الفاشر 10 مارس 2017 يقطع سكان بعض القرى بالمناطق الشمالية لولاية شمال دارفور، غربي السودان، عشرات الكيلومترات وسط الكثبان الرملية والصخور الحجرية على ظهور الدواب خاصة الحمير للحصول على المياه. نازحون جدد في انتظار توزيع المياه بالقرب من موقع (يوناميد) في سورتوني، شمال دارفور..صورة من "يوناميد" وتؤرق أزمة المياه وصعوبة الحصول عليها بوحدة الصياح الإدارية أكبر الوحدات بمليط، نحو 40 كلم شرق مدينة مليط والتي تبعد بدورها 60 كلم شمال الفاشر عاصمة الولاية، مضاجع السكان. وأصبح هم السكان اليومي كيفية الحصول على المياه الذي يعتبر أغلى سلعة. تجولت "سودان تربيون" في تلك المناطق التي تشبه واحة صحراوية نائيه تحيطها بعض الكثبان الرملية وسلاسل من الصخور الجبلية تفصلها مجارٍ مائية حيث أن رحلة البحث المستمر عن الماء سلوك يومي للسكان اعتادوا عليه. سليمان أحمد وعلي محمد صالح فتية لا تتجاوز أعمارهم عشرة سنوات يمتطون حمارين عليهما حاويات مياه فارغة وتبدو على الصبيين علامات البؤس وهما في طريقهما لبئر على مسافة عشرات الكيلومترات. ويقول الصبيان ل "سودان تربيون" إنهما يومياً على هذه الحالة ولا يعرفون عن المنتزهات والتلفاز شيئاً وليس لديهم زمن لأداء أي مهام أخرى "هكذا نفعل كما فعل أباؤنا قبلنا.. نجلب الماء ثم نعود لتكرار ذات المهمة في اليوم التالي". وعند مصدر المياه تسحب الأم "زكية" وطفلتها ذات الخمسة أشهر الماء من داخل البئر عبر بالدلو ووهي تزاحم السكان وماشيتهم. تقول زكية وهي تحاول إسكات رضيعتها "الحصول على الماء أكبر المشكلات التي نعاني منها.. الآبار القديمة قد جفت وأصبحت بلا مياه كما أن معظم المضخات اليدوية تعطلت ولا يوجد وسيلة لنا لجلب الماء إلا عن طريق هذا الآبار". ويؤكد عمدة المنطقة عبد الحميد آدم ل "سودان تربيون" إن المنطقة "الصياح" تشهد أزمة حادة في المياه حولت حياة معظم السكان الى معاناة ومكابدة مستمرة، مضيفا "أن الهم الأول والأخير وهاجس الأهالي هو البحث المتواصل عن الماء. ويتابع العمدة: "هناك عدد من المواطنين يسكنون في قرية بعيدة تسمى (ود توتو) يخرج الشخص فيهم من الصباح الباكر ثم ينام الليل في منتصف الطريق ليعود في اليوم التالي بالماء، قائلا "المياه هاجس يؤرق الكبار والصغار". ويقر معتمد محلية مليط عبد الكريم يوسف يعقوب بوجود مشكلة حقيقية في الحصول على المياه الصالحة للشرب بالمنطقة، ويقول ل "سودان تربيون" إن هناك من يذهب لمدة 8 ساعات على حمار من أجل جلب الماء، وزاد "البعض ربما لا يصدق لكنها حقيقة نعيشها.. العطش بالمحلية مشكلة أساسية للمواطنين ولكن العافية درجات". ويشير المعتمد إلى اهتمامه بقضايا المواطنين خاصة فيما يتعلق بتوفير المياه مبينا أن المحلية ستشهد الفترة القادمة قيام مشروع سد "الصياح" بدعم من الأممالمتحدة وعدد من الخيرين، يكشف عن حفر خمسة آبار في الاتجاه الغربي من المنطقة بالتنسيق والتعاون مع وزارة التخطيط العمراني بشمال دارفور. يذكر أن الحل الجذري لمشكلة المياه بالمحلية يكمن في نقلها من منطقة "ساني حياة" الى مليط حيث أن المحلية تقع في منطقة الصخور الأساسية ونسبة المياه فيها ضئيلة. ويضيف المعتمد "استقبلنا الأسبوع الماضي 13 مهندسأ من إدارة السدود وتم إجراء العديد من الدراسات الخاصة بتشييد السد". وأعلنت الحكومة في وقت سابق مشروع "زيرو عطش" للقضاء على نقص المياه ولكن المشروع لم يرى النور في عدد من أرياف دارفور حتى الآن حيث يشهد الإقليم صراعا مسلحا منذ العام 2003 . وما يزال المواطنون في دوامة البحث اليومي عن الماء الأمر الذي يتطلب بذل المزيد من الجهد للقضاء على العطش.