حالة الانيما الفكرية (intellectual mediocrity) ادمان ممارسة الكذب (عدم الامانة الفكرية (intellectual dishonesty) انعدام خصلة الإحساس بالمسؤولية irresponsiblity - تقمص لبوس القبلية tribalism - استهداف القبائل لاشعال نار الفتنة القبلية هواية لعب دور المخرب (agent sabotuer) ضرورة المرحلة تقتضي المقاومة الشرسة ، بضراوة و بلا هوادة عقلية هذه الظواهر المتلازمة.... علي ترايو ان معاناة الانتلجنسيا السودانية (يمينها و يسارها للاسف) لم تقف في حدود حالة الانيما الفكرية الحادة low intellectual capability و هي من متلازمات ما تسمي في علم السيكلوجيا ب *Catatonic schizophrenia - شيزوفرينيا الكاتاتونية (التي ورثتها الانتلجنسيا السودانية من معين ثقافة الخازوق التركية الخشنة و ذادت من حدتها تحت وطاة ثقافة الطائفية و ترعرعت تحت تأثيرات حالة الاستلاب الفكري. مثل هذه الحالة لا تنتج غير كائن بلطجي و مهرجل او مهووس غير مبالي و محب للادعاء و الكذب و الخداع و الذي يسعي دائما الي تغطية عورات عجزه الفكري عن طريق الكذب و الخداع. و هو ما يعني تخريبا لمجتمعه (بوعي او من دون وعي). اية نخبة فكرية التي تعيش في مناخ الحالة المزرية اعلاها و تمارس الكذب و الخداع و تعمل علي صب زيت الفتن في نار مجتمع هش سوف لا يرجي منها ان تلعب دور استشراف مستقبل مشرق لبلاد هي في حافة الهاوية. النقطة المركزية هنا هو ممارسة جريمة الكذب و نسج المؤامرة و حبك القصص و المخادعة في تضليل الرأي العام لدوافع مبعثها الحقد. و تتم كل ذلك تحت دعاوي الممارسة الفكرية و بحجة ايراد الخبر او تحليله. كل تلك الحالات تقتل الموضوعية و تعبث بالمصداقية الفكرية و فيها تنعدم الامانة العلمية و يصبح الامر دربا من ممارسة العنصرية القحة. اكثر ما يؤلم هو ان ممارسة هذا العبث التراجيدي لا يقف عند اليمين بل تشمل عناصر شتي من فئة اليسار. حتي لا نتهم بأننا نرسل الحديث علي عواهنه من دون ادلة ، ضروري ان نورد هنا ثلاثة نماذج حية في استهداف القبيلة تمت تحت غطاء الانتلجنسياوية: اولها: هي تلك الفرية والفتنة التي اطلقها واثارها الاسلامي الصحفي الراحل محمد طه محمد احمد حينما كتب في صحيفته (الوفاق) واصفا قبيلة الفور باكملها بانها مصدر الدعارة و منبع الشرور في السودان !. بالطبع هذا الاستفزاز الوقح (التهمة الاثمة) قد أغضب كما هو متوقع طلاب ابناء قبيلة الفور في الجامعات و اجج مشاعرهم و قد انتهت القصة بنهاية تراجيدية مريبة لا يعرف الشعب السوداني تفاصيلها او نهايات الحكم فيها حتي الان. ثانيها: هناك ايضا ما اثاره الاسلامي العجوز عبدالجليل الكاروري ضد قبيلة الزغاوة حينما وصفها في ندوة عامة (في منتصف التسعينيات) بجامعة الجزيرة بأن ( الزغاوة سبط من اسباط اليهود و انها مصدر تهديد للامن القومي في السودان) !!! تلك الحادثة ايضا اثارت حفيظة ابناء قبيلة الزغاوة في الجامعات ، و هاجموا فيها الكاروري و كادت ان تنتهي الي كارثة و قد اعتذر الجانى (كما قيل) عن هذا الاعتداء السافر في حق القبيلة. اما الثالث: هو ما نشره الدكتور احمد طراوة في الاسافير في حق قبيلة الزغاوة قائلا: (( حمدتي و برهان مع مني اركو و جبريل بعملوا في اعادة ترسيم لخرطة دارفور السياسية الاجتماعية، بضربو في المساليت و الفلاتة و بعد داك التاما و البرنو و كل المكون الافريقي ( نفس العقلية الكيزانية ). و الرغاوة ح يقيفوا محايدين بحكم انتمائهم الخرطومي الجديد ...الان دي دورة تانية ، بواصلوا برتبوا و بوزعوا في الحواكير عبر التهجير و الضم ( تمظهرات عملية التراكم الابتدائي .. الوضع في دارفور محتاج ل جبهة جماهيرية واسعة تتجاوز منبر حمدتي و تتجاوز حكومة حمدوك العاجزة.)). يعتبر حديث د.طراوة هذا اعتداء سافر عند الكثيرين لانه حاول عن قصد و مع سبق الاصرار جر القبيلة في دائرة الاتهام و تجريمها في قصص لا ناقة لها فيها و لا جمل. بدلا من محاولة نقد قادة الحركات (الذين ينتمون الي القبيلة) كشخصيات عامة قيادية باية حجج موضوعية قد تكون في حوزته ، الا انه للاسف قفز الي هدفه الاصلي (كما يبدو جليا من الصياغ) بقصد اشعال فتنة قبلية ! علي الصعيد الشخصي (و اكاد اجزم عن كثيرين مثلي) قد ذهلت كثيرا و من المنحي الذي سلكه او ذهب اليه د.طراوة في تناوله للموضوع لا لسبب اخر غير انه يدعي التقدمية في التفكير و في المنهج و السلوك و هو ما يناقض بكل تاكيد منهج التفكير التقدمي و بل قد داسه بالقدمين. يهمنا جدا ان ننبه و نذكر الجميع بان افة الكذب الفكري "intellectual dishonesty" هي ظاهرة لا تقل خطورتها في تدمير المجتمع من مفعول جائحة الكورونا او القنبلة و لذلك فان وجوب القتال ضدها و اطفاء ما يمكن ان تشعلها من فتن هو واجب يقتضي حشد و تعبئة كل الاسلحة السياسية و الفكرية... في سودان الثورة ان وجوب مقاتلة ثقافة الكذب يقتضي تعبئة الجماهير و محاصرة الكذابين و تعريتهم تصبح من مسؤولية الجميع. في مثل هذه الاجواء الهشة اري من الضروري ان يقف الجميع في النقاط الاتية للتامل حولها: 1. لماذا يا تري تلجأ الانتلجنسيا السودانية باصرار الي حيلة ممارسة الكذب التي اثبتت انها لا تجلب غير الشرور و دمار المجتمعات ؟ 2. الا يري المحللون و السياسيون و المثقفون و الاعلاميون ان "قوز قزح" قواعد اللعبة في السياسة السودانية قد تغيرت بمائة و ثمانون درجة (او علي نحو من تلك) من حيث الديموغرافيا و من حيث الوعي و من حيث الاجيال و من حيث اساليب النضال ؟ 3. بدلا من الاستمرار في نهج التفكير القديم اليس من الافضل للانتلجنسيا (التي لها المصلحة الحقيقية في احداث تغيير زي معني) ان تقف و تراجع طبائعها و طرائق تفكيرها و انماط سلوكها القديمة التي لم تجلب غير الهوان و الدمار و ان تتبني "تفكير جديدا من *خارج الصندوف" لتراجع بها قديمها و تري ان ما يجري امامها من اضطراب سياسي في البلاد هو انعكاس لانفجار اثار تراكم الكذب و الخداع و التضليل و الخم و الفهلوة التي استمرت لعقود من الممارسة السياسية و الاستلاب الفكري ؟ 4. تبدو لي جليا ان المأساة الحقيقية لا تكمن فقط في ان الانتلجنسيا التي تحمل هذه العقلية القديمة العقيمة لا تريد ان تفهم المتغيرات التي من حولها و لكن المشكلة الاعمق تكمن في انها (اي الانتلجنسيا) لا تستطيع ان تفهم. اي ان عقليتها قاصرة و عاجزة عن قراءة الواقع و استيعاب المتغيرات. هذه الحالة تفرض علي جميع قوي الثورة ان تفسح المجال للاجيال الجديدة من الشباب التي قدمت التضحيات (سواء في الميدان المدني او في الميدان العسكري في الاحراش). اعتقد ان معركة الاجيال هذه من اشرس المعارك التي تنتظر قوي التغيير. 5. بما ان معركة الثورة و الاصلاح تقتضي محاربة شرسة و قتال بلا هوادة لثقافة "الكذب" و توابعها من "الخداع" و "الغش" و "اللصوصية" و "التكويشة" و "الفهلوة" و كل الحيل السيكلوجية الخبيثة التي ترمي الي تحقيق سياسة "فرق-تسد" و نشر كراهية و بث سموم العنصرية ، فما هي اذن قواعد الشرف التي يمكن ان تلتزم بها الانتلجنسيا و ما هي الكوابح التي يجب ان تضعها الحوارات في ضبط موضوعية التصريحات و تجنب ما يمكن ان تؤدي الي اشتعال الفتن ؟ ان تحقيق شعارات الثورة ( حرية ، سلام ، عدالة) و الحفاظ علي وحدة السودان و صيانة الحياة الكريمة لاهلها في وطن يسع الجميع يستحيل تحقيقه تحت ظل املاءات هذه العقلية القديمة الكذوبة. لذلك يجب وقف هذه العقلية بكل الوسائل الممكنة. ثورة ديسمبر واحدة من تمظهرات المقاومة المضادة لهذه العقلية. في المقابل ان استحالة احداث تغييرات راديكالية حقيقية بعقلية جديدة و استحالة تدمير العقلية العنصرية الكذوبة تعني انهيارا للمجتمع. فهل الانتلجنسيا مستعدة لتفتيت ما تبقت من الوطن بعد ان ساهمت في تدميرها ؟