تحليل سياسي نافح القيادي الشمالي بالحركة الشعبية ياسر عرمان بشدة عن ضرورة بقاء و مشاركة الحركة الشعبية فى كافة أجهزة الدولة عقب ظهور نتيجة الاستفتاء و اختيار الجنوب للانفصال و ذلك حتى الثامن من يوليو 2011 موعد انقضاء الفترة الانتقالية ! و من البديهي إن هذا الموقف الذى وقفه عرمان صادمَ بضراوة موقف القوى السودانية المعارضة الأخرى التى من جانبها كانت قد قررت (عدم شرعية الحكومة) عقب ظهور نتيجة الانفصال ! عرمان بدا فى هذا الموقف انتهازياً من جهة كونه و لأسباب غامضة يتمسك بوجود حركة انفصم عري علاقته معها و انفصم الرباط السياسي الذى يربطها سياسياً بالشمال وصارت مسئولة عن دولة أخري مما يشير إلى أن الشاب الطامح و الطامع لديه ما يخفيه وراء هذا الموقف ، كما أن عرمان بدا من جهة ثانية متناقضاً مع حلفائه البائسين فى القوى المعارضة الذين لم يجدوا حجة يتحججون بها للطعن فى شرعية الحكومة إلاّ حجة الانفصال . ومن المؤكد أن عرمان اتخذ ربما دون ان يقصد موقفاً فيه حرج سياسي بالغ لرفاقه ، وهو أمر سيجعله مدافعاً من حيث لا يدري عن شرعية الحكومة ، الشئ الذى يفسد تماماً خطة القوى المعارضة. و مع ذلك فليس هذا هو كل ما عنيناه و لكننا نتمعَّن من الوجهة الدستورية ما إذا كان صحيحاً ان تستمر الشراكة عقب ظهور نتيجة الاستفتاء ولمدة ستة أشهر أخري الى حين انقضاء الفترة الانتقالية . الواقع أنّ هذا الرأي ليست فيه أى وجاهة سياسية او قانونية، فالدستور لم ينص على بقاء أجهزة الحكم كما هي مهما كانت نتيجة الاستفتاء حتى التاسع من يوليو 2011م . و من المستحيل ان ينص الدستور على قيام مسئولين لدولة أخري بالعمل فى مواقع دستورية و سياسية فى دولة أخري . لم تعرف دساتير العالم و كافة التجارب المماثلة أمر كهذا، إذ أن الطبيعي هو أن يتخلي هؤلاء المسئولين عن مناصبهم بحكم الواقع الجديد و يتجهون للإعداد لقيام الدولة الجديدة وفك ارتباطهم بالدولة القديمة و لعل أسطع دليل علي استحالة القبول برأي عرمان هذا هو أن الجنسية السودانية سوف تسقط علي الفور بمجرد الانفصال عن كافة مواطني الجنوب ، فكيف يتسني لشاغلي المناسب الدستورية التعامل مع واقع قانوني حساس كهذا؟ أما من الناحية السياسية فان من المستحيل ايضاً تصور قيام مسئولين اختاروا للتو العمل فى دولة ينتمون إليها بالعمل فى دولة لم يعودوا ينتمون إليها ، فهناك تعقيدات بشأن المصلحة القومية العليا للبلاد و الأسرار السياسية و الأمنية و العسكرية ، حيث لا يجوز لأجانب مهما كانت الضرورة الاطلاع عليها و التعامل بها ، إضافة إلى أن من الصعب ان نتصور قيام هؤلاء المسئولين الجنوبيين بواجباتهم فى الشمال هنا على أكمل وجه و أعينهم و قلوبهم مضت مع دولتهم الوليدة! من المؤكد ان عرمان سقط فى موقف سقطة غير متوقعة !