اتهامات بتفكيك اتفاق السلام واستنفار عسكري لمواجهة "التمرد"    مناوي: من دواعي سروري أن يزورني الرفيق شيبة ضرار – فيديو    شاهد بالفيديو.. مودل حسناء تخطف الاضواء بثوب سوداني أنيق تم تطريزه بعلم فريق برشلونة    شاهد بالفيديو.. التيكتوكر السوداني "الصاروخ الصيني" يطلب من الحسناء الفلسطينية "دهب" الزواج ويتعهد بتحرير القدس مهراً لها والحسناء تصدمه (شايفاك خروف وأرنبة)    السودان: الحرارة تلامس 50 درجة و15 وفاة بالسحائي    المريخ يجري مرانه الرئيسي تأهبا للقاء سيد الأتيام    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تفاجئ الجميع وتضع (سفة تمباك) على الهواء مباشرة    *وصف جمعية عمومية كريمة بالمسرحية* *رئيس اتحاد الجنينة: ماضون في قضيتنا ومستعدون لجميع السيناريوهات*    ابوقرون ينقذ الموسم الرياضي ويقود التنمية المستدامة في ولاية نهر النيل.    صحة الخرطوم تعيد مستشفى حاج الصافي ببحري للخدمة بطاقتها القصوى    محاولة خطيرة في مطار القاهرة    شاهد بالفيديو.. ظهور لامين يامال في السودان.. طفل سوداني يتلاعب بزملائه في الملعب ويقدم فنون كروية مذهلة على طريقة نجم برشلونة ومحللون عرب يصوبون أنظارهم نحوه من أجل تسويقه    شاهد بالفيديو.. حسناء بالشرطة نادت على الطلاب الممتحنين.. وزارة الداخلية تطلق مبادرة لترحيل طلاب الشهادة السودانية من مراكز الإمتحانات    خطاب من صحن طائر: "عذرا على تأخرنا كنا نتفرج عليكم منذ قرون"!    مجلس المريخ يهنئ معتصم جعفر بفوزه برئاسة الاتحاد السوداني لكرة القدم    ذهب أفريقيا في قبضة 7 شركات.. قائمة ب10 دول تُنتج ولا تستفيد    موعد مباراة ريال مدريد وبوروسيا دورتموند في كأس العالم للأندية    ترامب يعلن موافقة إسرائيل على هدنة بغزة لمدة 60 يوما    ترامب: سأكون حازما مع نتنياهو بشأن إنهاء حرب غزة    والي الشمالية يخاطب الجمعية العمومية للإتحاد السوداني لكرة القدم    بعد زيارة رسمية لحفتر..3 وفود عسكرية من ليبيا في تركيا    بالانتصار الخامس.. الهلال يزاحم كبار العالم في المونديال    جوارديولا بعد الإقصاء من المونديال: بونو كلمة سر تأهل الهلال    البرهان يتلقى وعدًا من السيسي    إدارة المباحث الجنائية بشرطة ولاية الخرطوم تسدد جملة من البلاغات خاصة بسرقة السيارات وتوقف متهمين وتضبط سيارات مسروقة    جهاز المخابرات العامة في السودان يكشف عن ضربة نوعية    السودان يشارك في بطولة العالم للألعاب المائية بسنغافورة    جهاز المخابرات العامة في السودان يكشف عن ضربة نوعية    السودان.. خبر سعيد للمزارعين    لقاء بين"السيسي" و"حفتر"..ما الذي حدث في الاجتماع المثير وملف المرتزقة؟    مزارعو السودان يواجهون "أزمة مزدوجة"    رسائل "تخترق هاتفك" دون شبكة.. "غوغل" تحذّر من ثغرة خطيرة    الجيش السوداني يستهدف مخزن ذخيرة للميليشيا ومقتل قائد ميداني بارز    بعد تصريحات الفنان شريف الفحيل الخطيرة.. أسرة الفنان الراحل نادر خضر تصدر بيان هام وعاجل.. تعرف على التفاصيل كاملة    بالتنسيق مع الجمارك.. خطة عمل مشتركة لتسهيل وانسياب حركة الوارد بولاية نهر النيل    مصادرة"نحاس" لصالح حكومة السودان    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    مِين فينا المريض نحنُ أم شريف الفحيل؟    تيم هندسي من مصنع السكر يتفقد أرضية ملعب أستاد حلفا الجديدة    إبراهيم شقلاوي يكتب: خميس الفكرة والنغم وتقرير المصير!    جار التحقيق في الواقعة.. مصرع 19 شخصًا في مصر    مصري يطلق الرصاص على زوجته السودانية    تعثّر المفاوضات بين السودان وجنوب السودان بشأن ملف مهم    لاحظت غياب عربات الكارو .. آمل أن يتواصل الإهتمام بتشميع هذه الظاهرة    كيف نحمي البيئة .. كيف نرفق بالحيوان ..كيف نكسب القلوب ..كيف يتسع أفقنا الفكري للتعامل مع الآخر    السودان..قرار جديد لكامل إدريس    تراثنا في البازارات… رقص وهلس باسم السودان    يعني خلاص نرجع لسوار الدهب وحنين محمود عبدالعزيز..!!    مكافحة المخدرات بولاية بالنيل الابيض تحبط محاولة تهريب حبوب مخدرة وتوقف متهمين    استدعاء مالك عقار .. لهذا السبب ..!    مزارعو القضارف يحذرون من فشل الموسم الزراعي بسبب تأخير تصاديق استيراد الوقود    30أم 45 دقيقة.. ما المدة المثالية للمشي يومياً؟    وزارة الصحة تتسلّم (3) ملايين جرعة من لقاح الكوليرا    "أنت ما تتناوله"، ما الأشياء التي يجب تناولها أو تجنبها لصحة الأمعاء؟    ماذا يفعل كبت الدموع بالرجال؟    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زيارة أوباما الثانية لأفريقيا.. هل من جديد؟
نشر في السودان اليوم يوم 01 - 08 - 2015

أحمد حسين آدم* يتفق الكثيرون على أن الله حبا الرئيس باراك أوباما شخصية ذات ألق وجذب وبريق خاص، فكلنا يذكر كيف انهمرت الجماهير إلى شوارع وأزقة مدن كثيرة فرحا بانتخابه رئيسا للولايات المتحدة عام 2008.
وقد رأت فيه الملايين داخل الولايات المتحدة وخارجها، مخلصا ومنقذا يقود العالم إلى فضاءات السلام والحب والعدالة. وقد ساد الفرح بانتخابه الأول فضاءات واسعة شرقا وغربا، شمالا وجنوبا، كما رحب بمقدمه إلى البيت الأبيض حتى الذين كانوا يصنفون ضمن أعداء الولايات المتحدة.
ولعل السر في ذلك -من بين أمور أخرى- أنه ذلك الفتى القادم من أعماق مجتمع السود الأميركيين المضطهد، فهو ليس سليل المؤسسة والطبقة الأرستقراطية الأميركية البيضاء الحاكمة منذ تأسيس الاتحاد الأميركي.
هكذا إذن رأى فيه الحالمون بعالم أفضل نقطة فارقة تنقل العالم بأسره إلى مرحلة تاريخية جديدة، تنعتق فيها الإنسانية من حالة العداء والكراهية والظلم والحروب إلى رحابة السلام والحرية والعدالة والتعايش والرفاه.
ولا شك أن فوز أوباما حسّن صورة أميركا في العالم، وأعطى دفعة نوعية قوية لقوتها الناعمة كقوة خير تصالحت مع تاريخها المؤلم والمخزي المنغمس في درك العنصرية والعبودية ضد مواطنيها السود.
وقد كانت فرحة أفريقيا بفوز أوباما استثنائية، وكانت ثورة جياشة عارمة، وظاهرة جمعت مشاعر متناقضة عدة: الحزن، الفرح، الكرامة والإحساس بالذات، كيف لا وباراك هو ابن حسين أوباما، ابن أفريقيا وكينيا الذي هاجر إلى أميركا طالبا، وتزوج بأم باراك البيضاء، فجاء أوباما ثمرة لذلك الزواج التاريخي.
الأفارقة رأوا في فوز أوباما انتصارا رمزيا تاريخيا لهم، إنه الانتصار الذي بدل صورة الانهزام والدونية والفشل التي طالما ربطها البعض بصورة أفريقيا والذين ينحدرون من مهدها.
صحيح أنه انتخب رئيسا لأميركا وليس رئيسا لأي بلد أفريقي، إلا أن الأفارقة وضعوا آمالا عراضا في ابنهم أوباما. لكنهم سرعان ما استفاقوا على حقيقة أن أوباما هو رئيس أميركا، ويعمل ضمن المؤسسة الأميركية القديمة ذات الدوائر وجماعات المصالح المتعددة، حيث لا عواطف ولا مجاملات في رسم وتنفيذ الإستراتجيات وتحقيق المصالح الوطنية العليا لأميركا. فما أوباما إلا شخص انتخب عضوا طليعيا في ذلك الفريق الأميركي.
زيارة رمزية
لقد أنهى الرئيس أوباما زيارته لأفريقيا وكينيا أرض الأجداد، إنها زيارة تأتي في آخر شهور حكمه لأميركا (فهو كبط أعرج في المصطلح الأميركي)، لذلك فهي زيارة ذات طبيعة رمزية، كزيارة الرئيس جون كينيدي لأرض أجداده إيرلندا الجنوبية، حتى وإن حدثت فيها بعض الإنجازات هنا وهناك.
لذلك ظل أوباما والناطقون باسمه يرددون بصورة لافتة أنه أول رئيس أميركي يزور كينيا وإثيوبيا، وأنه أول رئيس أميركي يخاطب القارة مجتمعة، مذكرين بخطابه الذي ألقاه في غانا عام 2009، وبأنه أول رئيس أميركي يزور ويخاطب الاتحاد الأفريقي.
لكن السؤال المهم: هل الزيارة تأتي تجسيدا لسياسة أميركية أوبامية واضحة المعالم في أفريقيا؟ وبعبارة أخرى: هل لأوباما سياسة أو إستراتجية لأفريقيا مستقلة عن أسلافه من الرؤساء الأميركيين؟ يجمع كثير من المراقبين أن أوباما لم يطور سياسة مستقلة لأفريقيا.
صحيح أن زياته صاحبتها بعض الإشراقات، مثل مخاطبته للقمة العالمية لأصحاب الأعمال من الشباب، وتشجيعه لهم لاجتراح مبادرات شجاعة في هذا الجانب، كما قدم الكثير من الخطب الملهمة، فركز على شجب العنف والتمييز ضد النساء والبنات، وأجرى العديد من المشاورات والحوارات الإستراتيجية مع الاتحاد الأفريقي ومنظمة الإيغاد وبعض قيادات القارة.
وكان لافتا أيضا دعم أوباما القوي لعملية السلام في جنوب السودان والتي تقودها منظمة الإيغاد. لكنه في المقابل خيّب آمال السودانيين الذين لم تحظ أزمات ونزاعات بلدهم الدامية المعقدة باهتمام يذكر، ضمن أجندات هذه الزيارة. إلا أن كل هذه المحاور لم تشهد اختراقات إستراتيجية حقيقية يمكن أن نصفها أو نسميها إرث أوباما وإنجازاته في أفريقيا التي يمكن أن تميزه عن أسلافه، خاصة أن اسمه ارتبط بهذه القارة، أرض أجداده وأسلافه الأولين.
على خطى الأسلاف
يعزو الكثيرون عدم قدرة أوباما على تحقيق إنجازات إستراتيجية وتاريخية في أفريقيا، إلى غياب سياسة أو إستراتيجية باسمه، فالرجل لم يطور سياسة أو رؤية مستقلة للقارة الأفريقية تختلف عن سياسة أسلافه، خاصة بيل كلينتون وجورج بوش الابن.
كما أن هناك مشكلة بنيوية في علاقة أميركا بأفريقيا، فابتداء لم تكن أميركا تهتم كثيرا بأفريقيا، فالقارة كانت في هامش أولويات السياسة والمصالح الأميركية الخارجية منذ بداية الخمسينيات وحتى بداية التسعينيات من القرن الماضي.
وفي مرحلة الحرب الباردة كانت أجندة وغايات أميركيا تقوم على كسب أو تحييد دول القارة في غمرة الصراع الأيدولوجي بين الغرب والشرق. لكن بعد نهاية الحرب الباردة وعند إعلان بوش الأب ما يسمى النظام العالمي الجديد طرأ بعض الاهتمام الأميركي بالقارة على صعيد المساعدات والعلاقات العسكرية التي لا تقوم على سياسة وإستراتيجية أميركية واضحة المعالم.
أما الرئيس كلينتون فقد وجد للقارة مكانا ضمن رؤيته للعالم التي تأسست على مبادئ العالمية الليبرالية، ومبدأ المواطن العالمي، والعولمة، ومبدأ التدخل الإنساني والتجارة الحرة وحتمية التداخل والتشابك بين مشاكل العالم.
ورغم أن كلينتون كان يستخدم مصطلح "الشراكة" في خطابه ومقاربته للعلاقات الأميركية الأفريقية، فإنه كان يرى في أفريقيا خطرا يمكن أن يصدر وينتقل إلى أميركا والعالم بأسره، ما لم تكن هناك سياسة أميركية إيجابية للتعامل مع مشاكل وتحديات أفريقيا، خاصة بعد تدخل إدارته الفاشل في الصومال واستهداف عدد من المصالح الأميركية في شرق القارة السمراء.
ولذلك طور الرئيس كلينتون لأول مرة سياسة وإستراتيجية في أفريقيا ذات أهداف محددة، تقوم على دمج أفريقيا في الاقتصاد العالمي ومنع المخاطر النابعة من أفريقيا إزاء الأمن القومي الأميركي.
أما جورج بوش الابن فقد ربط إستراتيجيته في أفريقيا بالحرب على الإرهاب بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، وكانت له إستراتيجة واضحة ركزت على الصحة والتنمية، كما دمجت برامج التنمية بالمبادرات الأمنية، حيث وثق بوش سياسة أميركا في أفريقيا بالإطار الواسع للحرب على الإرهاب والتعاون العسكري العالمي.
سياسة بوش في أفريقيا تأسست كذلك على حقيقة أهمية أفريقيا كمصدر للطاقة بأنواعها المختلفة، كبديل لبترول الشرق الأوسط الذي تحيطه مخاطر الإرهاب حسب قناعة إدارة بوش، كما أن همه كان يتركز على منع انتشار الإرهاب في أفريقيا التي توجد فيها كثير من الدول الفاشلة والضعيفة غير القادرة على السيطرة على أجزاء واسعة من أراضيها الغنية بالموارد الطبيعية والتي يمكن أن تستخدمها الجماعات والمنظمات الإرهابية العابرة للقارات.
آفاق وتحديات
يرى كثير من المراقبين أن أوباما حقق العديد من الإنجازات على الصعيدين الداخلي والخارجي، والتي يمكن أن تحسب ضمن إرث حكمه الآفل في غضون شهور معدودة، مثل الإصلاح التاريخي في نظام التأمين والرعاية الصحية بالولايات المتحدة، وإعادة العلاقة مع كوبا والاتفاق النووي مع إيران، غير أن إنجازاته وإرثه في أفريقيا كان دون التوقعات، فقد خيب آمال وأشواق الكثيرين لكونه أول رئيس أميركي أسود ينحدر من أفريقيا.
وكما أوضحنا سابقا، فهو لم يطور سياسة أميركية مستقلة في أفريقيا، وقد أسس سياسته على سياسات وإستراتيجيات كلينتون وبوش، لكنه تميز بأسلوب جديد يقوم على منهج التشاور والحوار مع الدول الأفريقية والاتحاد الأفريقي كإطار للتكامل والعمل الإقليمي المشترك.
صحيح أن أوباما عقد قمة للشباب الأفريقي، إضافة إلى القمة الأفريقية الأميركية التي نظمتها إدارته بواشنطن في أغسطس/آب 2014، بيد أن هذه المبادرات لم تحقق أهدافها المرجوة، فمثلا نجد أن مبادرة أوباما للطاقة التي وعدت بتزويد 20 مليون مواطن أفريقي بالكهرباء، لم تنفذ حتى الآن لغياب التمويل.
وفيما يتعلق بخطابات أوباما عن تحديات ومستقبل أفريقيا فقد كانت ملهمة، مثلما لاحظنا نداءه المستمر بأن أفريقيا تحتاج إلى مؤسسات قوية لا إلى قادة أقوياء، كما أن أوباما بحّ صوته وهو يطالب القادة الأفاقة بمحاربة داء الفساد وتطبيق أسس الحكم الرشيد.
إذا كنا قد عددنا العوامل السالبة في سياسات أوباما تجاه أفريقيا فذلك لأننا نعبر عن الملايين في أفريقيا الذين أحبوه ووضعوا فيه آمالا كبيرة. وكما ذكرنا سابقا، فإن لأوباما إشراقات في أفريقيا، فقد ارتفع الدعم الأميركي لبرنامج المساعدات الإنسانية والتنموية لأفريقيا من 1.7 مليون دولار عام 2008 إلى 6.7 ملايين عام 2013. كما أن الكثيرين أشادوا بالدور القيادي الجاد للرئيس أوباما في مواجهة وباء الإيبولا.
كان الأمل أن ينعتق الرئيس الأميركي الحالي من سياسات أسلافه، فيحث الشركات الأميركية على الاستثمار في الدول التي تتبنى النهج الديمقراطي والحكم الرشيد، وليس الاستثمار في الدول المستبدة الغنية بالموارد.
بكلمة أخرى استمر أوباما على نهج من سبقوه حيث لم يعد الحكم الرشيد معيارا راسخا لاستثمارات الشركات الأميركية، والتي تسهم بدورها في دعم وباء الفساد، الذي يحرم أفريقيا من مليارات الدولارات سنويا.
"أمام الولايات المتحدة فرصة تاريخية بأن تضع أفريقيا في قلب أجندة أولويات سياستها الخارجية، وعليها أن تتحرك خارج إطار مصالحها الوطنية الضيقة إلى رحابة الشراكة الإستراتيجية مع القارة، عن طريق بناء وتعميق مؤسسات الشراكة والتعاون"
لا شك كذلك أن أوباما استمر في تنفيذ البرامج العسكرية والأمنية التي بدأها سلفه بوش في إطار الحرب على الإرهاب، كالوجود العسكري الأميركي ضمن "أفريكوم" في جيبوتي وعمليات الطائرات بلا طيار في الصومال ومالي.
مهما يكن من أمر، فعلى قادة أفريقيا أن يتحملوا مسؤولية قاراتهم، فإذا وجدت القارة قيادة رشيدة وإرادة قوية، يمكنها أن تعتمد على ذاتها وتشارك بفعالية في قيادة العالم. ففي أفريقيا اليوم دول كثيرة تقدم قصصا ونماذج لنجاحات كثيرة في مسيرة الديمقراطية والحكم الرشيد. لكن ما زالت القارة تعاني من النزاعات الدموية والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والإرهاب والفساد.
يجب أن تواجه قيادات وشعوب القارة هذه التحديات بقوة وإرادة جمعية، وعلى الاتحاد الأفريقي أن ينفتح على شعوب القارة ليكون منبرا حقيقيا لها وليس منبرا للحكام الطغاة. وعلى القارة أن تبني مؤسسات التكامل والتعاون الإقليمي لترسيخ قيم الديمقراطية والحكم الرشيد وعدم الإفلات من العقوبة.
إن أمام الولايات المتحدة فرصة تاريخية بأن تضع أفريقيا في قلب أجندة أولويات سياستها الخارجية، وعليها أن تتحرك خارج إطار مصالحها الوطنية الضيقة إلى رحابة الشراكة الإستراتيجية مع القارة، عن طريق بناء وتعميق مؤسسات الشراكة والتعاون.
ورغم تحفظنا على بعض جوانب السياسة الصينية في أفريقيا، فإن على أميركا والغرب الاستفادة من التجربة الصينية في الشراكة العملية الندية مع أفريقيا، والتي تعتمد على إنشاء المشروعات والمؤسسات الحقيقية على أرض أفريقيا.
صحيح أن أوباما كان يريد أن يكون حل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي ضمن إرثه في الحكم، وربما الاختراق في الملف النووي الإيراني، ولكن يجب أن يغذ السير في نهاية حكمه نحو إنجازات واضحة في أفريقيا، أرض الأجداد ومهد الحضارات، فما زال هناك بعض من وقت إذا توفرت الإرادة.
*سياسي وأكاديمي سوداني مختص بالقانون الدولي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.