يعتبر الباحثون البطالة من أبرز المخاطر التي تهدد استقرار وتماسك المجتمعات وتشكل السبب الرئيسي لمعظم الأمراض الاجتماعية لذا استحوذت علي جل اهتمام أصحاب القرارات السياسية ، ووفقا لتقرير مجلس الوحدة الاقتصادية التابع لجامعة الدول العربية الذي صدر مؤخرا وقدرت نسبة البطالة في الدول العربية ما بين 15%-20% ، كما ذكر تقرير آخر لمنظمة العمل الدولية أن متوسط البطالة في العالم أرتفع إلي 62%. إجتماعات اللجنة المالية والاقتصادية بالإتحاد البرلماني العربي المنعقدة حاليا بالمجلس الوطني بالخرطوم ناقشت أسباب البطالة وتحدياتها وكيفية وضع السبل الكفيلة للقضاء عليها أو التقليل من نسبتها. واستعرضت اللجنة عددا من الأوراق العلمية حول ظاهرة البطالة التي تفاقمت خاصة بعد قيام الحكومات بتنفيذ برامج الإصلاح الشامل وبرامج الخصخصة سعيا للانضمام لمنظمة التجارة العالمية . وتناولت اجتماعات اللجنة الأسباب الرئيسية التي أدت إلي تزايد أعداد العاطلين عن العمل منها فشل برامج التخطيط الاقتصادي وارتفاع نسبة النمو في القوي العاملة في الدول العربية خاصة بين الخريجين والشباب إضافة إلي الانعكاسات السلبية للمتغيرات الدولية على العمالة العربية. ولمعالجة الظاهرة أكد المجتمعون انه لابد من وضع معالجات جذرية وإصلاحات شاملة تشمل كافة البني لاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية ، وأضافوا أن التنسيق والتكامل بين نظام التعليم وما يحتاجه سوق العمل أمرا ضروريا لنمو اقتصاديات الدول العربية أي لابد من ربط الوظيفة الفنية والمهنية والصناعية بالاقتصاد الوطني لكل دولة ، إلي جانب تفعيل الاتفاقيات العربية التي تستهدف النهوض بمستويات العمل ومواكبة ما استجد من تشريعات خاصة في مجال عمل المرأة والمعوقين . وأمن الاجتماع علي أهمية الاستفادة من التجارب العالمية الناجحة في صياغة العلاقة بين الدولة والقطاع الخاص كتجربتي الصين وماليزيا. ونادت بضرورة وضع إستراتيجيات لتوطين وتحسين الخدمات بالريف خاصة تطوير التصنيع الزراعي تشجيعا للهجرة العكسية الى جانب اعتماد مبدأ تبادل المنفعة في العلاقات الاقتصادية بين الدول العربية وعلي الدولة تشجيع العمل الخاص المدروس والمخطط وتقديم التسهيلات لإنجاح مشروعات العمل الأهلي والتعاوني. وعلي الصعيد المحلي اهتمت الدولة بهذه الظاهرة وبذلت مساعي جادة لاستغلال القدرات العلمية بإيجاد فرص عمل من خلال توفير التمويل اللازم. ومن الآليات التي وضعت لتنفيذ برامج استخدام الخريجين الصندوق القومي لتشغيل الخريجين الذي يقوم بتدريب وتأهيل الخريجين وتوفير فرص عمل لهم كما يقوم بنشر ثقافة العمل الحر والتدريب علي الدخول في الشراكات لإقامة مشروعات تخفف من حدة البطالة . ويباشر الصندوق أعماله من خلال مظلة المجلس الأعلى لتشغيل الخريجين الذي تم إنشاءه بقرار جمهوري العام الماضي وتم فتح عدد من المكاتب بالمركز والولايات لإقامة دورات تدريبية متخصصة. وفي الجانب التمويلي تم التنسيق بين بنك السودان المركزي وقطاع المصارف لتمويل الخريجين وإنشاء مؤسسات تمويل أصغر للخريجين ومضاعفة سقف التمويل إلي 20 ألف جنيه . ومن المشروعات التي تستهدف الحد من البطالة مشروعات إدماج الخريجين منها عيادات الأطباء لتقديم خدمة طبية في الولايات وهناك مشروع التعدين الأهلي بالشراكة مع وزارة المعادن الذي يستهدف خريجي الجيولوجيا والتخصصات المشابهة ومشروع البيوت المحمية حيث تم تخصيص عشرة ألف فدان بكل ولاية لصالح مشروعات الخريجين ونجحت هذه التجربة في الجزيرة ، نهر النيل ، شمال كردفان. وقامت الدولة بالتعاون مع الجامعات بمتابعة قيام حاضنات لتدريب وتشغيل الخريجين ، كما آلت عدد من المصانع كمصنع نسيج النيل الأزرق ومصنع تعليب الفاكهة بكسلا ومشروع الألبان المتحركة بديوان الزكاة لصالح مشروع الخريجين واستيعاب عدد منهم في مشروع السجل المدني بالتنسيق مع الشرطة والخدمة الوطنية. ومن المشاريع التي إستهدفت تقليل نسبة البطالة ( مشروع التدريب بأجر ) ويهدف الى إلحاق خريج واحد او اثنين في الشركات ومواقع العمل الخاصلمدة عامين لاغراض التدريب كما تم الاتفاق مع شركة زادنا لإستيعاب ابنا نهر النيل والشمالية في مشاريع البستنة . وتقوم وزارة العمل بحصر القوي العاملة في السودان وعمل مسح لسوق العمل كما تم تكليفها بتنفيذ خطة الدولة للعام الحالي باستيعاب 25 ألف خريج في كافة ولايات البلاد بتمويل من وزارة المالية الاتحادية بعد إجازة المجلس الوطني لهذه التكلفة في موازنة العام الجاري 2012م . وتلعب لجنة الاختيار دور الزراع الحكومي في حصر وتشغيل الخريجين .(عدا القضاة – المستشارين – القانونيين بوزارة العدل- الأساتذة – الجامعيين بالبنوك الحكومية ) حيث يتمتع هؤلاء بشروط تعيين خاصة ، وتم ترفيع لجنة الاختيار إلي مفوضية تتبع لمجلس الوزراء بدلا عن وزير العمل تأكيدا لحيادتها وتمتعها بمزيد من الإستقلالية وتجميع كافة الوظائف الحكومية للدخول عبرها . وخرجت اللجنة المالية والاقتصادية بالاتحاد البرلماني العربي بتوصيات امنت على وضعت استراتيجية عربية عاجلة لحل مشكلة البطالة ، توفير التمويل اللازم للمشروعات الصغيرة والمتوسطة في كل دولة ، تفعيل دور منظمة العمل العربية والاستفادة من المنظمات والهيئات العربية لتوطين المشروعات الزراعية والصناعية والخدمية المختلفة ، فتح الاسواق العربية لإنسياب حركة العمالة وفق منهج معتمد ، الاسراع بنشاء سوق عربية مشتركة لتشجيع تبادل الايدي وانتقال رؤوس الاموال العربية . س ص