الخرطوم-27-11-2019م(سونا)- طالب الدكتور أنور محمد أحمد علي خبير الاقتصاد الكلي باعتماد الواقعية كما ورد بتصريحات وزير المالية ضمن برامجه للإصلاح الاقتصادي لتنفيذ المخطط له ودرء المحتمل من المخاطر بموازنة 2020م. وقال أنور أن الموازنة اعتمدت على موارد حقيقية وليست توقعات، مشيراً إلى أن هذه أهم نقطة تحسب لوزارة الماليه وأن تؤسس قراءاتها المستقبلية على واقع يعطيها على الأقل الصمود في وجه متغيراته التي يمكن استقراؤها وتصور المعالجة اللازمة حال حدوثها، مضيفا بأنه أمر افتقدناه في الشأن التخطيطي منذ أمد بعيد حيث كانت الموازنة تسقط في أول أيامها لعدم اتصافها بالواقعية والشفافية وإخضاعها لخدمة الأغراض السياسية دون اتباع منهج واضح لصياغتها إقتصاديا. وأضاف في تصريح (لسونا) " رغم تأكيدي على مضمون الفكرة الواقعية لموازنة 2020م إلا أننى تفاجأت من حين لآخر بتصريحات من المسئولين أحيانا وزير المالية نفسه، تثير شيئا من الضبابية حينما يصرح باعتماد الموازنة على تمويلها بدعم من الأصدقاء والأشقاء" لافتا إلى أنه لا توجد دولة تمول من الهبات، مؤكدا أنها موازنة لتعزيز فرص السلام وبناء متطلبات التنمية المستدامة وأردف قائلا " لا تأتي محمولة على أحلام عريضة بل أكبر من إحتمالات وضعنا الاقتصادي المتردي ومعاناتنا من العزلة الدولية التي فرضت على نظام سابق ومازالت مستمرة على السودان" . وأقر أنور بأن وزير المالية مواجه بتركة خارجية تتمثل في آثار عزلة النظام السابق، كما يواجه تركة داخلية ممثلة في تشوهات الهيكل الاقتصادي (تدني الإنتاج، والفساد، والبطالة، والتضخم ) فضلا عن الديون الخارجية التي تقارب ال60 مليار دولار وعبء فوائدها. ووصف الموازنة بأنها استثنائية ليس مطلوب منها معالجة كل المشاكل ولكن أقله إعادة قطاع الاقتصاد نحو المسار الصحيح، مشيرا إلى أن المصالح التي تعبر عنها موازنة 2020م تتمثل أولا في ولاية المالية على المال العام ومحاربة التجنيب وهو أمر فشلت فيه كل الكفاءات التي تعاقبت على الوزارة في النظام السابق، وثانياً الاهتمام باستقرار الوضع المعيشي بوضع سياسات تضبط اقتصاد السوق مع التوسع في شبكات الأمان الاجتماعي وبناء قدرات المرأة وتشجيع مبادرات ريادة الأعمال والأنشطة المنتجة، وثالثا تعزيز فرص السلام وبناء مرتكزات التنمية المستدامة، مؤكدا أن ذلك يتم من خلال السعي الجاد للمؤسسة السياسية لاحلال السلام في البلاد ومن ثم تحويل نفقات الحرب إلى إعادة توطين وبناء قدرات وتوظيف جهود ترفد الاقتصاد لموارد تعزز قدراته وتمكن السلام من الإستدامة وعدم العودة إلى مربع النزاعات او التمرد مستقبلا. وحول متطلبات الموازنة 2020م أكد أنور إنها تشمل إستعادة موقع السودان في المؤسسات الدولية وبخاصة البنك الدولي وصندوق النقد وإخراج السودان من عزلته لأجل توفير متطلبات التنمية والحصول على المساعدات والنفاذ إلى الأسواق الكبرى مباشرة، وفتح المجال بصورة أكبر أمام رأس المال الخاص الأجنبي والمحلي ودعم إنتاج السلع التنافسية خارجيا والتي لها ميزات إنتاجيه كبيرة بالسودان، بالإضافة إلى مراجعة ملفات الاستثمار وفقا لقراءات التنفيذ من عدمه، ومراجعة الإعفاءات والملفات الضريبية الخاصة بالاستثمار وضبط الأنفاق الحكومي وتوجيه القدرات الإنتاجية نحو المشروعات الإنتاجية ولو استدعى ذلك أن تقوم الدولة بمبادرة الاصلاح الأولى kick start ومن ثم الخصخصة تشجيعا لرأس المال المحلي وتوجيه حجم معتبر في مكون الأنفاق لخدمة مؤسسات الصحهة والتعليم بغرض استدامة السلام والتنمية . وأشار إلى الدور الذي يمكن أن تلعبه الصادرات في موازنة 2020م وأن الصادرات تحتاج إلى أسواق جديدة في الخارج وهي ستكون نتاجا لجهود إصلاح علاقات السودان الخارجية مضيفا بأن الصادرات تحتاج إلى تقانة إنتاج تتوفر عند النجاح في رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية الإرهاب، لافتا إلى الحاجة إلى صادرات نهائية أو شبه نهائية الإنتاج للحصول على أقصى عائد من القيمة المضافة مؤكدا أن السودان مؤهل لذلك. وأشار أنور إلى تفاؤله بمضمون الموازنة، مستدركا بأن الحذر يظل موجود لمنهجية التطبيق التي تمثل العلامة الفارقة ما بين الفكرة والعمل مضيفا بأنه الأمر المفقود دوما في السياسات والبرامج الاقتصادية، مطالبا بالتريث وعدم التسرع في إلقاء الأحكام وأن تتخذ الواقعية في الحكم على النتائج، فمجرد إحداث اختراق ايجابي نحو إقتصاد مخطط يتجه إلى الإمام بخطوات ثابتة يعتبر قفزة نوعية للحكومة التي بدأت وسط إشكاليات معقدة وأزمات محدقة لافتا إلى أن تحديات الموازنة تشمل البطالة والتضخم والديون والحرب الأهلية في أكثر من جبهة، بالإضافة إلى الحصار الدولي المفروض من الولاياتالمتحدةالأمريكية. تجدر الإشارة إلى إعلان وزارة المالية، أن مشروع موازنة 2020م ، يعتمد على موارد حقيقية وليس توقعات، وأن أهم ملامح موجهات مشروع الموازنة، تعتمد على تقليل الإنفاق الحكومي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وزيادة الصرف على التنمية والتعليم والصحة. وقال وزير المالية إبراهيم البدوي، في وقت سابق إن السودان يحتاج إلى نحو خمسة مليارات دولار دعماً للميزانية، لمواجهة التحديات الاقتصادية وتدشين مشروع الإصلاح الاقتصادي الذي تنفذه الحكومة الانتقالية في السودان . وأوضح أن البلاد تحتاج إلى تمويل تنموي بقيمة تصل إلى ملياري دولار من المأمول الحصول عليها من صناديق تنموية عربية. وأعلنت الحكومة الانتقالية أن تقديرات دعم الموازنة العامة، تتراوح ما بين ثلاثة وأربعة مليارات دولار. وقال رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، أن السودان في حاجه إلى نحو ثمانية مليارات دولار لتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي بالبلاد، وتتوقع الحكومة الانتقالية دعم المانحين للموازنة الجديدة من خلال اجتماع «أصدقاء السودان» الجديد المقرر عقده بالخرطوم في ديسمبر المقبل، والذي عقد مؤخراً بواشنطن على هامش اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين في أكتوبرالماضى . وأقر الاجتماع بحسب وزير المالية تمويل 20 مشروعاً بالموازنة الجديدة ومساعدة السودان لتجاوز التحديات الاقتصادية الراهنة التي يواجهها.