حزب العمال البريطاني يخرج من حالة الغموض التي تسود موقفه من الاستفتاء على البقاء في الاتحاد الأوروبي، ويعلن تأييده لبقاء بريطانيا في وقت يعيش فيه المحافظون على وقع اختلافات عميقة بين أعضائه حول المسألة نفسها. العرب [نُشر في 11/06/2016، العدد: 10303، ص(5)] حزب العمال أكثر تماسكا لندن - بادر حزب العمال البريطاني، الجمعة، إلى التعبير بصوت قوي عن معارضته لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي خلافا للموقف المتكتم لرئيسه جيريمي كوربن، فيما الحزب المحافظ منقسم قبل أسبوعين من الاستفتاء. وقال نائب رئيس حزب العمل، توم واتسون، إن التصويت لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي في الاستفتاء "ستنشأ عنه حالة طارئة في الموازنة واقتطاعات إضافية في القطاع العام وزيادات ضريبية"، مستندا إلى تقرير لمعهد الدراسات حول الميزانية. من جهته حذر الزعيم السابق للحزب إد ميليباند، المرشح سابقا لرئاسة الوزراء من أن الخروج سيؤدي إلى "تفتت حقوق العمال". كما حذر رئيس وزراء بريطانيا السابق، توني بلير، من أن التصويت لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي في الاستفتاء المقرر في 23 يونيو سيهدد وحدة المملكة المتحدة عن طريق تقويض السلام في أيرلندا الشمالية وتشجيع حركة الاستقلال في إسكتلندا. يجري هذا الجدل وسط "حرب داخلية" يشهدها الحزب المحافظ المنقسم بشأن الاقتصاد والهجرة، فيما يسعى حزب العمال إلى إسماع صوته بالتركيز أولا على محاربة التفاوت الاجتماعي وحماية الوظائف. وتأتي هذه التصريحات تزامنا مع تأكيدات العديد من الشركات الأوربية ومؤسسات المال تأييدها لمعسكر بقاء المملكة ضمن الاتحاد الأوروبي. وتدرس الكثير من المؤسسات المالية تداعيات فوز معسكر الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، على الرغم من أن معظم استطلاعات الرأي العام تشير إلى تفوق المؤيدين للبقاء بفارق ضئيل. ومع قول المحللين إن خروج بريطانيا يمكن أن يكلفها خسارة نحو 100 ألف وظيفة في الخدمات المالية وسط تباطؤ النمو الاقتصادي وتراجع قيمة الجنيه الإسترليني، بدأت بعض الشركات في وضع خطط طوارئ استعدادا للتعايش خارج الاتحاد الأوروبي. لكن رغم تأييد غالبية 61 بالمئة من الناخبين اليساريين البقاء في الاتحاد الأوروبي، مقابل 26 بالمئة يرفضونه بحسب استطلاع لمؤسسة يوغوف، تواجه هذه الأكثرية مصاعب في تعبئة الصفوف. فالكثيرون من أعضاء حزب العمل يتهمون زعيمه جيريمي كوربن المعروف برفضه للاتحاد الأوروبي بالتلكؤ والفتور في الدفاع عن البقاء في الاتحاد. وحرص كوربن، الشخصية المخضرمة في الحزب، على البقاء خارج الخطابين المتواجهين، في موقف مثير للتساؤلات. فهو يتفادى من جهة وسائل الإعلام التي يبغضها، ورئيس الوزراء المحافظ ديفيد كاميرون من جهة أخرى ويرفض ربطه به في هذه الحملة. لكن النائب العمالي آندي بورنام رأى حاجة طارئة إلى ذلك وقال "هناك خطر حقيقي بعد أسبوعين إذا اختارت بريطانيا العظمى العزلة. هذا سيؤثر بعمق على أمتنا ويثير التفتت والخوف والانقسام". كذلك صرحت النائبة العمالية أنجيلا إيغل قائلة "أواجه المحافظين طوال حياتي...لكن هذا الاستفتاء ليس مع الحكومة أو ضدها، بل يتعلق بشأن مستقبل بلدنا وحزب العمال يؤمن بشغف أن هذا المستقبل يكمن في كنف الاتحاد الأوروبي". ونظرا إلى الصمت شبه التام لرئيس الحزب قررت قياداته المبادرة إلى رفع الصوت. وقال ميليباند، الجمعة، عبر القناة الرابعة لإذاعة ال"بي بي سي"، "لم نبذل جهودا كافية. يجب تحسين الأداء"، موضحا أن "عددا كبيرا جدا من ناشطينا يجهل موقفنا من هذا النقاش، فيما أعرب 95 بالمئة من النواب العماليين وجميع قادة النقابات والرؤساء السابقين للحزب وجيريمي كوربن عن تأييد البقاء في الاتحاد الأوروبي". وشدد ميليباند على أن الصعوبة التي واجهها حزب العمال في إسماع صوته حتى الآن ناجمة كذلك عن "أن الخصومات داخل الحزب المحافظ تطغى على الحملة"، مشيرا إلى الخلاف بين كاميرون ورأس حربة المشككين بأوروبا بوريس جونسون. وشهد الجمهور البريطاني على حدة هذه الانقسامات مساء الخميس في مناظرة على قناة "أي تي في" بين جونسون وخمس سياسيات من المعسكرين. ووجهت وزيرة الدولة لشؤون الطاقة امبر راد هجوما مباشرا إلى رئيس بلدية لندن السابق زميلها في الحزب وقالت إن "الرقم الوحيد الذي يهمه هو 10′′، في إشارة إلى عنوان مقر رئاسة الوزراء البريطانية. كما اتهمته مع معسكر الخروج بالتلاعب بالأرقام خصوصا تلك المتعلقة بمساهمة بريطانيا في ميزانية الاتحاد الأوروبي. وفي أوساط حزب العمال تبدو الأجواء أقل حدة، ولو أن نائبيه المخضرم دنيس سكينر وجون مان، أعربا، الجمعة، عن تأييد الخروج من الاتحاد الأوروبي.