الأمن من أجلَّ نعم الله على العباد وهو من أسس ومقومات المجتمعات الإنسانية التي لا يمكن أن تستقيم الحياة من دونه وهو اطمئنان النفس وزوال الخوف فإذا أمنت الأمة المؤمنة ونمت وتطورت وازدهرت والشريعة تحرم كل اعتداء على الدين والنفس والعقل والعرض والمال وهذه مقاصد الشريعة لأن الاعتداء عليها يؤدي لاختلاف في النظام الأمني ولفساد كبير في الأرض. فقد أوضح البروفيسور أحمد المصطفى حياتي مدير عام المركزي القومي للمناهج والبحث التربوي في ورقته المقدمة بفعاليات الملتقى الدعوي التاسع بعنوان (دور المناهج التربوية في تعزيز الأمن الفكري) أن مقومات وقيمة الأمن تتمثل في إصلاح جانب العقيدة التي تمثل عقيدة التوحيد القاعدة الأساسية للدين وقد اهتم القرآن الكريم اهتماماً كبيراً بشأن العقيدة وأن الانحراف في التصور القومي يؤدي إلى تفرق الأمة وتشرذمها شيعاً وأحزابا مما يؤدي بدوره إلى اختلاف الكلمة وتشتيت شمل الأمة فلابد للأمة من التصدي لما يبث عبر الفضائيات وشبكة الانترنت وغيرها من المصادر الإعلامية من سواد تهدف إلى زرع بذور الفتنة وإضعاف عقيدة أبناء هذه الأمة ويجب وضع إستراتيجية اجتماعية متكاملة لمجابهة الغزو الفكري بغرض الحفاظ على الهوية الإسلامية وتحصين الشباب بأسس العقيدة السليمة من خلال نشر المعلومات التي تزيد من وعيهم الأمني والثقافي علماً بأن الاستقرار السياسي الذي يأمن الناس فيه على حياتهم وأموالهم وأعرافهم لابد من إيجاد مبادئ ومعايير تجد الاحترام من جميع الأفراد والتنظيمات السياسية تضع مصلحة الوطن فوق كل المصالح الشخصية الضيقة ويعتمد تحقيق ذ1لكعلى ترسيخ المكن القيم في أذهان أفراد المجتمع من قبل المدرسة الأسرة والمسجد وتنظيمات المجتمع وذلك لأم تحقيق الأمن والاستقرار هو في الحقيقة مسئولية الجميع وأيضاً الاستقرار الاقتصادي الذي يؤمن الاستقرار وضروريات الحياة مما يمكن أفراد المجتمع من الاهتمام بمشاريع التنمية الزراعية والصناعية والتعليمية والصحية ولذلك يحتاج تحقيق هذه التنمية إلى قدر عال من الانضباط ونكران الذات والإخلاص في العمل مضيفاً إلى التزام الإعلام بالانضباط والمنهج الإسلامي كلمة وصدقاً لكي يتحقق الأمن المنشود بتحقيقه يكون هناك قيم فاضلة كالعدل وحب العمل والتكافل أما في حالة ضعف المقومات والقيم التي ترتبط بقيمة الأمن تضعف الأمة ويسهل على أعدائها اختراقها ثقافياً وبكرياً ومن ثم تغولهم على اقتصادها وأسلوب حكمها ومناهجها التعليمية. وأكد البروفيسور حياتي أن أنواع الأمن كثيرة منها الفكري والنفسي والثقافي والاقتصادي والوقائي والغذائي والأمن الوطني وغيرها من أنواع الأمن في المجتمع يستدعي لعمل معالجة أسباب اختلال الأمن في المجتمع بشكل متكامل ومترابط من غير فصل بين أنواع الأمن المختلفة لأن النظرة الكلية تجعل المعالجة شاملة مما يؤدي للوصول إلى النتائج المثمرة والغايات المحمودة، ويهدف الأمن الفكري إلى أن يعيش أهل الإسلام في مجتمعهم آمنين مطمئنين على مكونات شخصيتهم وتميز ثقافتهم ومنظومتهم الفكرية المنبثقة من الكتاب والسنة وهي بذلك يعني حماية الهوية الإسلامية من الاختراق أو الاحتواء من الخارج والحفاظ على أمن الأمة من رياح الجنوح عن منهج الوسطية والاعتدال في الزخم الهائل من وسائل الغزو الفكري والثقافي وأشار حياتي إلى أن دور المناهج في حماية الأمن الفكري يتمثل في ربط مناهج التعليم العام بالقيم الإسلامية من حيث الأهداف والمحتوى من التركيز على غرس العقيدة الصافية في نفوس الناشئة وتضمين مناهج الأمن الفكري بغرض حفظ الوطن وتأمينه من الغزو الثقافي وتفعيل الجانب الوجداني في المناهج وإظهار وسطية الإسلام والإرشاد الطلابي بالمدارس لإتباع الصواب وعقد المحاضرات واللقاءات التي تتناول قضايا الأمن الفكري والغزو الثقافي ودعم المكتبات المدرسية بمادة عن قضايا الأمن الفكري والغزو الثقافي والتأثيرات السلبية لبعض وسائل الإعلام والقنوات الفضائية كما ينبغي أن يكون للمعلم دور رائد فيما يتعلق بتعزيز القيم الدينية والخلقية الاجتماعية والبيئية والوطنية والأمنية وأن يكون القدوة يقتدى بها في لسلوك والتعامل وله دور في التوعية عن طريق الحوار الهادف وهذا ما يعبر عنه بالمنهج الخفي أو المستتر والتلميذ كثيراً ما يتأثر بمعلمه ويكتسب منه قدراً كبيراً من القيم والاتجاهات والمهارات والمعارف وذلك من خلال الخبرات التربوية اليومية والتفاعل المباشر مع المعلمين. وأوصت ورقة دور المناهج التربوية في تعزيز الأمن الفكري بوضع إستراتيجية اجتماعية متكاملة لمجابهة الغزو الفكري بغرض الحفاظ على الهوية الإسلامية وتحصين الشباب بأسس العقيدة السليمة من خلال نشر المعلومات التي تزيد من وعيهم الأمن والثقافي وتضمين المناهج أسس ومبادئ العقيد السليمة وتضمين المنهج الإسلامي في التفكير والاستنباط والعناية بتدريس العقيدة الإسلامية وحماية المجتمع من مصادر الفكري المنحرف ومنع مظاهر الفساد ومحاربة مصادره في المجتمع.