رصد- سعيد الطيب لم تشهد سنة 2017 التى مضت في القارة الأفريقية، تغييرات كبرى، أو تحسينات تُذكر. وعموما، كانت أغلب الأزمات الإنسانية حادة للغاية، في الوقت الذي تسببت فيه الكوارث الطبيعية والإرهاب في مقتل العديد من المدنيين. علاوة على ذلك، ترك ثلاث رؤساء مناصب الحكم، في بلدان القارة الأفريقية. كما ظهرت حركات تدعو إلى الاستقلال، وهو ما سلط الضوء على تراث الماضي الاستعماري في القارة. من جانب آخر، تطرح سنة 2018، تحديات كبرى بالنسبة للفئات الأقل ضعفا. في نفس الوقت، تحاول العديد من الحكومات مجابهة أزماتها الداخلية. كما تشهد القارة صعود حركات اجتماعية تطالب بمنحها فرص أكثر للمناطق التي تعيش فيها، وبمنحها المزيد من الحرية. لقد شهدت مصر خلال عام 2017 عددا من الهجمات الدامية التي أسفرت عن مقتل المئات, حيث وقع الهجوم الأكثر دموية في تاريخ مصر الحديث بشمال سيناء، حينما استهدف مسلحون مسجد الروضة، فقتلوا 310 شخصا وفقا للإحصائيات الرسمية. وفي التاسع من أبريل عام 2017 وقع تفجير انتحاري استهدف كنيسة مارمينا أثناء قداس الأحد أودى بحياة نحو 30 شخصا، وانطلقت منه نيران وشظايا ومسامير طالت جل الحضور وكانوا بالمئات. وهناك نحو مئة يحيون الآن بعاهات مستديمة، بحسب القمص دانيال الذي كان مشاركا في القداس.وفي نفس اليوم، وقع تفجير انتحاري آخر عند مدخل كنيسة مار مرقص بالإسكندرية راح فيه 17 شخصا.ونجا من الحادث بابا الأقباط الأرثوذكس تواضروس الذي كان يشارك في قداس داخل الكنسية. وفي فبرايركانت مدينة العريش ومحيطها بشمال سيناء مسرحا لهجمات جديدة. وفي يوليو استهدفت حافلة تقل أقباطا كانوا في طريقهم إلى دير الانباء صموئيل بصحراء غرب المنيا بصعيد مصر، وقتل في الهجوم نحو 30 مسيحيا. وفي نوفمبر ، قضت محكمة مصر بإعدام أحمد سعيد ابراهيم السنباطي، 19 سنة لقيامة بقتل القس سمعان شحاتة رزق الله عمدا في حي المرج بالقاهرة في أكتوبر ، وذلك ب"استخدام سكين بعدما خرج القس من كنسية وبدافع طائفي"، وفقا لقرار المحكمة. وقبل أيام على نهاية 2017، تعرضت كنيسة مار مينا في حلوان لهجوم مسلح في 29 ديسمبر ، وهو ما أودى بحياة ستة أقباط وشرطي، بحسب بيان للداخلية المصرية، بالاضافة الى قبطيين إثنيين أخرين قتلا في ذات الهجوم في متجر مجاور للكنيسة ، وقالت الكنيسة إن مصابين توفوا لاحقا. من ابرز الاحداث السياسية التى شهدتها القارة تمثلت المفاجأة الكبرى خلال سنة 2017 في سقوط روبرت موغابي، بعد هيمنته لمدة 37 سنة على هرم السلطة في زيمبابوي. وتم ازاحته من الحكم عن طريق انقلاب عسكري، دون أي فائدة؛ فقد تم التوصل إلى اتفاق مع موغابي، الذي ضمن الحصانة الدبلوماسية. في المقابل، يرى الكثيرون أن هذه العملية لم تكن إلا نتيجة للصراع على السلطة. من جهة أخرى، أزيح أيضا يحيى جامع، في غامبيا، وجوسيه إدواردو دوس سانتوس، في أنغولا، من كرسي الرئاسة، خلال سنة 2017. أما الرؤساء الإفريقيين الذين تمسكوا، وبقوة، بالحكم بعد السيطرة عليه لمدة تناهز 30 سنة، فهم أساسا يويري موسيفيني، في أوغندا، وتيودورو أوبيانغ، في غينيا الاستوائية، وبول بيا، في الكاميرون. اما فى كينيا فقد كان قرار المحكمة العليا المتمثل في إبطال الانتخابات الرئاسية التي نظمت في شهر أغسطس الماضي، حدثا بارزا في البلاد وأيضا في القارة الإفريقية، إذ سلط الضوء على استقلال القضاء فيها. ومنذ هذه اللحظة، تحول رئيس المحكمة العليا الكينية، ديفيد ماراجا، إلى بطل بعد أن طلب إعادة الانتخابات بسبب "المخالفات التي سجلت فيها، وعدم مطابقتها للقانون". كما أثار هذا الحدث شكوكا حول شرعية فوز أوهورو كينياتا في الانتخابات في كينيا. في المقابل، نتج عن قرار المحكمة العليا في كيناي أعمال عنف وهجمات ضد الجهاز القضائي، الذي لم يحسن صورة الهيئة المسؤولة عن إدارة عملية الانتخابات. علاوة على ذلك، لم يستغل مرشح المعارضة في الانتخابات هذا الدرس الديمقراطي، بعد أن قاطع عملية إعادة الانتخابات، وهو ما أعاد النصر إلى كينياتا. بينما توسعت فى الصومال مليشيات حركة "الشباب" في الصومال، و لم تترك الهجمات أي شهر من الهدنة في البلاد، والتي غالبا ما تخلف ضحايا يكون عددهم في حدود العشرين. علاوة على ذلك، تسبب انفجار شاحنة مليئة بالمتفجرات توقفت بالقرب من ناقلة في نقطة تفتيش، في حدوث انفجار مدوّ، خلّف وراءه أضرارا هائلة وحوالي 500 قتيلا في العاصمة مقديشو. وكان هذا التفجير الأسوأ من نوعه في تاريخ البلاد، وأيضا أعنف هجوم إرهابي في العالم منذ أحداث 11 سبتمبر. مشهد جديد شهدته القارة خلال 2017م حيث تم الاحتفال بالذكرى السنوية الخمسين لحرب بيافرا، أو ما يعرف بالحرب الأهلية النيجيرية التي اندلعت خلال الستينات. وبدلا من إخماد مطالب الاستقلال، واصلت منطقة بيافرا النيجيرية في المطالبة بالحصول على حكم ذاتي. ومن جهتها، أجرت صوماليلاند انتخابات، وطالبت في نفس الوقت بالاعتراف بها على أنها دولة أخرى في أفريقيا (أعلنت استقلالها عن الصومال خلال سنة 1991). من جهة أخرى، نظمت المناطق الكاميرونية الناطقة باللغة الانجليزية عدة احتجاجات اتهمت خلالها الحكومة المركزية (الفرانكفونية) بإقصائها من المشهد السياسي في البلاد. وتبعا لذلك، كانت عمليات الاعتقال وحجب الانترنت، أمرا متواصلا خلال هذه السنة في الكاميرون. في منتصف شهر ديسمبر 2017م انتخب الحزب الحاكم، المؤتمر الوطني الأفريقي، زعيما جديدا للحزب، الذي يمكن أن يتحول إلى مرشحه خلال الانتخابات المقرر تنظيمها خلال سنة 2019. كما من المتوقع أن يحل سيريل رامافوسا، محل جاكوب زوما، الذي تحيط به العديد من الفضائح. من جهة أخرى، يحيل فوز رامافوسا أمام نكوسازا نادلاميني زوما، بفارق ضئيل من الأصوات، إلى أن الحزب الحاكم في جنوب أفريقيا يعاني من الانقسامات، أكثر من أي وقت مضى. وللتمكن من تحسين صورة الحزب الحاكم ونسيان الهزيمة التي شهدها خلال الانتخابات المحلية في سنة 2016، يجب على الزعيم الجديد حشد القوى للتمكن من استعادة ثقة الناخبين. خلال السنة الأخيرة، أصبح من الجلي أن التغيير المناخي قد بدأ في إحداث الفوضى في جنوب أفريقيا. وفي يوم 14 أغسطس، تسببت الأمطار الغزيرة في انهيار تلة على بعد كيلومترات من العاصمة، فريتاون. ونتيجة لذلك، دفن العديد من الأشخاص تحت الطين، وهو ما جعل عملية إنقاذهم مستحيلة. وإلى جانب الأضرار المادية، سجل اختفاء أسر بأكملها. وعموما، وصل عدد الضحايا إلى أكثر من 1000 شخصا، وهو ما جعل من هذه الكارثة الطبيعية، الأسوأ من نوعها في القارة. وشهدت القارة الافريقية خلال 2017م تحذيرالمجلس النرويجي للاجئين من حدوث أزمة من العيار الثقيل بين صفوف النازحين في جمهورية الكونغو الديمقراطية. وخلال هذه المرة، كان الخطر الذي يحدق بهذه المجموعة أخطر بالفعل من حالات الطوارئ الإنسانية الأخرى، الموجودة في سوريا واليمن. وفي غضون سنة فقط، غادر أكثر من 1.7 مليون شخص، أغلبهم من منطقة كاساي، منازلهم بسبب انعدام الأمن. وتجدر الإشارة إلى أن الكونغو هي عبارة عن بؤرة لمخازن الأسلحة التي لم تتمكن السلطات من السيطرة عليها. علاوة على ذلك، كان من المتوقع تنظيم انتخابات في هذه السنة، إلا أنه تم تأجيلها إلى السنة القادمة. الملاحظ انه خلال السنوات الماضية، انتقدت الدول الأفريقية بشدة العدالة الدولية، معتبرة أنها تستغل ضعف الهياكل الأفريقية وتدين فقط قادة هذه القارة. وخلال سنة 2016، أكدت كل من بوروندي، وجنوب أفريقيا، وغامبيا أنها ستباشر إجراءات مغادرة المحكمة الجنائية الدولية. وعلى الرغم من تراجع جنوب أفريقيا وغامبيا عن قرارهما خلال سنة 2017، أصرت بوروندي على قرارها وغادرت المحكمة الجنائية الدولية في نهاية شهر أكتوبر الماضي. في نفس الوقت، رفضت هذه البلاد طلب الأممالمتحدة في التحقيق في الإبادة الجماعية المحتملة في البلاد. فى العام الذى مضى أبرم طرفا الصراع في الحرب الأهلية في جنوب السودان، التي تواصلت على مدار أربع سنوات إلى حد الآن، اتفاق سلام أواخر الشهر الحالي. لكن، تبين بعد عدة ساعات فقط، أن هذا الاتفاق ليس سوى مجرد حبر على ورق. وبشكل عام، تعد هذه المحاولة، الثالثة من نوعها من أجل إنهاء الحرب التي نتج عنها مليونيْ مهاجر ومليونيْ نازح داخل البلاد. علاوة على ذلك، تسببت هذه الحرب الأهلية في سقوط عدد لا يحصى ولا يعد من الوفيات، والانتهاكات الممنهجة لحقوق الانسان. وفي الإجمال، مثلت كل محاولة فاشلة للتوفيق بين طرفي الصراع، فشلا للمجتمع الدولي المتدخل في عملية الوساطة. اما في مطلع 2017م عادت المغرب إلى مقعدها في الاتحاد الأفريقي باعتبارها عضوة في هذه المؤسسة، وغادرتها منذ 33 سنة. من جهة أخرى، لم تخف عودة المغرب إلى هذه المؤسسة نيتها في طرد الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، التي يعترف الاتحاد بسيادتها. ومع قدوم المغرب، من المتوقع أن يتم إما طرد الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية من الاتحاد الأفريقي، أو العدول عن الاعتراف بسيادتها من قبل الاتحاد. من جهة أخرى، عاد المغرب إلى مقعده في المؤسسة الأفريقية في الوقت الذي وطد فيه علاقاته مع جميع الدول الأفريقية، وبعد تحوله إلى أحد المستثمرين الرئيسيين في القارة. وفي سنة 2018، من المتوقع أن تكون الرئاسة الدورية للاتحاد الأفريقي من نصيب الرواندي بول كاغامه، وهو ما يعني أن المنظمة الأفريقية ستشهد جملة من التحولات التي تعود بالنفع على القارة. اخيرا زيارة الرئيس التركى رجب طيب اردوغان الى السودان وما حملته من مؤشرات سياسية واقتصادية وعسكرية وامنية وثقافية تراثية ازعجت بعض دول الجوار السودانى .