درجنا على أن نعبر عن الآسى والألم عند ما يقع حادث مروري كبير، ونتباكى على حوادث المرور التي باتت مهدداً أساسيا لحياة الناس، ثم نسكت عن الكارثة بعد حين وننساها إلى أن تقع حادثة أخرى أشد بشاعة دون أي محاولة جادة لمعالجة الخطر الماثل الذي يتربص بكل من يقوم برحلة على هذه الطرق التي نسميها زوراً وبهتاناً (طرق المرور السريع) فهي ليست مصممة لمرور سريع بل أحيانا لا تصلح حتى للمرور البطئ ! بالأمس وقع حادث مروري بشع على طريق التحدي بالقرب من مدينة عطبرة بلغ عدد ضحاياه الأربعين بين قتيل وجريح وكلهم ركاب كانوا في رحلة آمنة فإذا بالموت يتخطفهم فجأة ومن حيث لا يحتسبون، ولم تكن الحادثة فريدة ولا وحيدة بل هي تنضم لرتل من الحوادث المماثلة التي تقع كل يوم على واحد من هذه الطرق الممتدة بين ولايات السودان، بل تقع في الطرق داخل المدن. هذه الطرق بالإضافة لسوء تنفيذها ضيقة لا تحتمل أكثر من سيارتين كل منهما تسير في اتجاه من الاتجاهين، (والتخطي) في مثل هذه الطرق يصبح ضرباً من المغامرة غير المحسوبة التي تعرض كل الركاب للتهلكة، والتخطي الخاطئ هو السبب المشترك في أغلب هذه الحوادث ويتحمل مسؤوليته في كل الأحوال سائق السيارة الذي يستهين بحياة الناس ويدخل في مثل هذه المغامرة غير متحسب لنتائجها، وقد يكون هو أول الضحايا لكن أحداً من الركاب لا يكاد ينجو من ويلاتها، ولن يجدي البكاء والعويل فتيلاً بعد أن تقع الحادثة. هذه الطرق غير مصممة وغير مؤهلة للمرور السريع ولا للتخطي، ويجب ألا نسمح بتعريض حياة الناس للخطر بسبب طيش سائقي السيارات، ولابد من اتخاذ كافة إجراءات الرقابة بصورة فورية، وأن تتشدد القوانين في منح رخص القيادة وفي توقيع العقوبات على المخالفين، والتمسك بالحد الأقصى للسرعة في حدود ما تحتمله هذه الطرق إلى أن نعيد تصميمها وبنائها لتتحمل السير بسرعات أكبر، وهذا يتطلب جهداً إدارياً خالصاً يجب أن يبدأ فوراً ولا يتأخر، وهو أمر ممكن ومتاح. أولا: في البداية لابد من وضع لافتات تحذيرية على طول الطريق تقدم تحذيرات وأرشادات للسائقين. ثانيا: لابد من تعميم وسائل الرقابة الإلكترونية وكاميرات المراقبة على طول الطريق وعلى مسافات متقاربة بحيث ترصد كل المخالفات. ثالثا: لابد من تصميم الدوريات الراكبة التي تكون من جنود مرور على (موتر سايكل) يزرعون الطريق دون توقف ساعات الليل والنهار جيئة وذهاباً لرصد أحوال الطريق وضبط المخالفات. رابعا: تشديد العقوبات في حالة المخالفات المرورية على أن يكون السجن إلزامياً في المخالفات الخطيرة التي تعرض حياة المواطنين للخطر، مع التشديد في منح رخص القيادة العامة، وإعادة امتحان كل العاملين اليوم في هذا المجال معالجة للتراخي الذي يمكن أن يكون قد حدث في الماضي في منح هذه الرخص. خامسا: أن تتولى كل ولاية عملية الرقابة المرورية داخل حدود ولايتها وتسجل المخالفات وتحاكم المخالفين. مثل هذا الحل يمكن تطبيقه فوراً وهو أقل تكلفة من الدماء التي تراق في كافة تلك الطرقات. صحيفة الطريق