الخرطوم- 9-9-2019(سونا)- طالبت الدكتورة ماجدة مصطفى صادق رئيس قسم الاقتصاد بجامعة السودان العالمية ، وزير المالية بإصلاح شامل لكل منظومة الدولة القانونية والسياسية والاجتماعية والتعليمية والسلوكية لأفراد المجتمع حتى يتحقق النجاح للبرنامج الإسعافي الاقتصادي الذي أعلن عنه الوزير عقب تسلمه لمهامه . وأكدت في تصريح ل(سونا) أن البرنامج الإسعافي لوزير المالية يأتي ضمن سياسات البنك الدولي لإصلاح سياسات الاقتصاد الكلي في الدول ومحاربة الفقر ، لافتة إلى أن كل الإصلاحات و السياسات الاقتصادية وإعادة الهيكلة لإصلاح الاقتصاد السوداني لابد أن يصاحبه إصلاح عام بتفعيل كافة القوانين وإجراءات الخدمة المدنية وتطوير مناهج التعليم العام وتوجيه الآلة الإعلامية لإصلاح القيم والسلوك في المجتمع السوداني . وأشارت ماجدة إلى أن برامج التثبيت الاقتصادي يقوم على خفض معدل نمو الطلب الكلي واستعادة التوازن الكلي للاقتصاد من خلال معالجة عجز الموازنة العامة وتشجيع الادخار ومعالجة فجوة الموارد المحلية، مشيرة إلى أن ذلك يستلزم استقلالية البنك المركزي وبعده عن تمويل مصروفات الحكومة بالإضافة الى محاربة التضخم عبر ابتداع حزمة من السياسات المالية والنقدية. وفيما يتعلق بإجراءات هيكلة الموازنة ومعالجة الاختلالات الهيكلية الحالية في الميزانية ، توقعت تركيز البرنامج الإسعافي على تنويع مصادر الدخل القومي . واقترحت إجراء وزارة المالية لاحصاء شفاف وشامل لبيانات الأجور والبدلات والحوافز والإيرادات لكل المرافق الحكومية ومؤسساتها التابعة لها وأضافت بضرورة مطالبة كل تلك الجهات الحكومية والمؤسسات التي تتبع لها بإعداد وتقديم بيانات مفصلة عن كل ما يتقاضاه الموظف من مرتبات وبدلات وعلاوات وأي مزايا أخرى مرفق مع بياناتهم الشخصية من شهادات دراسية وطبيعة عمل وسنوات خبرة ومدى الحاجة لتلك التخصصات ونوعية تلك التخصصات. فيما يتعلق باجراءت ضبط الأسعار والتي ترتبط ارتباطا مباشرا بتثبيت قيمة الجنيه السوداني أمام الدولار قالت "يمكن التحكم في ذلك عبر إجراءات رقابية وقانونية تجاه المخالفين من أصحاب الوكالات التي تعمل في بيع العملة ومحاربة تجار السوق الأسود وتشديد العقوبة عليهم وإتباع إجراءات تحفيزية لجذب تحويلات المغتربين عبر المصارف وليس عبر السوق الأسود ، وتوجيه بنك السودان بفتح إعتمادات رسمية للمستوردين وإلزام التجار بها مع وجود آلية رقابية قوية لمحاربة التلاعب بالأسعار" . وأفادت بضرورة أن تصاحب السياسات الاقتصادية إجراءات لتخفيف غلاء المعيشة وتخفيض حدة الفقر لتصب في الجانب القانوني والسلوكي لغير الفقراء وتبيان دورهم تجاه الفقراء بالإضافة إلى تعديلات ضرورية وإيجابية في صالح الفقراء تتمثل في قانون التعليم الاجباري والمجاني للفئات الضعيفة الدخل ولفتت إلى ضرورة تفعيل قانون الاسكان لضمان حق العيش الكريم للفئات الفقيرة وإرجاع الأدوار السابقة لوزارة الاسكان في توزيع الأراضي للمواطنين ومحاربة السمسرة والجشع في تجارة الأراضي من قبل الشركات وبعض الصناديق الاجتماعية ، واشارت إلى تعنت أصحاب المساكن تجاه المؤجرين وعدم الامتثال لقوانين الإيجارات ودعت إلى تفعيل الإجراءات القانونية والرقابية وإعادة النظر في قانون الإيجارات مع الأخذ في الاعتبار أن أصحاب المساكن شريك اصيل في حل مشكلة السكن بتوحيد إيجارات المساكن حسب المناطق والمساحات المؤجرة . ودعت إلى ضرورة أن تأخذ المناهج التعليمية في الاعتبار زرع القيمة الوطنية للطلاب وإتباع منهجية محفزة ومشجعة للابتكار وأشارت إلى أن البيئة التعليمية بكل عناصرها من أستاذ وطالب ومنهج وبنيات أساسية وقيم منشودة دفعت بالتعليم ليكون في ذيل القائمة، مشيرة إلى مشكلة الرسوم الدراسية بالتعليم الخاص والذي أدى إلى إحداث طبقات مجتمعية من خلال الرسوم الباهظة المفروض على الطلاب ، وأضافت بأن السلوك الاجتماعي الحالي الذي يسيطر على معظم قطاعات المجتمع حاليا هو الاغتناء السريع بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة من تهريب للسلع المدعومة من قبل الدولة والسمسرة والمضاربة في العملة وغسيل الأموال بالإضافة إلى ضعف إنتاجية الموظفين بسبب السلوك الاجتماعي المتوارث من نظام الأسرة الممتدة وقضاء غالبية وقت العمل في المجاملات الاجتماعية . وقالت إن تخفيف الضائقة المعيشية يمكن أن يتم بصورة جيدة لدى المواطن عبر زيادة الإنتاجية وإنشاء سلسلة القيمة المضافة للمحاصيل النقدية وعبر تطوير الصناعات التحويلية في مناطق الإنتاج مما يخلق فرصا إضافية للعمل . وأشارت إلى الانهيار في قطاع النقل بكل مستوياته ، النقل البحري والجوي والسكك الحديدية ، مبينة أن تنفيذ السياسات الاقتصادية يتطلب إصلاح البنيات التحتية لقطاع النقل لجذب الاستثمارات الأجنبية وربط مناطق الإنتاج بالاستهلاك ولتخفيف حدة الفقر والتحكم فى الأسعار قالت إن إعادة الثقة في القطاع المصرفي ليس بالأمر المستحيل كما يشاع ولفتت إلى انهيار القطاع المصرفي بكامله في دول مثل الصومال والآن يسترد عافيته بإنتاج السلع والخدمات المصرفية المحفزة للمواطن ولرجال الأعمال والمغتربين وبإدارة مصرفية مميزة وقدرات للموظفين لامتلاكهم الخبرة والدراية والتعليم في مجال العمل الصيرفي ورقابة من البنك المركزي وحرب على الفساد فى قطاع المصارف. وأوضحت أن السودان قادر على تحقيق الأمن الغذائي وأن الوقائع تشير إلى أن الأغلبية تزرع وتنتج ولكن لاتغتنى ولا يظهر حجم الإنتاج بسبب مشاكل التسويق وسوء التخزين والتهريب و محتكري سوق المحاصيل. ولفتت ماجدة إلى أن المهمة الملقاة على عاتق وزير المالية لا تبدو سهلة ولكنها ليست صعبة المنال، مشيرة إلى أن حل مشكلة الاقتصاد السوداني غير ممكن عبر طرح مجموعة من السياسات ؛ إنما يتطلب مشاركة مجموعة كفاءات قادرة مهنيا ومستشارين من كل الوزارات الإنتاجية لتعينه وتقف معه فى عملية الإصلاح الشامل لكل قطاعات الاقتصاد والتعليم والمجتمع.