قامت الطرق الصوفية بدور بارز في نشر الإسلام فى أفريقيا وأجزاء واسعة من العالم منذ القرون الأولى من بدء الرسالة إلى تاريخنا الحديث ، وإن مما ينبغي أن يسجل للسادة الصوفية من فضل هو إنهم كانوا ممن حملوا راية الإسلام ودعوا إليه بصدق وإخلاص ودافعوا عنه بكل وسيلة ، فأينما حلوا كانوا يشيدون الزوايا لنشر الدين والعلم ورعاية الفضيلة والسجايا الكريمة الى جانب ما تقوم به هذه الطرق من خدمات اجتماعية والوان من البر والإحسان . ولقد استطاع رجال الطرق الصوفية أن يحملوا الرسالة الإسلامية وينشروا نورها فى آفاق لم يمتد إليها نفوذ الإسلام، ولم تبلغها دعوته ، ففتحها الصوفية حتى إن قبائل وشعوبًا في آسيا وإفريقيا وأوربا أسلمت كلها بفضل إخلاص رجال الطرق الصوفية ودعوتهم . والطرق الصوفية هي مدارس في التزكية والتربية متفرعة من بعضها ومرتبطة بواسطة السند المتصل، وهي ليست فرقاً إسلامية، وجميعها تتبنى عقيدة أهل السنة وتتبع أحد المذاهب الأربعة السنية، والاختلاف بينها إنما هو في طريقة التربية والسلوك والنهج إلى الله . وتتعدد تسميات الطرق الصوفية حسب منهج الرواد في التزكية والتربية والأذكار والأوراد التى أخذوا بها انفسهم ، فينسب هذا المنهج إليه ويعرف باسمه، فيقال مثلاً الطريقة الشاذلية والقادرية والرفاعية نسبة لرجالاتها . ويتفق معظم اهل السودان على ما قامت به الطرق الصوفية من دور رائد في نشر الاسلام بكل انحاء البلاد ويعظمون فضلها في نشر علومه وآدابه وأخلاقه وإظهاره للناس في صفائه على ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام رضوان الله تعالى عليهم في الزهد والعدل ونشر الفضائل . وتتخذ الصوفية العديد من الوسائل لأداء رسالتها وتوظف كافة المناسبات لتقوية الروابط العضوية بين أتباعها ومريديها وبينها والطرق الاخري . ويعتبر الاحتفال بالذكري السنوية لمؤسسي الطريقة (الحولية) احد المناسبات المهمة التي يتنادي إليها كافة الأتباع والمريدين من شتي بقاع الأرض فهي تمثل مؤتمرا جامعا يلتقي فيه كل المريدين والأتباع يعمرون ايامها بالذكر والتداول حول أوضاعهم واحوال الأمة الاسلامية وكيفية الارتقاء بالعمل الدعوي ومناقشة معوقاته وكيفية معالجتها . وتحتفى الطريقة البرهانية الدسوقية الشاذلية هذه الأيام بالذكري الثلاثين للامامين الجليلين الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني ونجله الشيخ ابراهيم الشيخ محمد عثمان . واحتشدت الساحات والميادين بالمركز العام للطريقة بالخرطوم بأعداد غفيرة من أبناء الطريقة من مختلف دول العالم وبمختلف الوانهم والسنتهم وسحناتهم ليقدموا أنموذجاً حضارياً لرسالة إلإسلام العالمية الخالدة في أجمل وأسمى الصور . التقيناهم فعبروا لنا عن رحلتهم الى الخرطوم بقولهم انها رحلة تبعث الاطمئنان والسكينة واعترفوا بأنهم وجدوا ضالتهم في إتباع هذا الطريق والذي قوامه مداومة الإنسان على ذكر الله في كل الأحوال ثم الصلاة المستمرة على النبي صلى الله عليه وسلم وتعظيمه وتعظيم آل بيته . داود سيرلو اميركى الجنسية من دعاة الطريقة البرهانية بالولاياتالمتحدة اكد انهم يوضحون للشعب الامريكى سماحة الإسلام ، بالتعاون مع المسلمين الآخرين ، من مركز الطريقة فى نيويورك (الزاوية ) بإقامة الذكر والتحاور والندوات واللقاءات مع غير المسلمين . واضاف ان عدد المسلمين تزايد بعد احداث الحادى عشر من سبتمبر 2011م وخاصة بعد بحثهم عن الإسلام وعلاقته بالإرهاب ،مشيرا الى ان الناس فى الولاياتالمتحدة تضيق بهم الحياة رغم توفر سبل الحياة المادية ولذا يبحثون عن ما يشبع أرواحهم ويعيد لهم طمأنينة النفس ، ولذا فإن للإسلام حظا فى الإنتشار الواسع وخاصة انه يدعو الى السماحة والقيم الرفيعة . الشيخ يوسف الشامي من ابناء بورتسودان ومن المعاصرين للشيخين محمد عثمان عبده البرهانى والشيخ ابراهيم محمد عثمان ، سألناه عن القادمين ومشاركتهم في احتفالات الطريقة (الحولية) فحدثنا بأنهم محل حفاوة وإكرام ويشاركون في جميع فعاليات إحتفال الطريقة مشاركة حقيقية ووجدانية وبدنية فتراهم في حلقات الذكر وفي الندوات والمحاضرات وتحصيل دائم لأمور الدين من علوم شرعية وقرآنية وأوراد وأذكار فضلا عن استماعهم إلى الشيخ محمد الشيخ ابراهيم شيخ الطريقة البرهانية الحالى ، والتحدث إليه فيما يتعلق بشئون الطريقة ، مضيفا انها دائما تأتي في شكل تقارير شفهية يقف الشيخ من خلالها على مستوى التنامي والانصهار بين ما تقدمه الطريقة وتلك الشعوب فى امريكا واوروبا والدول الاخرى بلا استثناء . وقال ان الحولية تعتبر مؤتمراً عاماً وحشدا لجميع ابناء الطريقة من داخل وخارج السودان حيث يجتمعون علي طريق واحد ويلتزمون بأوراد واحدة تحت رعاية شيخ واحد، مبينا ان هذه الايام تعمر وتتصل لياليها بنهارها ضمن تفاعل وجداني وبدني يحقق إفشاء السلام وإطعام الطعام وقيام الليل والناس نيام ، ويعزز الروابط والوشائج الأخوية وهو أمر يحض عليه ديننا الحنيف ويوصي بالتآخي في الله بلا انساب . وأبان ان برنامج الاحتفال إستمر لمدة 12 يوما وليلة قدم خلالها أبناء الطريقة البرهانية من كافة بقاع العالم وقدموا العديد من الانشطة وشمل البرنامج حلقات تدارس عن سيرة الاماميين الجليليين المحتفي بهما واستذكار دروسهما ومنهجهما في التربية والسلوك والاخلاق خاصة وان هذا الاحتفال جاء بمرور 30عاما منذ الاحتفال بالحولية الأولى. واضاف انه يتخلل الاحتفالات خطاب الشيخ السنوي الذي يتضمن موجهات وخطة العام المقبل ،والاحداث والمؤشرات الداخلية والخارجية سياسية كانت او اقتصادية او دينية او اجتماعية حيث يتناولها بالتحليل الراشد ويوجه بالتناصح ويوصي بشحذ الهمم والالتزام بالاوراد والامور الشرعية المفروضة والنفلية ويحتوي أيضا علي مشاركات من أبناء العمومة من الطرق الأخري يقدمون من خلالها قصائد في مدح النبي صلي الله عليه وسلم واذكار تؤكد مدي الترابط والاخاء بينهم وبين الطريقة كما سيقدم أبناء الطريقة من دول العالم المختلفة مناشط تعكس ثقافتهم وتراث بلدانهم . وقال في اليوم الختامي تأتي زفة الطريقة وهي صورة إعلامية تحمل دلالات معنوية لأبناء الطريقة وتتحرك من الزاوية القديمة من منزل الشيخ محمد عثمان عبده بالخرطوم 3 سيرا على الأقدام في شكل كرنفالي تسبقهم السيارات المعدة لحمل المنشدين والطبول والبيارق تتخللها الأناشيد والقصائد وقرع الطبول حتي يصلوا الي المركز العام للطريقة قرب السوق الشعبى وتختتم بالدعوات وهو تقليد قديم في تاريخ الأمم الإسلامية فى أيام الاعياد ومشهد تعرفه كل المجتمعات الإسلامية كما في العديد من الدول . ويتضمن برنامج الإحتفالات هذا العام برامج اجتماعية تتمثل فى تكريم للمتفوقين من أبناء الطريقة وأسرهم وعقد قران ل 40 زيجة لأبناء وبنات الطريقة البرهانية. وحضرت وفود من دول عديدة من المانيا ، فرنسا ، ايطاليا ، الدنمارك ، سويسرا ، السويد ، الولاياتالمتحدة ، كندا ، موريتانيا ، المغرب ، الجزائر ، تونس ، ليبيا ، مصر ، الاردن ، اليمن ، سوريا ، اثيوبيا ، اسبانيا وانجلترا علما بأن جميع هذه الدول بها زوايا للطريقة . ع و