أعتقد أن (العرب) هم الوحيدون الذين اخترعوا ضمن شعاراتهم السياسية (إسقاط النظام)! يمكن القول "إسقاط سلطة" أو "إسقاط حكومة"، لكن (إسقاط النظام) تعبير مرادف للفوضى.. لأن بديل (النظام) هو الفوضى في المجتمعات.. هذا ما طُرح في تونس، حيث طالب (البعض) بإسقاط النظام التونسي بأكمله، وليس الاكتفاء بإسقاط الحكومة وحدها أو رحيل الرئيس (زين العابدين).. ويحدث أيضاً ضمن الأحداث الحالية وثورة الشباب في مصر.. حيث يطرح البعض شعار "إسقاط النظام"! ولاحظنا ماذا حدث في مصر بمجرد انسحاب رجال الشرطة والأمن والمرور من الشوارع وأقسام الشرطة لمدة يومين فقط! حيث شهدت مصر المعروفة بدعوة (ادخلوها آمنين) (فوضى) شاملة، وعاث (البلطجية) فساداً في الأرض، نهبوا المتاجر والبنوك والوزارات الحكومية ومقار الأحزاب، وخربوا الآثار العريقة في المتاحف، وطاردوا المواطنين في بيوتهم وسرقوا أموالهم بقوة السلاح، بل شهدت مصر أكبر عملية هروب للمساجين والمجرمين.. كل هذا حدث لمجرد انسحاب (رجال الشرطة) لمدة يومين فقط! ثورة الشباب المحتشدين حاليٌّا في ميدان التحرير، ثورة مشروعة ضمن مطالبهم الإصلاحية، وحركتهم الإصلاحية هذه هي التي أحدثت إصلاحات سياسية في النظام المصري، وسوف تتواصل هذه الإصلاحات، ومن غير المستبعد أن تكون هناك انتخابات برلمانية جديدة، وحكومة تتفهم مطالب الشباب المصري، وتبادر إلى رفع المعاناة عن المواطن المصري. لكن أن يطرح حاليٌّا شعار: "إسقاط النظام" فهذا يعني الفوضى، يمكن تعديل الدستور مستقبلاً لمزيد من الحريات والإصلاحات.. لكن هذا لن يحدث إذا تعاملنا مع مصر كما لو كنا نتعامل مع (ساحل العاج) أو (غرغيزستان)!.. مصر بلد له تاريخ عريق في السياسة والاقتصاد والعلم والمعرفة وعراقة في التاريخ ويحلم كل سكان العالم بزيارتها. الفرق بين (إسقاط النظام) و(تطوير النظام) تماماً كالفرق بين قناة (الجزيرة) وقناة (العربية) في تغطية الأحداث اليومية في مصر.. حيث تلعب (الجزيرة) دوراً تخريبيٌّا في تأجيج الفوضى والدفع باتجاه إسقاط النظام، بينما (العربية) تنقل وجهات النظر بموضوعية من جميع الأصوات والأفكار السياسية وتدفع باتجاه الحفاظ على أمن المواطنين والمقيمين في مصر. ها هي تونس تلملم جراحها وتدخل عهد الإصلاحات والتعديلات الدستورية والانتخابات النيابية والرئاسية الجديدة.. ومصر أيضاً سوف يتاح لها ذلك وأكثر إذا كف البعض عن رفع شعار (إسقاط النظام) واستبدلوه بشعار (تطوير النظام).. وأي تأجيج للصراع السياسي والاجتماعي هناك سوف يجعل من مصر.. عراقاً آخر!.. فاحذروا (عرقنة مصر)! المصدر: اخبار الخليج 1/2/2011