الأخوان المسلمين: ليست فوبيا وانما مخطط.    بنك الخرطوم: استوفينا جميع المطلوبات لافتتاح فرع للبنك في مصر    التضخم ..."غول" يحد من قدرة السودانيين على الشراء    السودان.. قرار بحظر نشاط صيد الأسماك وإغلاق لبحيرتين    وصول معدات الموسم الرياضي لاندية كوستي    شاهد بالصورة.. القيادية بالحرية والتغيير حنان حسن تضع الفنانة هدى عربي مكان "البرهان" في قاعدة التمثال المثير وتقول: (الوحيدة اللي تستاهل وبعرف مليون واحد ممكن يجي يحج عديل أمام تمثالها)    شاهد بالصورة.. تمثال "حميدتي" بدارفور يتعرض لسخرية غير مسبوقة على مواقع التواصل الاجتماعي بالسودان    شاهد بالفيديو.. البرهان: (كيف تبقى الإمارات وسيط بالرباعية وكل العالم يشهد على دعمها للمتمردين وأستغرب من شائعة سيطرة الأخوان المسلمين على الجيش والحكومة)    لأول مرة منذ 12 ألف عام.. بركان ثائر في إثيوبيا    تدشين مشروع دعم التعليم الابتدائي في حالات الطوارئ بالسودان    مني أركو مناوي دومي يكتب: تقسيم البلاد تحت مظلة الهدنة الإنسانية: بين القبول والرفض    شاهد بالفيديو.. أقسم بالمصحف على صدق المعلومة.. الناشط عثمان ذو النون يفجر مفاجأة كبيرة ويشعل النيران وسط "الدعامة": كيكل اشترى كمية كبيرة من الأسلحة من القائد الميداني للدعم السريع "السافنا"    لجنة عودة المواطنين للعاصمة تتفقد أعمال تأهيل محطات المياه والكهرباء بمحلية الخرطوم    شاهد بالصور والفيديو.. "حنة" عريس سوداني تثير تفاعلاً واسعاً على السوشيال ميديا وشقيقة العريس تخطف الأضواء    لا يوجد خصم سهل... وسانت لوبوبو ليس نزهة**    المريخ يفتتح مشواره في الدوري الرواندي بمنازلة كييوفو سبورت    حاج ماجد سوار يكتب: خطة الدويلة المضادة    الجيش السوداني يصدّ الهجوم الكبير    لماذا لا ينبغي التعويل على تصريحات ترامب    شاهد بالفيديو.. اللاعب بلة جابر: (هيثم مصطفى دخل في خلافات مع مدرب المنتخب الوطني بسبب "الثلج" وعندما عرف قيمته وأهميته بعد سنوات أصبح يشتريه من ماله الخاص)    شاهد بالفيديو.. الفنانة فهيمة عبد الله تمنع الرجال من الصعود للمسرح لمنحها "النقطة" وأحدهم يسقط على الأرض بعد محاولته الوصول إليها    شاهد بالصورة والفيديو.. أحدهم وقف أمامه وأنشد قصيدة.. "تمثال" قائد الجيش "البرهان" يثير جدلاً واسعاً وسط تعليقات متباينة ما بين مشيدة ورافضة (الكاهن يستحق أكثر من ذلك ورجعنا لعبادة الأصنام)    فينيسيوس يسير عكس ريال مدريد    من عامل يومية بسيط إلى رجل أعمال بثروة تقدر ب 7 مليار دولار.. قصة بداية رجل الأعمال والبر والإحسان أزهري المبارك صاحب مخيمات اللاجئين بالولاية الشمالية تثير تفاعلاً واسعاً على مواقع التواصل    شاهد بالصور.. المقرئ السوداني الشهير "شيخ الزين" يثير تفاعلاً إسفيرياً واسعاً بعد ظهوره بإطلالة شبابية ب"الجينز" والجمهور: (أنيق تبارك الله ما يسحروك وأعمل حسابك واتحصن من عين البنات)    أطباء ينصحون بتقوية المناعة قبل دخول الشتاء    لاعبو ليفربول "يفسدون" احتفال صلاح بليلته التاريخية    شاهد بالفيديو.. في لقطة تصدرت "الترند" على مواقع التواصل السودانية.. محترف الهلال جان كلود يستعرض مهاراته ويهين لاعب المولودية ويتلاعب به ويسقطه على الأرض    تحديث «إكس» يفضح مواقع إنشاء حسابات قادت حملات سلبية ضد السعودية    زراعة الخرطوم ومنظمة الفاو تنفذان حملة تطعيم الماشية بولاية الخرطوم    ادارة مكافحة المخدرات ولاية النيل الابيض تضع حدا لنشاط شبكة إجرامية متخصصة في الإتجار وتهريب الحبوب المخدرة    أكبر هبوط شهري منذ انهيارات الكريبتو في 2022.. لماذا ينهار سوق العملات المشفرة الآن؟    إدارة مباحث كسلا تفكك شبكة إجرامية لتهريب البشر يتزعمها أحد أهم المطلوبين الهاربين من السجن    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    أمريكا تفتح بوابة الرقاقات المتقدّمة أمام G42    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    شاهد.. صور ولي العهد السعودي سمو الأمير محمد بن سلمان مع علم السودان تتصدر "الترند" على مواقع التواصل والتعليقات تنفجر بالشكر والثناء مع هاشتاق (السودان بقلب بن سلمان)    تسيد السعودية للإقليم خلال العقد القادم    البحر يبتلع عشرات السودانيين الهاربين من جحيم بلادهم    الطيب صالح ناهض استعلاء السلطة عبر "الكتابة السوداء"    دونالد ترامب يفجّرها حول حرب السودان    السودان يعلن وصول شحنة من هولندا    فريق ميداني متخصص من إدارة مباحث ولاية كسلا يسدد بلاغ خاص بسرقة عربة بوكس    الذكاء الاصطناعى وإرضاء الزبون!    شبح شفاف.. مفترق بين الترقب والتأمل    الطاهر ساتي يكتب: مناخ الجرائم ..!!    الطاهر ساتي يكتب: أو للتواطؤ ..!!    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



( ذاكرة الماء ).. وحين يقود الخال الرئاسي كتيبة صحافيين لاستعادة كاودا ؟
نشر في سودانيات يوم 13 - 05 - 2013

لم يكن أمامي سوى الشعور بالحزن في عام 2010 ، الحزن وحده، لكن ومن غير دهشة ، فقد ماتت الدهشة زمن الإنقاذ، ، وذلك حين قرأت مقالات لرؤساء تحرير صحف يومية يدعو بعضهم عبرها وزير الدفاع إلى تعبئة خزانات الطائرات بالوقود، وتوجيهها إلى جوبا لضرب مقرات قيادات الحركة الشعبية وحكومة الجنوب، وكذلك الدعوات إلى إغلاق الصحف مثل (أجراس الحرية)، بالإضافة إلى التحريض ضد السودانيين الجنوبيين، واثارة الكراهية تجاههم، ثم تحويل الكراهية إلى سكان جبال النوبة والنيل الأزرق، ودارفور بعد الانفصال، وقد كان.
وكانت صحيفة الخال الرئاسي أو ( كانجورا ) السودانية، تدعو إلى وقف التفاوض مع قطاع الشمال، وإلى طرد قادته من الخرطوم، وعزل والي (منتخب)؛ مع تحفظي على تلك الانتخابات، مثل مالك عقار من منصب والي الولاية. فقلت هناك قضايا، وهناك تهميش، وهناك غياب عدالة، مع تضييق على الحريات، وضيق صدر وأفق، وهي كلها عوامل ستؤدي إلى اندلاع الحرب من جديد، فكذبني البعض، ساعات السكر تلك، مع أن عقلاء آخرين كثر أشاروا إلى وجود (40 ) ألفاً من قدامي المحاربين من الشماليين كانوا يحاربون ضمن جنود الجيش الشعبي لتحرير السودان، وبالطبع فهم لم يحاربوا بالوكالة من أجل عيون الجنوبيين؛ بل حاربوا لقضاياهم هم، فإلى أين يذهب كل هؤلاء السودانيون؟ وكيف تحل مشاكلهم؟.
فكان أن كتبت في عشية استفتاء سكان جنوب السودان على تقرير مصيرهم عشرة حلقات في صحيفة "أجراس الحرية " الموؤودة بعنوان ( حوار مع صحافيي المؤتمر الوطني) دعوت خلالها إلى السلام الإجتماعي، ونبذ العنصرية، ووقف قرع طبول الحرب، والتركيزعلى التنمية وقبول الآخر، فانقسم أصدقائي على طرفين؛ بعضهما قال إنني ( انفخ في قربة مقدودة)، فيما اعتبر البعض أن تلك الكتابات نقلة في مسيرتي المهنية، أما الطرف الآخر فقد انقسم أيضاً إلى فريقين؛ أحدهما صامت، ومن بينهم الصحافيين الذين ذكرتهم بالاسم؛ والآخر أرسل تهديداته عبر الهاتف والبريد الالكتروني، أو حتى عبر أصدقاء.
ولقد كانت الدعوة إلى السلام جريمة، ومطالبة ضبط النفس عمالة، والدعوة إلى الحرية خيانة، والتذكير بما نرى من وميض نار كان أمراً مرفوضا؛ برغم ما نراه من توتر‘ ثم جاء القول الفصل من رئيس هيئة الأركان للجيش الفريق عصمت عبد الرحمن يحدد فيه أن الحادي والثلاثين من مايو 2011، هو آخر يوم للجيش الشعبي في شمال السودان» وهو خطاب لا يمكن عزله عن سياق حالة التوتر تلك، وعملية التحضير لحرب جديدة، تدخل في سياق حروب الهوية والموارد في السودان، ولا وصف لذلك عندي سوى أن نظام يفكر بمثل هذه الطريقة ، هو نظام عبثي، يعبر عن أزمنة الجنون والغيبوبة ، وقد أكد رئيس هيئة الأركان أن قواته ستقوم بتجريد الجيش الشعبي بتاريخ الأول من يونيو الحالي، وليس خافيا على عاقل أن البشير في سكرة انفصال الجنوب قرر محاربة الجميع، ولو كانت فتاة صغيرة، مثل فتاة ظهرت في شريط فيديو، على مواقع " اليوتيوب في ديسمبر 2010 ، وهي تتلوى من آلام الجلد بواسطة اثنين من عناصر شرطة المحاكم ، جلداً بلا رحمة، بل كان تشفياً أثار حفيظة كل من شاهد "الفيديو التراجيدي بعد أن قبضتها شرطة أمن المجتمع ، إلا أنّ البشير وكعادته هاجم الفتاة وحول الضحية إلى مجرمة، تستحق ليس الجلد وحده، دون أن يتذكر واجبات رأس الدولة، وترفعه لصالح المنصب عن الانحدار في الحفر السحيقة، و منحدرات الهتر، واسفاف القول، ووضع نفسه رأساً برأس، وعلى الهواء مباشرةً؛ مع فتاة ، ليس وراءها شيئاً غير جراحاتها بعد أن نكل بها جنوده أسوأ تنكيل باسم " الشريعة الإسلامية"، لقد كان خطاب البشير الشهير في ولاية القضارف في أواخر ديسمبر 2010، واحداً من مناسبات كشف المستور، وهو كثير ، ويقبع في اللاوعي الجمعي، وعبر عنه البشير برفضه أي حديث عن التنوع الثقافي والديني، معتبراً أن ذلك " دغمسة" بعد أن أضحى السودان "عربياً اسلامياً".
إن قضية نزع سلاح أربعين ألفاً من جنود الجيش الشعبي الشماليين بجنوب كردفان والنيل الأزرق لم تكن السبب المباشر في تجدد دورات الصراع السوداني، وانفتاح الجرح الملتهب، وتفجر شلالات الدم السوداني، وإن كانت مثل "القشة التي قصمت ظهر البعير" فهناك قضية الهوية ، وسؤالها القديم، والذي فشلنا مراراً ، وتكرارا في إيجاد إجابة شافية له، وهو مربوط بفكرة التنوع الثقافي والديني والعرقي، وطريقة إدارة هذا التنوع. وهو فشل يبدو أننا لا نحسه لدرجة استضافة الخرطوم لمؤتمر حول إدارة التنوع الثقافي في أفريقيا، وقد استضافت الخرطوم المؤتمر في يوليو 2011 في وقت متزامن مع انفصال الجنوب، واشتعال الحرب في جنوب كردفان، والغريب أن المنظمين للمؤتمر هدفوا إلى تقديم السودان كنموذج جيد للغاية، فلو كان العكس لقبلنا الأمر، ولكانت الفكرة ناجحة، إلا أن العقلية التي تصنع الأزمات تأبى أن تخرج عن تفكيرها المأزوم، وأن تتخلص من تكتيكات الهروب إلى الأمام.
لم يكن خافياً على كل ذي بصيرة ، أن تجُدد اشتعال الحرب في كردفان بالضرورة سيقود إلى اشتعال أوارها في النيل الأزرق، ودارفور، وحتى شرق السودان لتشابه القضايا والمطالب، مع أن النيل الأزرق وجنوب كردفان يكادان يشكلان حالةً واحدةً منقسمة على ولايتين، فهناك قضية مشورة شعبية لم تجر ، وهي واحدة من مستحقات اتفاقية السلام الشامل، الموقع في يناير 2005، بين الحكومة السودانية، و"الحركة الشعبية لتحرير السودان"، حيث كان يفترض إجراء مشورة بين سكان هاتين المنطقتين لمعرفة الموقف من اتفاقية السلام بعد انفصال الجنوب، ولايمكن أن تتجاوز المشورة الأوضاع الأمنية، والعسكرية، وترتيب أوضاع عناصر الجيش الشعبي الشمالية، وسبق أن حذر نائب رئيس الحركة الشعبية عبد العزيز الحلو من مخاطر الحرب، في عدد من الحوارات " أن الفشل في تحقيق السلام سيجعل السودان مرشحاً لحرب جديدة، وربما تصل مرحلة تشظي أخرى مثلما حصل في سيناريو أوروبا الشرقية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في تسعينيات القرن الماضي.
لقد كان ملخص حواري في حلقاته العشرة تلك، وهو حوار من طرف واحد؛ هو التحذير من شجرٍ يسير، ومن كتل لهيب متدحرجة ، وأن الصحافة هي التي تؤجج نيران الفتنة، بدعوتها إلى الاستعداد للحرب ودق طبولها . في وقت كنا نحن فيه أشد حاجة لصوت الحكمة . وللحوار المنطقي. فالبلد كلها تقف عند حافة هاوية. أو فوق براكين من التوتر والبارود . وبدلاً من العزف على أوتار الحرب يفترض قيام الصحافة بدور "حمامة سلام" بالدعوة للسلام الاجتماعي والوئام والمصالحة.
وغير ذلك ستتحول كل الصحافة الى صحافة تنذر بالحروب بدلاً عن التبشير بالسلام. وليتنا نتوقف عند تجربة رواندا . حيث كانت تفعل (كانجورا) الصحيفة الرواندية؛ التي حرضت على المجازر بين الهوتو والتوتسي برواندا اسمها (كانجورا) والتي تعني للمفارقة؛ بلغة (الكينيا رواندا) (الانتباهة)، و بذلك تكون الانتباهة الرواندية ساعدت على قتل (800000) من المدنيين ..!!
وليس بعيداً عن هذا قيح العنصرية الذي تتقيحه مطابع الخرطوم مع كل صباح ، تحرض على التنصل من اتفاق السلام، بل أن بعض كتاب تلك الصحف كانوا ينفثون حقد حبرهم علناً لاشاعة الفوضى، وتهديد الأمن الوطني وسيادة البلاد كلها، وبدلاً من نزع فتيل قنابل الحقد والكراهية والعنصرية وكبح جماحها، فانها بالعكس تجد الدعم المباشر وغير المباشر من مراكز القوى في نظام الإنقاذ، و نظرة عجلى الى فيض الاعلانات التجارية والحكومية على تلك الصفحات تؤكد حجم الرضى الذي تعيش فيه، والنعيم الذي تبحر فيه ، وهو مسلك يغري آخرون، وفي ذات الوقت يرفع من وتيرة التوتر والاستقطاب المضاد، لتلعب الأطراف لعبة البيضة والحجر، وشد الحبل لتمزيق أشلاء هذا الوطن الجريح..
واليوم ؛ الصور نفس المشاهد، والمناظر لا تختلف عن سابقاتها، والأقلام لا تزال تنفث سموم العنصرية، والمطابع تضخ كل صباح جديد ألف كذبة، يحملها لنا الأنبياء الكذبة، وتنشر ما بين سطور كل خبر ألف خيبة، في أزمنة اللزوجة والخيبات، فنعيد ذات السيناريوهات، ونكرر ذات الأخطاء و كأننا بلا ذاكرة، أو ذاكرة ماء مثلما يقول الكاتب الجزائري واسيني الأعرج، في روايته "ذاكرة الماء"؛. وهل للماء ذاكرة!! (بل هي ذاكرة واسيني الأعرج أو بعضاً منها، ذاكرة جيله الذي ينقرض الآن داخل البشاعة والسرعة المذهلة والصمت المطبق، ذنبه الوحيد أنه تعلم، وتيقن أنه لا بديل عن النور سوى النور في زمن قاتم نزلت ظلمته على الصدور لتستأصل الذاكرة قبل أن تطمس العيون.
هي مجرد صرخة من أعماق الظلام ضد الظلام، ومن داخل البشاعة، ونشيد مكسور للنور وهو ينسحب بخطى حثيثة لندخل زمناً لا شيء فيه ينتمي إلى الزمن الذي نعيشه)، لكن ذات الإحساس كان يتملكني، والجزائريون مثلنا تماماً؛ هم ثوار، وفي ذات الوقت محبطون للغاية، وواقع واسيني الأعرج المخيف هو مثل واقعنا؛ ذات الظلام، وذات مفترق الطرق، والقاسم أنهم يقولون أننا "أرض المليون شهيد"، ونحن نقول "أننا ارض المليون ميل، أو مليون خيبة وكذبة وخديعة ).
وهنا نمتهن مهنة يمكن تسميتها ( الالتفاف حول القضايا) ، ونتحدث عن مؤامرة التقسيم ، ومؤامرة الاستهداف الإسرائيلي، لكن في ذات الوقت نتعامل مع "المؤامرة الداخلية" بطريقة النعام، مثلما يقول صديقنا الدكتور أبكر آدم اسماعيل، "تدفن رأسها في شنطة البوليس"، ووسط ذلك تنمو خفافيش مثل خفافيش الجزائر التي حولت أرض الثوار الى مدن الخوف، والى شلالات الدماء، وأوكار الجريمة والضياع، وهو ما يغرس الخوف في نفوس المثقفين، وتنتاب البلاد حالة التسلل، والنزوح هرباً من الجحيم، ومن الموت المجاني، فتصير الذاكرة هناك مثل الماء، تتفلت، وتتسرب، وهنا في السودان يدمن بعضنا ذات الحالة، وربما ضعف الذاكرة، أو خرابها يشوش علينا أحياناً وتختلط الصور بين البطل والخائن، والمنقذ والمجرم، والجلاد والضحية.
لقد صدقت نبوءة من كانوا يرون أنني بحواراتي تلك كنت أنفخ في ( قربة مقدودة) ، فها هي ساعة الحرب تدق، ونيرانها توشك من الاقتراب من القلب بعد أن أكلت كل الأطراف، قتلاً وتشريداً وحرائق ، لغياب من هو عاقل وسط أولئك القوم، ولأنه لا صوت يعلو فوق صوت البندقية بالنسبة لديهم، وأن الحرب ليست نزهة، ولا يعرف مخاطرها إلا من انكوى بنيرانها ، أرى ؛ أخلاقياً أن يتوجه إلى ساحاتها ، كل من صب الزيت على نارها، وأن يقود الخال الرئاسي، كتيبة الصحافيين من أجل استعادة كاودا، بعد أن عجز في التخلص من مرارات مقتل ابنه في حرب الجنوب السابقة، وان يشارك في تهيئة المنطقة للبشير ليؤدي صلاة الجمعة هناك ، الآن عليهم أن ينفذوا أجندتهم بدلاً عن دفع الآخرين إلى المحرقة ، وذلك للدفاع عن نظام استبدادي وعنصري وفاشل.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.