بقلم الأستاذ عبد الجليل النذير الكاروري رغم ما في أيدينا من موارد إلا ان التقويم لحال المسلمين يقول أنهم أغنياء في الاهداف فقراء في الوسائل ، هذا الموقف يجعلهم عاجزين عن خدمة أهدافهم فهم فقراء لعدوهم ، تبديل هذا الحال يتاج بمراجعة شاملة لمنهج التفكير وخطط التعليم والتدريب وخطط التنمية . لنبدأ بالفكر لأنه أساس صلاح الانسان فهو محل أمانة الاختيار اذا قارنا في تاريخ الانسانية بين المعتقد والمعاش نجد ان التخلف بين المعتقد والمعاش نجد ان التخلف ارتبط بموقفين متناقضين من الاشياء تعيظيمها او تحقيرها التعظيم ينتج موقفا فكريا يعرف في مصطلحنا بالشرك ،، أما الاحتقار فناتجه الرهب (ورهباينة ابتدعوها ) وكلا الموقفين ينتج التخلف ، الدافع للموقفين واحد هو الموقف من الاقوى هل نخضع له ام نهرب منه ، حين نخضع له لا نوظفه فلا نكسب خدمة ولا سلعة بل نكون في خدمته وحين نهرب منه ايضا نفتقر ، اما الموقف الثالث فهو محاولة اخضاع الاشياء لنا بعلم نواميسها ومعالجة تمريسها ، وكل أمة تقف هذا الموقف الاقوى تكسب نهضة ونماءا نعم ان الذي يعظم البقرة لن يصل الي – الفريزيان ، انه لا يفكر في اللبن بل الدين فيبتعد ولا عبد بالتكميل والتحسين والتهجين ، ومثل بقرة الهند انعام العرب ، ونيل مصر ومطر افريقيا وجبال سكان الجبال فالذي يقدس الحجر لن ينتبه الي الوانه الدالة على وظائفه كما نقل القران الكريم الجاهلين من عبادة الحجارة والزروع والانعام منبها في وقت مبكر لاشكالها الدالة على خصائصها حضا على توظيفها ، ناقلا لها من معبود الي معبد (الم تر ان الله انزل من السماء فاخرجنا بها ثمرات مختلف الوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف الوانها وغرابيب سود. ومن الناس والدواب والانعام مختلف الوانه كذلك انما يخشى الله من عباده العلماء ان الله عزيز غفور ). هذا النص الموقظ نزل على بيئة تعبد البيئة : الزرع والشجر والجمل والحجر هكذا أحياءا وفيزياءابدل ان تنشأ علوما ومنافع انشأت عقائد ومعابد ،، فنقلها الوحي ودرجها من القداسة للرئاسة ، الرئاسة على الاشياء تعلماوتوظيفا ، لكن من عجب ان الدين يحدث نقيض هذا الموقف ، وذلك حين يصل المجتمع الي الطرف الاخر الغلو – عندها ، يستخف المتدين بالاشياء محققا نوعا اخر من الانتصار هو الترك او الهرب متوهما انه يفر الي الله ، ان التدين الذاتي منكفؤ على الذات طالب الخلاص من عالم المادة في النفس والمجتمع هروبا من الدنيا وعمرانها ، لنأخذ في الموقف من الدنيا آية من الكهق ورد الجمعة تقارن بين المبنى والمعنى لنعالج فهم الأمة لهذا النص (المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوبا وخير املا) إنها مقابلة بين المبنى والمعنى والعاجل والاجل قراءتنا لها تجعله متناقضة : المال والبنون في كفة والباقيات الصالحات في كفة ويؤمر المتدينون ان يختاروا؟ غير ان قراءاة تظهر التوافق بترتيب التنازل هذه القراءة تزيل التعارض حيث يتحول بها المال الي باقيات وذلك بكسب وانفاقه في محله فيتحول الي ثواب ، فقط تختلف الدرجات كلما تعد الذات للاخر زاد الثواب (حتى القمة يضعها في فئ امراته) وكذلك البنون بالتربية يتحولون الي صالحين فإلي أمل عاجل وآجل كمافي الحديث (اذا مات إبن انقطع عمله الا من ثلاث : صدقة جارية أو علم ينتفع به او ولد صالح يدعو له) فالصلاح ليس هو هجران عالم المادة بل ان تصبح ثم تحويلها في قابلة للتحويل . اما الذين يعجزون عن الكسب فبديلهم المعنى المباشر وهكذا سرعة الباقيات الصالحات – الاذكار بعد الصلوات – فلما اشتكي الفقراء ان الاقوياء ايضا يدخرون المعني المباشرة ؟ كانت الاجابة (ذلك يؤتي من يشاء ) ان الامة حين تخلفت عن روح هذا النص عجزت عن ان تعقد صالحا بين المادة والمعنى فاختارت ان توحد الامر في مصطلح هو الفقر حيث ارتبط تماما الفقر الي الله بالفقر من الاشياء وصار بالضرورة الفقية هو الفقير لانه لحزمة نفض يده مما يشغله عن جمعيته ويفرقه عن توحده وتباري الناس في التخلي عن الاشياء تعبدا وفي ذلك يروي (كتاب الطبقات)في السودان طريفة بين أحدهم وطعامه التمر والعابد الاخر وطعامه القرض فتعثر الاول على الثاني وهو يدخل غارا للعبادة ، فانتهز صاحب القرض : وهل ترك لكم أكل التمر بالا تنظرون به للناس ؟ حقا ان الذي يتصفح طبقات الاولياء عندنا يجد المثال الذي تنافسوا عليه كان يعتمد على عنصرين : الترك والخرق . ترك الاشياء حالا ، فاذا احتاجها خرق ناموسها ! فليس المثال في النقل مثلا بناء سفينة امثل على مثال سفينة نوح الاول بل المثال هو عبور النهر على الفرو والطيران الي غرفة بلا طائرة . المشكل هو استناد هذا الموقف على الدين بمعنى ان المتدين الواصل لا يحتاج الوسائل لا يحتاج قانون الطفو ولا قانون الرفع لان الكرامة هي وسيلته بها يخرق الناموس ويتجاوز قوانين الاشياء ،، أما السلع فإن المتعبد يوفرها بالترك حيث تظل حاجته في صدره زهدا ، والهدى ان يكون في الصرف لا في الكسب (ان قيمته تتحقق تماما كما العفو يصبح قيمة عند المقدرة أما العجز فتمارسه (الكلاب في بلح) كما جاء في المثل الصوفي والهدى في الكرامة ان المتدين يحترم الناموس فدينه الاستقامة آخذا بالأسباب حتى اذا تقطعت حدثت المعجزة ، أعظم نصرة الهجرة قامت على هذه القاعدة لتبقى سنة الحركة ، حشد الاسباب وايجاف الركاب ، حتى اذا كان الحصار في الغار كانت الدابة الناصرة (العنكبوت)أضعف البيوت !! ان انتظار الخرق يعطل الناموس فيورث التخلف الذي هو النوم على الموارد والافتقار للسلع ، انظر رحلة ذي القرنين الذي قامت دولة المدينة على سنته وجد شعبا متخلفا يفتقر للأمن شطر العيش وينام لى مواد التأمين (لا يكادون يفقهون قولا) فوظف الموارد البشرية (آتوني ) وعالج المواردالطبيعية تعدينا وصهرا وسبكا وحول كل هذا المبنى الي معنى الرحمة قال في خطبة الافتتاح (هذا رحمة من ربي) ، انما تخلفت الامة بتخلفها عن النص القرآني داعيا للدنيا لتجاوزها الي الاخرة حتى سقط تكليف العمران عن مهمة الخلافة وانحصر مفهوم العبادة في الشعائر ، بينما لم تغفل الاية لو قرأناها كلها لا بعضها (وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون ما اريد منهم من رزق وما اريد ان يطعمون ان الله هو الرازق ذو القوة المتين) فكثيرا ما يتلي شطره هذه الاية على المنبر ويترك الرزق كأمر تلقائي لا تكليفي ، بينما قد كان الرزق تلقائيا في الجنة (ان لك الا تجوع فيها ولا تعري ) اما في الدنيا فبتكليف السعي وبالبطش (فلا يخرجنكما من الجنة قتشقى ) من عجب ان المسلمين اما اسقطوا العيش عن العبادة لم يستغنوا بالله بل افتقروا لأعدائه فكان الاستعمار الغربي بديلا للعمران الوطني والاسلامي ، وبعد الاستعمار جاءت التنمية ثم العولمة وكلها خطط اعدائنا ، وانما غابت الخطط عندنا بغياب الكليات وانحصر فقه الكسب في المعاملات ، لما ظهر ما يعرف بالاقتصادالاسلامي اشعنا انه اقتصاد توزيع لا علاقة له بعلاج الموارد ونمائها ،، بينما هدى القرآن هو الذي دل الأمة على استنباط السلع من الموارد ، ففي القرآن سورة كاملة موضوعها الموارد الطبيعية (النحل) وتسمي لغناها (النعم)وأطول سورة في القرآن اسمها البقرة ، والبقرة كما هو معلوم مصدر البروتنين الباني للأجسام من لبن ولحم وما نرى اختيارها بمواصفاتها قربانا الا لدورها الحيوي ، فقد كان المطلوب في القصة الاحياء (قلنا اضربوه ببعضها في الاحياء كذلك يحي الله الموتى ويريكم آياته) وترتيب البقرة في الاحياء الثاني ذكرا في القران بعد الاحياء الدقيقة التي تسبب الموت (ان الله لا يستحي ان يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها) فالموت سابق للحياة سبق العدم للوجود ، بدليل ما ورد ب عد ذكر البعوض ، إجابة على موقف المعاصرين من ذكرها اذا لم تعرف وقتها بعد الاحياء (كيف تكفرون بالله وكنت أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم) وقبل أن تختم أطول سورة بأطول آية في شأن عليه يدور المال الآن (الدين) قبل ذلك جاء ذكر سبل الكسب الثلاثة : الزراعة والصناعة والتجارة !وفي القران امتنان بالتبادل التجاري الدولي عبر المراكز الحضرية في الجنوب والشمال وربط ذلك بالعبادة (لايلاف قريش ايلافهم رحلة الشتاء والصيف فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعهم من جوع وآمنهم من خوف) هكذا في ثنائية عليها يدور شأن الخلق : العباد والعيش والجوع والخوف والشتاء والصيف ، والقران لا تحده بيئة النزول ولذا ساق العرب الي شمال الشمال حيث لجج البحار فقد عبرت سفنهم البحر الابيض الي اوروبا بل والمحيط الي سواحل أمريكا قبل ما جلان ولو كان دينا ارضيا لسيطرت عليه الابل والصحراء لكنه أمتن بها وبالفلك (المنشآت في البحر كالأعلام ) (والفلك التي في البحر ما ينفع الناس) انه ذكر أحداثفكرا ثم فعلا هو الاساطيل الاسلامية الحربية والتجارية ، بل وأنشأ الحواضر الجديدة الاندلس ومملكة الهند ، ان اقتصاد الكمية والنوعية قد عالجه فلا نجده يذكر مزرعة الا مختلطة ولا يختار غلة الا راقية ولا معالجة الا عالية (كلتا الجنيتن آتت أكلها ولم تظلم منها شيئا) لما غبنا نحن عن المقدمات فقدنا النتائج فالمسافة الانتاجية الزراعية والصناعية بيننا والدول الاوروبية كبيرة ، ان التخطيط الاقتصادي المرتبط بالبيئة والموارد نجده في القرآن من الانتاج حتى التوزيع بل ان المخزون الاستراتيجي قد علمنا القران كيف نخزنه فالحب السائب مخزون سنوي والطحين يصلح للإستعمال اليومي ، أما السنين فتنفعها السنابل حيث يحفظ السيليلوز اللب من السوس (ما حصدتم فذوره في سنبله الا قليلا مما تأكلون ثم يأتي من بعد ذلك شداد يأكلن ما قدمتم لهن الا قليلا مما تحصنون) ، ان القران علمنا التخطيط للكسب فالنظريات اليومية تستنبط من الكليات ، واذا كانت المعاملةاليومية يحكمها الحلال والحرام ، فإن أصل المعالمة يحكمه الحق والباطل وهو ما تقصد بالكليات التي غابت عن الذين قالوا بنظرية كما غاب عنهم ذكر الموارد والمعالجة وانها من الحكمة ، فالحكمة حكمتان ، حكمة داؤود لقمان – او الاشياء والانسان ، القرآن أشار الي التطرف في المواقف لما قال بعد درس في الاخلاق او الوصايا (كل ذلك كان سيؤه عند ربك مكروه) ، فالمكروه هو الموقف الطرفي ، طرفا القدر هما الجبر والحرية ، الحرية المطلقة تحدث اسرافا تفسد مواردها تحدث إسرافا به قد يكون الفساد كما في حضارة أوروبا وكل حضارة تحدث اسرافا تفسد مواردها (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدى الناس) ، أما الجبر فهو فهو موقف العجز الذي نعاني منه ، أما القدر المعني فتكليف ورعاية (هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها) (واصنع الفلك بأعيننا ووحينا) (أعملوا آل داؤود شكرا) الطبيعة هي المجال الذي تتحرك فيها بأمر القدر ، أما الشريعة فهي المنظم لحرية التحرك حيث يتوسع بها مفهوم الخلافة ليشمل العباد والعمران كما اسلفنا ، فإنهم يتوهمون أن العمران حاجة بينما العبادة تكليف ولعل الذي سبب التوهم هو الغرائز ودفعها للعمران حيث ارتبط السكن بالحر والاكل بالجوع .. الخ ، محركات الاقتصاد التي تحولت بالهجرة من الوفرة للندرة ، أعنى الهجرة للأرض ، ان تركها لدافع الغريزة يتركها للتطرف حيث الإهمال فتركد والإفراط فتحكم ولا عجب فقد حكم ما يعرف بالفكر المادي دول الغرب القرن الماضي حيث كان الصراع بين فكرتين ليست بينهما الا اسلوب ادارة المال ، مهد لذلك الرهبانية التي سادت اوروبا بين يدي الرأسمالية والماركسية . ان نقل النشاط العمراني الي مهمة الخلافة سيقله عند المسلم من العادة للعبادة ولن يصل بالمسلم الي عبادة العمل _ كما في الصين- ولكنه سيقف به عند التعبد بالعمل سيخرج اليه وهو يقرأ (ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ) عندها سيتحول المسلم من نصف رجل الي رجل كما يقول (مالك بن نبي) بل (رجلا سلما ) كما يقول القران ، ستزداد كفاءة العامل لأن الادارة بالاهداف ، ولافكر يؤثر في الهدف حيث تنتقل من الوظيفة مكسب بينما الرسالة تضحية والذي يعمل في الوظيفة بروح رسالية يتخطي سريعا المحطات القريبة نافذا الي الهدف ، انها المقارنة بين الان وحدة ، حين يكون معه غده ، (ومن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وماله في الآخرة من خلاق . ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار اولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب ) ان الدنيا المذمومة في القران هي الدنيا حين تصبح هدفا ، أما هي وسيلة فهي محل العمل هذا الاستصحاب هو الذي اختصر النهضة للصدر والاول ولن يصلح اخر هذه الامة الا بما صلح به اولها ان مفهوم الصلاح الفردي الي صلاح المجتمع (فلولا كان من القرون من قبلكم اولى بقية ينهون عن الفساد في الارض) وهو فعل وترك وامر ونهي ، ان التقوى في وظنا تجعل المسلم كسيارة ممسوكة بكوابح اما التقوى في الاصول فسيارة عاملة محررة بطاقة دافعة لا تتوقف الا عند الاشارة الحمراء وعند الصفراء يكون التبين ،، فتكون النتيجة قطع المراحل مع بعض اخطاء تصلحها الصيانة ، وكل بن وكل ابن ادم خطاء وخير الخطائين التوابين. هذه الاسطر دعوة لمرجعة فكرية تؤهل الامة لنهضة تنموية وارجو بالتداول في الامر ان نصحح موقفا من هذه المتقابلات الدنيا والاخرة - الحرية والقدر - العيش والعباد - الحركة والتقوى - الكسب والزهد وأرى اننا اذا وفقنا للتوفيق بين هذه المقابلات فسنوقف لرشد به تتحقق نهضة وتتوافر استقامة فنكسب السعادة بشطريها (الطمأنينة والرفاة) وهذا ما يؤهلنا لميراث أوروبا التي عملت فكسبت الشطر (الرفاهية ) ولا عجب فقد كانت ايجابية مع الدنيا والحرية والحركة والكسب فصرفت ثمرة موقفها من الناموس (من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ) (ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها) فالتحدي في أعمال الحدين لكسب السعادتين الطمأنينة والرفاة والدنيا والاخرة وهي الحياة الطيبة الموعودة لأهل الايمان التربية والتأهيل لا يكون الانفكاك بالفكرة وحدة لان الفكر بيان يحتاج لبرهان هو العمل ولا يكون عمل إلا بتدريب وأخذ وأخذ خاصة اذا كان الذي نواجهه موروث ، وهكذا نزل القرآن ومعه الفعالية من قدوة ووسائل (لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة ، رسول الله يتلو صخفا مطهرة) وفي توظيف التعليم لأحداث نهضة نبدأ بتصحيح الهدف وهو تخريج علماء لا مهنيين فالتلاميذ ينشدون في أول السلم يا ترى أغدو طبيبا أم وزيرا أم زعيما .. أو ترى أغدو صحافيا شهيرا ونغير بعد الهدف الوسيلة فتكون هي الفهم لا الحفظ او يكون الحفظ وسيلة للفهم فقد كان الشعار (من حفظ المتون حاز الفنون) والمتون تجريد وتلخيص للمعارف في نظم ليس فيه حلاوة الادب بالضروروة وهكذا تنتقل المحفوظات عبر الاجيال من غير ان تحدث بالضرورة وعيا فقد زرت بعض المعاهد وهي تحفظ التوحيد بالعربية في بية اعجمية فأين موقع هولاء مما قدمنا على الفكر شرط النهضة ؟ فإذا كان الحفظ وحدة في السلوكيات لا يهدي فهو في العلوم اضل ، فالعلوم انما نهضت بمخالفة النمطية فلو تجمد الناس على هندسة (اقليدس) لما تجاوز المسطحات الي المدورات لقايسوا الافلاك مكتشفين للقانون الذي به يمسك الله السماء أن تقع على الارض. ورغم قوانين نيوتن هذه الحديثة والصارمة الا ان النسبية تجاوزتها لما نظرت لبعد ثالث بعيد عن الفعل ورد الفعل ، إن هذا الانتاج العلمي يغذي بايقاظ الفكر عند ذلك ستتضح ثمرات في قمة الهرم تقود الركب ، اما قاعدتها فستكون شعبا صالحا لحمل البناء لان قاعدة من المستنيرين كما ستفصل في الفصل الاجتماعي لازمة لاداث نهضة ، كذلك نظام اتقويم عندنا يحتاج لمراجعة ليتعدل من كم المقررات الي اختبار الملكات ، فالذكاء مقدرات جمالية ورياضية وخلقية ، وقد قامت اخيرا مدرسة علمية تعلي الجماليات على الرياضيات ، بل تقول ان المعادلة الرياضية ليست صحيحة الا انها جميلة ، أعني متناسقة الاطراف فهل يتاح لاهل الخيال الفني ان ينافسوا اهل الضبط العلمي ام ان التعبير عن هذه الملكة سيكون عبر مادة هامشية اسمها الفنون ومن للشكل يقوم عليه اذا قومنا فقط اهل الاداء وقد ثمن الوحي الطرفين (الذي خلقك فسواك فعدلك في اي صورة ما شاء ركبك ) ، وفي الشعبة الثالثة من التقويم الخلق – قلت : لو مررنا استبيانا على المسلمين هل تريد غلاما ذكيا ، زكيا لاختار اغلبهم الذال ، بينما الزكاوة لها الشطر حيث لا يكون الكفؤ أمنيا الا بها (خير من استأجرت القوي الامين) بل نجد القران يبشر بالزكاوة ويثني بالطيبة : (انما انا رسول ربك لاهب لك غلاما زكيا) (فبشرناه بغلام حليم) ويبدل بالازكى : (فأردنا ان يبدلهما ربهما خيرا منها زكاة واقر رحما) نحن الان نكتفي تقويما لهذا الشطر فنكتب في هامش النتيجية : مهذب وحسن الاخلاق ! ، نعم نحن امة نتفوق في الاخلاق بما عندنا من كتاب هو وحده الهادي في السلوك ، فالسلوك موضوعه (ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين)غير اننا نأسف للتكليف في معالجة المادة نسقط كثيرا من قوانين السلوك في الحياة العملية والمعالجة الصناعية ، كمعايير ضبط الجودة الصارمة وراكان التعاقد الكلزمة والاجل المضروب لانجاز العمل والعقوبة المترتبة على الخلف ... الخ ، كل هذه الاخلاق نجدها مصاحبة للنشاط المادي في نهضة اوروبا غير انها عندنا لا تعني قيمة الا قليلا ، فقد زرت مزوعة في الشتاء الماضي حدثنا صاحبها انه متعاقد لتصدير الخضر الي اوروبا بلا سماد natural لكنه اثناء الشرح قال (في هذه المرحلة نضيف السماد قلت ليه (انك قلت بشرط التصدير الطبيعي ) فأجاب : (انا التزم فقط في اول التنفيذ ولهذا عرفت سر الطريقة التي تروي هناك ان الخضروات تنمو داخل البرادات). مشكلة التعليم الحديث عندنا انه نشأ في كنف الاستعمار فإكتنفته مشكلتان بسبب التغريب ، أولاهما حجب وتأخير التعليم الفني والتقني الي ان تخرج جيل من الاداب والحقوق الغربية كما في كلية غردون التذكارية بالخرطوم ، وفي مقابل ذلك ظل المعهدان ان الديني والفني بلا اعتماد لشهادتها الجامعية لإضعاف عناصر القوة في الامة الفكرية والفكرية ولافنية والثانية ان الكليات العلمية الاصلية مما اعجز الخريجين عن استيعاب الاصول الفكرية فأصبحوا وقد تقطعت معارفهم في تخصصاتهم لاجل ذلك لم تحدث قفزة نوعية كالتي حدثت في اليابان ، لان التعليم كان بهدف التشغيل والصيانة لا للإستيعاب والإضافة ، ، يقول الدكتور ابراهيم بدران في كتابة القيم (مشكلات العلوم والتكنولوجيا في الوطن العربي) والتدريب عندنا في أحيان كثيرة لا يتعدى تعلم المتدرب الضغط على الازرار حسب التسلسل الذي تقتضيه عمليات التشغيل ، ومن نافل القول ان نؤكد ان تعلم ضغط الازرار شئ واستيعاب المعدات وفهم اجزائها وقواعد مكيانيتها شئ آخر ... ويضيف ما يؤكد ما قلناه في الخريج فيقول ان ذلك لا يقتصر على العناصر العاملة متواضعة التعليم بل ان هذا القصور قد بدأ يجد طريقة الي أذهان العديد من الكوادر التكنلوجية والعلمية العالية بسبب أنظمة التعليم ووانفصالها عن الواقع العملي وبستت تعقيد المعدات والاجهزة التكنولوجية ، وانعدام الارضية الاجتماعية لها في المنطقة المتخلفة ، ويورد المؤؤلف انه سأل مهندسا في كلية الهندسة عن كيف يتصرف اذا انخفض الجهد في المحطة الكهربائية ؟ فأجاب : (ادير اليد السوداء التي في ركن لوحة التحكم الي اليمين) ،، في مقابل هذا المستوى الذي عندنا من التأهيل اجريت في امريكا دارسة للنمو الاقتصادي خلا ستين عاما 1900 الي 1960 م وكذلك أوروبا انجلترا والنرويج فتبين ان راس المال لم يكن له اثر الا بنسبة 10 % فقط وبقية العوامل تربوية وادارية ، ولأجل ذلك لم يحدث ما يسمىبتدفق القروض تنمية في عالمنا المسمى الثالث ، كما لم يحدث فائض بترول الخليج في الخليج نماءا الا بقدر البنية المؤهلة لاستهلاك الفائض السلعي الاوروبي ليتوزان الميزان التجاري المثقل تستورد وتدرب على الكمبيوتر (اننا بذلك نقدم خدمة جليلة للمنتج الياباني فنهئ له السوق وهو يبدل الموديلات كل يوم ! فالمكن الميكانيكي طويل العمر غير ان المكن الكهربائ يبدل كمنديل الورق ) وغالي الاصول وعظيم الاهلاك ! فلو صنعنا شاشات الكمبيوتر فقط عندنا لطرحنا نسبة الاهلاك من كل جهاز غير ان تعليمنا لا يكون للتصنيع بل للتشغيل والبرمجة ، في المقابل نجد قصة اليابان مع التقينة بدأت بالاستيعاب حيث عكف احد المبعوثين عقدا من الزمان على ماكينة الاحتراق الداخلي ولما فرغ من صناعتها كاملة وضعها بين يدي امبارطور اليابان لتبدأ خطوط الانتاج عند شعب جاد ومدرب امبارطور اليابان لتبدأ خطوط الانتاج عند شعب جاد ومدرب استطاع في ربع قرن من الزمان ان يحقق نصرا على ما اصابه في هيروشيما ونيجازاكي في القرن الماضي ، وقد سعدت بزيارة بانونج حيث استطاع احد المبعوثين (الدكتور حبيبي ) ان يصنع الطائرة في اندونيسيا بعد ان أن استوعبها في المانيا ولكن ما ان عدنا من رحلتنا وصار حبيبي رئيسا للبلاد الا والبلاد تميد من تخته بسبب هرب رؤوس الاموال ، هذه الحرب النقدية الحديثة ، انها هيروشيما جديدة القيت على اسيا المسلمة ولكن بعد النهضة التي اتاحة لها سياسةآسيوية ضده خيث سقطت الدولة ولكن انتصر المجتمع بتربيته ليصنع من الغزاة ملوكا مسلمين ، قلت لابني الذي دخل الصيدلية بعد ان حفظ القران ومثل السودان في مهرجان القران بايران 1994م هل تريد ان تتخرج بائع ادوية ام صانعها ؟ قال : كيف : قلت : اذا درست الادوية اسماءها واثارها الايجابية والجانبية فستتخرج بييعها واذا درست الانسان عافيته وعلله والموارد وخصائصها واستخلاصها عند ذلك ستكون صيدلانيا عالما ينتفع بك وطنك وامتك ، وذكرت ان السودان لم يتلق في تاريخه صاروخا الا لما صنع الادوية ، فلتعرف قيمة الكيماء التي هي في العلم القديم ذات اهداف عجيبة تتحول بها المعادن الي ذهب ، اما قيمتها العلمية الحديثة فقد جعلت اعداء امتنا يطاردون العلماء والمعامل كأنما يريدون ان يقاوموا قدر الله بإساءة وجوه اعدائه ، فهل للكيميا علاقة بالحروب القادمة وما معنى (ليسوءوا وجوهكم) هل من الانوف الطويلة التي توفر الاكسجين داخل الاقنعة الواقية ؟ ، في هذا الاستطراد إشارة الي الجامب السياسي في المسألة التقينية فإذا كانت اليابان قد حجر عليها التصنيع الحربي فكيف بالعالم الاسلامي وقد اتخذه الغرب عدوا بعد زول الحرب الباردة لتتنقل معركتها النووية مع بلاد الاسلام للحيلولة دون امتلاكنا الذرة حتى لا يبطل مفعولها في القرن الجديد كما بطل في القرن الماضي ، وذلك ان مفعولها يبرد اذا امتلكها الطرفان وهذا هو سر الصراع بين الهند وباكستان وبين اسرائيل والعراق وايران ، اما لغير الحرب فها هي العولمة تسود فيسمح للسله ويحجر على البراءات وتصدير التقنيات ، وحتى يظل عالمنا سوقا ساذجة لسلع بائرة يستوعب اسرار اكثارها وتطويرها ، ليأخذ السمكة ويترك الشبكة ، ولا نخختك الفقرة السياسية ، على اختصارها الا بدهوة للتكامل العلمي والمالي لعالم المسلمين (مالكم لا تناصرون ) بينما اليهود يفعلون !! وقد تداعي اذكياعم من كل فج ليضعوا اسرائيل الكبري في وطن متخلف ومختلف . إن الرؤوس عندنا تهاجر إلي أروبا عبر الجامعات و الشركات , ورءوس الأموال تهاجر عبر البنوك الزدوجة - عربية أروبية - فلماذا لا يحدث هذا التواصل بين البلاد الأسلامية . فإنة لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية . إن الصين أكثر ثقة و استجابة للاستثمار في بلدنا من بلاد تربطنا بها آصرة الإيمان ! بولاية الله ثم بالمصالح المتبادلة (( المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض)) و (( الأقربون أولي بالمعروف)) . وإذا كانت الأمية بين الرجال ظاهرة الأثر في تدني الإستيعاب فهي في عالم النساء أظهر , حيث تؤثر في وظيفة الأمومة و الطفولة سلبا - فالأم مدرسة - كما تؤثر في أداء النساء في الحياة الاجتماعية و العلمية بعد أن صرن يشكلن نسبة مقدرة من قوة العمل , وإنما قامت النهضة الأولي بجعل البيوت والأسر مراكز للمعرفة بجانب مركزها العائلي: (( واذكرن ما يتلي في بيوتكن من آيات الله والحكمة)) . تقدم في العالم الاسلامي بعض الهيئات جوائز علي الابداع العلمي مثل جائزة الملك فيصل في السعودية و جائزة الشهيد المشير الزبير محمد صالح و مشروع (( و جدتها )) في سوريا ... و غيرها ، غير ان الابداع فيها مبوب حسب تصنيفات العلوم و ليس حسب احتياجات الامة بالضرورة ، كما ان نظام تسجيل براءات الاختراع عندنا معني بالحقوق اكثر من عنايته بتحقيق نهضة ، اذ ان الذي يراعي في التسجيل هو فقط عدم التكرار او النزاع و ليس بالضرورة قيمة الاختراع . و المطلوب في البحث من اجل نهضة ، توجيه البحوث و تمويلها و ربطها باحتياجات الامة و تحدياتها ،خاصة في القطاعات الحيوية مثل الزراعة و الطاقة و النقل و الاتصال و عدد القتال ، و الالكترونيات عموما و التي يخشي من التطور العالمي السريع فيها ان نعيش القرن الجديد و نحن خارج التاريخ الا من اللهث لمواكبة الموديلات غالية الاصول معقدة التركيب ، فقد قيل ان السنوات الخمس الاخيرة شهدت من التطور الصناعي ما يساوي كل الذي حدث منذ النهضة الصناعية ! فهل نستطيع المواكبة فقط بالحاق البحث بالتعليم العالي، لينحصر في ابحاث التخرج و الترقي ؟ ان احداث نهضه علمية يحتاجة لشطر ميزانية التعليم العالي في امة تهدد في كيانها بالمشروع اليهودي القائم علي التفوق النوعي اذ يعاني ديموغرافيا من الكم ! ان استجلاب الخبراء عاقبته التدمير كما حدث في العراق لان كتلوجات التنفيذ تنتهي عند العدو و القصص في المتابعة الاستخبارية كثيره آخرها قصة الطائرة المصرية التي اسقطوها رغم الولاء وهي تحمل ثلاثين متدربا و نسبوا ذلك للانتحار . و حق لمن و ضع البيض في سلة امريكية ان يكون منتحرا !! ان عالم المسلمين من عرب و عجم و سنة و شيعة مطلوب منه التناصر علميا و اقتصاديا ان عجزنا عن التناصر السياسي فانا نشاخد الاقوياء يتناصرون لما بينهم من الاواصر كاتحاد اوربا الحديث فنحن اولي بهذا التناصر الذي يستوجب النصر : ( ان تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم ) و الآية (و لا تنازعوا فتفشلوا ) اذا حددنا حركة المواطن بالجنسيات و الجوازات فلا اقل من ان نحرر حركة العلماء من الحواجز ليتجولوا في الحواضر و يساهموا في نهضة الامة فهل يكون من قدراتنا مشروع (( علماء بلا حدود )) انه لمشروع مناسب لمقابلة العولمة التي هي تحد يقتضي حشد القوي و المهارات للارتقاء بالناتج بما ينافس الانتاج العالمي ، و العولمة هي الحرية للسلع و القيد علي العلم و لا ننسي ان مع العولمة مشروع اليهود المنافس للمشروع الاسلامي بل للنبي و الكتاب. و صلي الله علي نبينا و آله و سلم