يظل إصطلاح ( عودة طوعية ) محل نظر ، وربما ريبة ، فالظروف التي تحدث فيها هذه العودة من معسكرات النازحين واللاجئين بدارفور ، ومآلاتها التي لا تخرج في الغالب من اثنين : إما النزوح من جديد لتدهور الوضع الأمني في قرى العودة هذي ، أو الموت هناك أثناء هجوم مسلح من مجهولين ، ما يجعلنا نبحث عن إعادة تسمية تستوعب حقيقة ما يحدث. أصبحت عمليات القتل مجهولة الجناة أمراً عادياً في مناطق ( العودة الطوعية ) ، حتى ، ولكثرتها ، أضحى لا يتوقف عندها أحد ، تنزلق من فوقها الأعين لتتجاوزها لغيرها من الأخبار ، فهؤلاء نازحين ولاجئين بالكاد يتعرف أحد على هوياتهم ، مجرد ناجين من الحرب لم يوفقوا للنجاة حتى نهايتها . وتأتي فداحة ما يحدث لهؤلاء الضحايا، من كونه فعل يتم التواطوء فيه ، بين الجهات المنوط بها حمايتهم ، أو هكذا يُعتقد ، فعل القصد منه تفريغ معسكرات النازحين واللاجئين ، لأنها كواشهد القبور ، تدل على من فيها ، تذكر الناس بوجود الحرب وانعدام الأمن ، وتؤكد أن السلام ، لا يتحقق بالإعلان عنه فقط ، وإنما بانجاز عملية هامة وحيوية ، تبدأ وتنتهي بضحايا الحرب أنفسهم ، تتمثل في تحقيق العدالة ومحاسبة الجناة ، وانجاز اتفاقيات تعالج الأسباب التي قامت الحرب من أجلها ، ثم بنهاية العملية تتم عودة الضحايا إلى أماكنهم التي فروا منها مرغمين. لكن ان يتم إجبارهم على تفريغ المعسكرات بالتهديد والوعيد من السلطات تارة ، وبتجويعهم بتخفيض حصتهم من الغذاء من قبل برنامج الغذاء العالمي تارة أخرى ، و بالسماح للمسلحين باجتياح المعسكرات وإفشاء الفوضى فيها، بغرض إرهابهم مرات أخرى ، فهذه تسمى عودة تحت التهديد بالتجويع والقتل. لذلك على النظام وشركاءه في مشروع العودة الطوعية ؛ برنامج الغذاء العالمي ،والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين ، وجمهورية تشاد ، اعتماد تسمية أكثر صدقية ودقة ، تتناسب وما يفعلونه بهؤلاء المواطنين بعد أن أصبحوا الآن ضحايا مرتين ، مرة عندما أخرجتهم الحرب من بيوتهم ، وأخرى عندما أُعيدوا إليها ، ( بلا مُشهاد ) ليُدفنوا فِيهَا.