المتناقضة فى المواقف ، وقد شهدنا ذات هذه المواقف المتناقضة إبان عملية الاستحقاق الانتخابي ، حين فقدت الحد الأدنى من التوافق و التنسيق لدرجة تفاجؤها بانسحاب البعض ، وعدم مشاركة البعض فى ذلك الاستحقاق ! غير أن السؤال الذي يبرز هنا بقوة ، إذا كانت هذه الأحزاب فشلت طوال الحقبة الماضية و حتى هذه اللحظة فى إتخاذ موقف موحد، كيف لها إذن أن تنجح فى إدارة بلد يعج بهذه القضايا السياسة المعقدة ؟ فالذي يستمع الى الوعيد و الصياح الذى يجري فى اجتماعات هذه القوى المعارضة يساوره الاعتقاد أنها قادرة على زلزلة الارض تحت أقدام البلاد بأسرها ، ولكن حين يحين أوان الجد و يحمي وطيسه سرعان ما تظهر بجلاء ثغرات الخوف و الارتعاش و التراجع الناعم. لهذا و على الرغم من إدراك الكل لضعف هذه الأحزاب و هوانها حتى على نفسها ، وعلى الرغم من عدم جواز الضرب عليها على اعتبار أن ما فيها يكفيها، فان واحدة من أكثر تعقيدات الممارسة السياسية الراشدة فى السودان هو هذه المواقف التى يتم اتخاذها على عجل ، وعلى نحو عاطفي و انفعالي ، فقد رفضت ذات هذه القوى عقب ظهور نتيجة الانتخابات المشاركة فى حكومة القاعدة العريضة فى ذلك الحين (قبل ثمانية أشهر) ، ولم يكن هنالك مبرراً أو حكمة ، والآن حين أعاد الحزب الوطني ذات الدعوة رفضها بعضها و قبلها البعض الآخر! إنّ من المؤكد أن هذه القوى المعارضة – مهما توعدت و هددت – لن تستطيع زحزحة الحزب الوطني قيد أنملة ، لا بعمل مسلح و لا بعمل سياسي سلمي كما أدّعت ، و لا عبر صناديق الاقتراع حتى و لو منحت هذه الصناديق لتضعها فى دورها و تنام و تصحو و هى معها !