سبعة أيام فقط تفصل الملكة إليزابيث الثانية لتصبح العاهل البريطاني الذي تولى العرش أطول فترة بين ملوك المملكة التي لا تغيب عنها الشمس، وهو رقم قياسي تنوي الاحتفال به دون أي بهرج، ويبدو أنها ستكتفي بالتزاماتها الرسمية المدرجة في نشاطها الملكي المعتاد. العرب [نُشر في 03/09/2015، العدد: 10027، ص(12)] لم يسبق أن تربع أحد ملوك المملكة المتحدة على العرش مدة 64 عاما لندن - ستتجاوز الملكة إليزابيث الثانية حكم قريبتها الملكة فيكتوريا التي بقيت على العرش 63 عاما و216 يوما (22 يونيو 1837 و20 يناير 1901) عندما تحل الساعة الرابعة والنصف بتوقيت غرينتش الأربعاء المقبل. ووفق المؤرخين والسياسيين فإن التوصل إلى تحديد الساعة بشكل دقيق أمر صعب لأن الملك جورج السادس والد الملكة، توفي أثناء نومه في ساعة لم يعلن عنها القصر الملكي أبدا. وتأمل ملكة بريطانيا في إحياء هذا الحدث بعيدا عن المراسم والاحتفالات وستكون بحلول توقيته في أسكتلندا، حيث تمضي عادة فصل الصيف هناك، ويتزامن ذلك اليوم مع تدشينها خطا جديدا لسكك الحديد. ويعتقد البريطانيون أن هذا النشاط يعكس صورة حكمها الذي تميز منذ توليها العرش في 1952 بروح الواجب وهو أسلوب ورثته عن والدها وجدها جورج الخامس. ويعتبر المؤرخ ديفيد ستاركي أن الملكة إليزابيث الثانية حققت رقما قياسيا في الاستقامة التي لا غبار عليها وهي تحظى باحترام كبير جدا. وقال "تؤدي دورها بعزة. وفي حقبة التعبير المفرط عن المشاعر، تحكم البلاد بنهج قديم بعض الشيء". كما يلفت أندرو غيمسن الذي أصدر قبل فترة قصيرة كتابا عن الملوك البريطانيين منذ العام 1066 إلى أنه من غير المعتاد أن يتوج الملك شابا ويعيش لفترة طويلة جدا. وصرح لوكالة الصحافة الفرنسية قائلا إنه "بشكل عام لا يتوج الملك أو الملكة في عمر شاب أو أنهم يتوجون في عمر شاب لكنهم يموتون أيضا في سن مبكرة". وهو يرى أن حكم الملكة الحالية سيعتبر إنجازا رائعا لأنها تمكنت من البقاء راسخة على العرش طوال فترة تميزت بالكثير من التغيرات الاجتماعية والاقتصادية الهائلة طيلة عقود. وفي حين شهد عهد الملكة فيكتوريا وصول الإشعاع البريطاني إلى ذروته مع إمبراطورية عالمية وتوسع صناعي صاروخي، تميز عهد الملكة إليزابيث الثانية بتقلص أفق البلاد. نشاط الملكة يعكس تميز حكمها طيلة عقود بروح الواجب، وهو أسلوب ورثته عن والدها وجدها فقد طبع عهد الملكة الحالية بعملية إعادة الإعمار التي تلت الحرب العالمية الثانية وتفكك الإمبراطورية البريطانية والتقارب مع أوروبا، فضلا عن الانهيار الاقتصادي في سبعينات القرن الماضي وعودة النمو في الثمانينات والاضطرابات في أيرلندا الشمالية وتدفق المهاجرين بأعداد هائلة ما غيّر وجه البلاد. ولعل الأزمة الشخصية التي واجهتها الملكة كانت من أبرز المحطات السيئة التي مرت بها، مع طلاق ثلاثة من أولادها الأربعة وعدم فهم كامل من البريطانيين لتأخر ردة فعلها على وفاة الأميرة ديانا، في تناقض تام مع موجة التأثر التي عمت الشعب، إلا أنها عرفت بعد ذلك كيف تستميل تأييده. ومع استمرارها لهذه الفترة الطويلة، باتت العائلة المالكة تضم الآن أربعة أجيال وهو أمر غير مسبوق منذ عهد الملكة فيكتوريا. ويحمل ابن الملكة البكر الأمير تشارلز (66 عاما) رقما قياسيا وطنيا أيضا وهو وريث العرش الذي ينتظر تولي المنصب منذ أطول فترة، فهو ولي العهد منذ كان في سن الثالثة، فيما يحتل ابنه الأكبر الأمير وليام المرتبة الثانية في الترتيب ويليه ابنه الأمير جورج البالغ سنتين. وتقول الباحثة في جامعة "بليموث" غوديث روبوثام إن الملكة حكمت البلاد لفترة طويلة جدا يصعب معها تصور البلاد من دونها. وفي تمهيد كتاب "إليزابيث: ذي ستيدفاست" وهي سيرة جديدة للملكة البريطانية وضعها وزير الخارجية السابق دوغلاس هيرد، يقول دوق كامبريدج الأمير وليام إن جدته تعد قدوة حياة في خدمة الشعب، وحيا لطفها وحسها الفكاهي. وإلى جانب المملكة المتحدة، تحكم الملكة 15 بلدا آخر من بينها كندا وأستراليا وجامايكا، وهي عميدة سن الملوك والملكات في العالم منذ وفاة العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز في يناير الماضي عن عمر ناهز ال90 عاما. إلا أنها ليست صاحبة أطول عهد على الصعيد العالمي، فملك تايلاند بوميبول أدوليادي البالغ 87 عاما، اعتلى العرش في العام 1946 أي قبلها بست سنوات.