بالمنطق مُعْتَد ال(فَارْغَات).. صلاح عووضة [email protected] * أحد رُفقاء صِبَانا بحلفا الجديدة كُنّا نطلق عليه لقب (حسن فارغات) .. * فهو لم يك يهتم إلاّ ب(الفارغة) .. * لم يكن (يهمه) من أيّة قضيّة إلا الجانب الذي (لا يهم) .. * فحين كُنّا نُناقش صديقنا (أبوصلاح) مثلاً في أمر هيامه بالممرضة تلك بحسبانه هياماً يضرُّ بمستقبله الدِّراسي كان (فارغات) ينظر إلى المسألة من جانب آخر .. * لم يكن يهمه الجانب المتعلق بالمستقبل الدّراسي هذا .. * ولا الجانب المتعلق بفارق السِّن بين الحبيبين رغم أن الممرضة كانت في عمر والدة (أبوصلاح) تقريباً .. * ولا الجانب المُتعلق باحتمال إنزلاق العلاقة الغراميّة إلى ما دون سطح المقبول أخلاقياً .. * ما كان يهم (فارغات) فقط هو أن الممرضة اسمها (بلدي شديد) وليس (مواكباً) .. * وأن (حجمها) غير مناسب مع صاحبنا مما قد يتسبب في إنتفاء (الإنسجام) المطلوب بين الزّوجين .. * وأنها من قبيلة غير نوبيّة لا يعرف أفرادها (التّركين) و(الكُّداد) و(السَّلابيّة) .. * والشّيء الغريب في الموضوع أن صديقنا (أبوصلاح) اهتم بملاحظات (فارغات) أكثر من اهتمامه بتحفظاتنا نحن .. * وكذلك كثير من منسوبي الإنقاذ ينشغلون ب(الفارغة) مثل صاحبنا حسن على حساب إنشغالهم بقضايا النّاس .. * وواحد من هؤلاء هو (مُعْتَمَدٌ) الآن بإحدي مناطقنا في الشّمال النّوبي .. * فالمُعتمد هذا لا شيء يشغل باله من (صباح الرّحمن) حتى وقت إنتهاء الدّوام سوى قضيّة (العنكبوت !!) .. * نعم ؛ العنكبوت .. * فهو لا يطيق رؤيّة عنكبوت أو بيت عنكبوت على جُدُرِ وسُقفِ مباني مقره الحكومي .. * فالجهود كلها موجهة نحو سبل (مكافحة !!) العناكب .. * والموظفون جُلُّهم مُنصبٌّ اهتمامهم نحو الشيء نَفْسُه .. * والأنظار مُصوَّبةٌ نحو (الشُّقوق) و(الشُّروخ ) و(الزّوايا) ترصد أيّما عنكبوت من (المندسين !!!) قد يكون فلت من (الرّقابة !!) المُحْكَمة .. * وتعطّلت مصالح النّاس هناك بسبب العنكبوت .. * فإذا جاء وفدٌ من (قِبِلي) مثلاً يشتكي من تضرر الزّراعة بسبب تأخر حصص الجازولين قيل له : (جازولين إيه وبتاع إيه ؟ إنتو ما شايفين سيادة المُعتمد مشغول بشنو؟ هو لو في جازولين فائض ما نرش بيهو حِيَطنا دي عشان العنكبوت) .. * وإذا جاء نفرٌ من (بحري) يطلبون دعماً لصيانة المدارس المُتصدِّعة صِيْح في وُجوهم : (يا ناس ما تخلُّوكم عندكم دم ، سعادة المُعتمد نفسه راسو "متصدع" من مشكلة العنكبوت) .. * وإذا جاء أعيانٌ من (الشّرق) ينشدون تصديقاً لإنشاء سلخانة (صحيّة) فوجئوا بعبارات من قبيل : (مش أولى لأخينا في الله المعتمد يصدِّق لنفسو بسلخانة هنا عشان يضبح فيها العِتَّان اللّي بتسرح داخل حوش مكاتبنا وعاملة ليهو قلق زيها وزي العنكبوت واحد ؟!) .. * فالمُعتمد منزعج جداً كذلك من انتهاك صغار الغنم لحرمة ساحة مكاتبه ذات (الوقار !!) و(النّضار!!) إلا أن إنزعاجه من العناكب أشدُّ .. * وحين يفرغ المعتمد من مكافحة (شغب !!) العناكب و(العِتّان) بإذنه تعالى فإنه لن يبقى له من (مُرْجِفٍ !!) سوى الحشرة تلك التي تُهدِّد (السّلامة العامة !!) لأرض مكاتبه ذات (السّيادة) .. * إنّها الحشرة (الحفّارة) التي يُطلق عليها بالنّوبيّة اسم (قَمبَر تُود) .. * وحينها فإنّ معتمدَنا هذا يستحق بجدارة مُسمَّىً رسمياً لم يُحظ بمثله معتمد آخر في أنحاء البلاد كافة .. * مُسمَّى : (معتمد شؤون العنكبوت والعتود والقمبر تود) .. * أما المُسمَّى الشّعبي فهو (فلان فارغات !!) .. الجريدة نشر بتاريخ 18-09-2011