لأنه يوم فاصل بين نجاح ثورة 25 يناير وتثبيت تجربتها الفريدة في انتخاب الشعب لرئيسه لأول مرة في تاريخها كله، أو سقوط التجربة وخطف الحكم من الرئيس الشرعي بالقوة؛ وبالتالي التأسيس لشريعة الغاب، ويتربع على الحكم من يملك القوة والبلطجة والمال، ولا مجال للخيارات الديمقراطية المحترمة. «يوم فاصل».. ليس لأنه سيؤكد احترام قرار الشعب المصري وحريته في اختيار من يحكمه، وبين التأسيس لمنهج عنصري بغيض يحدد من يحكم على الهوية والاعتقاد، ويحجز بالقوة مقعد الحاكم للتيار العلماني المتطرف المعادي للإسلام. قبل ذلك اليوم الفاصل بأيام بدا المشهد واضحاً أمام كل ذي عينين، فقد احتشد كل المناوئين للفكرة الإسلامية وللإسلام ذاته في خندق واحد؛ بزعم إسقاط الرئيس.. والسبب أنه إسلامي، وذلك أكبر كاشف لكذبتهم الكبرى عن قناعتهم بالديمقراطية! يحتشد التيار العلماني بكل أطيافه (الشيوعيون، الاشتراكيون، القوميون.. وفي القلب منهم الناصريون، الشواذ، الملحدون والفلول من عصابات النظام السابق...)، ويعاونهم رجال «حبيب العادلي» في الداخلية، ولعل ما جرى في اجتماع نادي ضباط الشرطة بعد انتخاب مجلس إدارته لأول مرة يؤكد ذلك؛ فقد كان الاجتماع صريحاً وساخناً جداً ضد الإخوان المسلمين وضد الرئيس، وأعلن فيه الرفض التام لتأمين مقرات الإخوان على أساس أنها مقرات أعداء للشرطة، وقد وافق رئيس النادي ضمنياً على هذا الكلام، والأهم في هذا الصدد أن نبرات صوت الضابط المتحدث كانت تخرج من بركان غضب تجاوبت معه القاعة بتصفيق حاد! ومن الرابط التالي تسمع ما دار بنفسك: http://www.youtube.com/watch?v=Moe34V-Rc9o&feature=share هؤلاء هم رجال «حبيب العادلي» مازال صوتهم عالياً، ولكن الشرفاء الأوفياء في ذلك الجهاز - وما أكثرهم - سيبذلون الغالي والنفيس لكسر شوكة شر وأشرار 30 يونيو. ولم يغب عن التأييد والدعم رجال «عمر سليمان» الذين دفعوا بمدير مكتبه «حسين كمال» الذي كان واقفاً خلف «عمر سليمان» خلال إعلانه تنحي «مبارك».. عقد الرجل مؤتمراً صحفياً يوم الثلاثاء الماضي، بعد أن ملأ الدنيا ضجيجاً قبل انعقاده بأنه سيفجِّر أسراراً خطيرة ضد جماعة الإخوان والرئيس، ثم انعقد المؤتمر؛ فإذا به مهزلة من مهازل «جبهة الإنقاذ»، وكان فضيحة بمعنى الكلمة؛ إذ حفل من أوله لآخره بوصلات من السباب والتحريض للشعب على الاصطفاف بجوار التمرد! ولم تغب عن المشهد مباركة شيخ الأزهر د. أحمد الطيب، عضو لجنة سياسات «الحزب الوطني» سيئة السمعة، الذي تشبث بعضويتها بعد تعيينه شيخاً للأزهر قائلاً ل«منى الشاذلي»: «الحزب الوطني والأزهر كالشمس والقمر لا غنى لأحدهما عن الآخر»! كما لم تغب مباركة «البابا» الذي أبدى أكثر من مرة امتعاضه من الحكم، ولم ينطق بكلمة واحدة تعليقاً على تحريضات قساوسة وفعاليات دينية من داخل الكنيسة ضد الرئيس، وعلى سبيل المثال، ذلك التحريض العلني من داخل «كنيسة قصر الدوبارة» على العنف في 30 يونيو، حيث دعت القائمة على القداس بالنصر يوم 30 يونيو قائلة: «الأسبوع القادم ساخن، ستبدأ فعاليات 30 يونيو؛ لذلك هنرش دم يسوع، وعدو الخير يرحل ميبقاش ليه مكان، هنرش دم يسوع على كل شوارع مصر وكل محافظات مصر، هنرش دمك على التحرير والاتحادية».. هذه دعوات دموية لحرب أهلية تصدر من إحدى الكنائس وسط صمت البابا، والسكوت هنا هو علامة الرضا. ويبدو أن البابا لم يسمع بتلك التصريحات التي تهاجم الإسلام نفسه، وتتوعد باقتلاعه من مصر: - «مايكل نبيل» قال: سنُسقط الشرعية، ولن تحكمنا الشريعة غصب عن الله ورسوله وجماعة المؤمنين. (حاشا لله). - الأنبا «موسى» قال: اخرجوا من كبسولة حلم الخلافة! في هذه الأجواء برزت موجة غير مسبوقة من التصريحات الإلحادية الفاجرة تسب الله تعالى ورسوله "صلى الله عليه وسلم" في سابقة غريبة، وها هي إحدى عضوات «حركة 6 أبريل» وعضوة حملة «تمرد» في الإسكندرية تسبُّ الله ورسوله، وتحرِّف بعض آيات القرآن الكريم في تدويناتها على «التويتر»، وقد سار على منوالها الأسود آخرون، وشجع هؤلاء على سبِّ الله ورسوله والدعوة لاقتلاع الإسلام تصريحات ومواقف التيار العلماني المتطرف الذي أسفر عن وجهه القبيح كقول «البرادعي»: «لن يرهبنا الحديث عن الأخلاق لوأد حرية الرأي». - حازم عبدالعظيم صديق «نظيف» والصهاينة: «لن نكتفي بالإخوان، وسننهي على الشيء إللي اسمه الإسلام السياسي في مصر». - عمرو حمزاوي: «لابد أن نكافح من أجل ألا تكون هوية مصر إسلامية». - حسين عبدالغني: «انهيار مصر بدأ من يوم أن دخل القرآن في الخطاب السياسي»! - فاطمة ناعوت: «القرآن به تناقضات»! - محمد أبو حامد: «القرآن به ألفاظ تجرح مشاعر الآخرين». - أحمد شفيق: «الدين لن يكون له دخل في السياسة بعد 30 يونيو». وبين هذا وذاك نتذكر تصريحات «البرادعي» التي طالب فيها بإقامة معابد ل«بوذا» في مصر، ومناشدة «الزند» ل«أوباما» بالتدخل في مصر. تلك الموجة الإلحادية دفعت شرفاء المعارضة للانفصال عنها وبراءتهم منها، وأبرزهم د. أحمد مهران، مدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية، الذي قال على قناة «الناس» يوم السبت الماضي عند إعلان انسحابه من «جبهة الإنقاذ» ومن المعارضة قبل 30 يونيو: «كنت مع المعارضة أبذل كل جهدي وطاقتي وخلاصة فكري في محاربة تيار الإسلام السياسي ومحاربة الإخوان، على اعتبار أن أساس الخلاف بيننا وبينهم هو خلاف فكري وخلاف سياسي أساسه المصلحة الوطنية والدفاع عن مستقبل مصر، وإقصاء المتطرفين، إلا أنني انكشفتْ لي الحقيقة، وعرفت أن الخلاف أساسه هو خلاف مع الإسلام، وأن الحرب ليست حرباً سياسية أو فكرية، وإنما هي حرب على الإسلام.. العداء للإسلام وهدم الدولة هو الهدف، فإما الفوضى والخراب وإما أن تكون المعارضة في سدة الحكم». وكشف: «مصر في خطر، والمعارضة وضعت مخططاً شديد الخطورة يبدأ بانهيار الشارع، وإثارة الفوضى والرعب بين المواطنين، والاتفاقات مع البلطجية وصلت إلى أعلى المستويات في مخطط يستهدف سرقة ونهب الممتلكات العامة والخاصة، وإحداث جرائم قتل وترويع، والاعتداء على المنشآت الحيوية ومؤسسات الدولة ونهبها، والانقضاض على السلطة من النتائج المترتبة على ذلك، والمقدمات ستدفع الناس إلى الخروج وتأييد الإطاحة بالتيار الإسلامي، ومن ثم القضاء على الإسلام وعلى المنهج السُّني في مصر». ولإكمال المشهد، فقد ظهر الكيان الصهيوني في قلب المعركة يقودها أو يوجهها أو ينسق معها دون مواربة، ولعلنا نتذكر قول «تسيبي ليفني»، وزيرة الخارجية الصهيونية السابقة، ومجرمة الحرب على غزة، وصديقة «أبو الغيط» و«مبارك» قولها: «مصر وتركيا ستدفعان ثمن خروجهما من حظيرتنا»! وقول وزير الدفاع الصهيوني «بوجي يعلون» أمام معهد واشنطن للدراسات الجمعة قبل الماضية: إن هدف حركة «تمرد» المناوئة للرئيس المصري «محمد مرسي»، هو أن تثبت بشكل واضح أن الإسلام ليس هو الحل. وكشف عن التحركات قائلاً: من خلال تخريب النظام الاقتصادي وإحداث خلل في النظام وكسر القانون أصبح الناس في مصر لا يشعرون بالأمان، استطعنا إثبات أن شعار «الإسلام هو الحل» أصبح «فاشلاً»، حسب وصفه. ثم أخيراً وليس آخراً قول رئيس الاستخبارات الصهيوني «أفيف كوخاف» على موقع وزارة الدفاع الصهيونية: «الفوضى التي تشهدها المنطقة العربية هي في مصلحتنا، خاصة أنها غير إسلامية وسيتواصل دعمها اقتصادياً لتستمر».. وهذا هو هدفهم الأكبر، ولن يتحقق بإذن الله تعالى، وسيكون يوم 30 يونيو نهاية سوداء لهؤلاء، ولن تتسع لهم يومئذ سوى مزبلة التاريخ!