الخرطوم 15-9-2020 (سونا)- دفع دكتور ابوبكر التجاني الحاج محمد خبير اقتصادي اول بوزارة الاقتصاد والتخطيط السعودية ومشروع برنامج الاممالمتحدة الانمائي بالوزارة بعدد من المقترحات لمعالجة مشكلة ارتفاع معدل التضخم في السودان، والذي وصل لأرقام قياسية بلغت (166.83%) فى اغسطس من العام الجاري. ودعا د.التجاني إلى اتباع ادوات السياستين المالية والنقدية وزيادة رسوم الجمارك والضرائب على السلع الكمالية مع فرض ضرائب على الاراضي البيضاء (الاراضي غير المبنية او المعمرة) مما يؤدي الى زيادة العرض من الاراضي القابلة للبيع، وشدد على ضرورة تغيير نمط التمويل الاصغر السائد حاليا وحصره على الفئات التي يمثل لها هذا التمويل قمة الطموح. واشار الى ان التضخم الجامح والمفرط يمثل تحديا كبيرا للحكومة وأقرت بذلك وزارة الماليه والتخطيط الاقتصادي عندما تراجعت عن قرار صرف مرتب شهرين للعاملين بالدولة كمنحة لعيد الأضحى، وقالت إنه ناتج عن تخوفهم من إرتفاع معدلات التضخم، وأكدت في الوقت ذاته أن التضخم في السودان عندما يرتفع فإنه لا ينخفض بسهولة كما أقرت بتراجع الإيرادات في شهر يوليو بنسبة (40%) بسبب جائحة كورونا. واوضح د.التجاني ان التضخم يعرف بأنه الارتفاع المستمر في المستوى العام للأسعار، ويقاس بمعدل الزيادة في أسعار مجموعات السلع والخدمات (كمجموعة السلع الغذائية، ومجموعة الخدمات وغيرها) على أساسيين شهري وسنوي وتنتج معدلات التضخم العالية من عدة عوامل منها، زيادة الكتلة النقدية في الاقتصاد، زيادة تكاليف مدخلات الإنتاج (Cost Inflation) (تضخم التكاليف)، زيادة الطلب على العرض من سلعة أو خدمة معينة (تضخم الطلب)، (Demand Inflation) أو قد يكون التضخم مستورد (Imported Inflation) (تضخم الواردات) أي أن الواردات أصبح الحصول عليها يتم بسعر أعلى مما كانت عليه في السابق، مما يؤثر سلباً على أسعار السلع أو المنتجات المرتبطة بها داخل الدولة. وقال الخبير الاقتصادي دكتور التجاني (لسونا) حول تأثيرات التضخم على الاقتصاد أن معدلات التضخم) Inflation Rates ) العالية أحد أكبر المشاكل التي تواجه الاقتصادات في العلم، لذلك تسعى الدول إلى عدم حدوثها، أو العمل علي معالجتها عند حدوثها، نظراً لما لهذه المعدلات من تأثيرات سلبية عديدة على الإنتاج، وعلى دخول الأفراد والوحدات الإنتاجية، إضافة إلى أن المستويات المتدنية أو المنخفضة منها تُعد أحد مطلوبات الاستقرار الاقتصادي في الدولة. واشار الى ان معدلات التضخم المرتفعة تؤثرتأثيراً سلبياً بالغاً على الإقتصاد، من خلال خفضها للقيم الحقيقية للنقود، وبالتالي إلتهام القيمة الحقيقية لمدخرات الأفراد وقطاع الأعمال، وميزانية الدولة من حيث إزدياد حجم الإنفاق الحكومي على تنفيذ المشروعات العامة، وتسببها في عدم توفر حالة الاستقرار الاقتصادي للدولة، وبالتالي عزوف الإستثمار الأجنبي المباشر (FDI) من الدخول في استثمارات بها وأن كان له جانب إيجابي فهو يتمثل في أن فترات التضخم الممتدة غالباً ما تشهد إنخفاضاً في معدل البطالة، لأن المنتجين يكونوا راغبين في زيادة إنتاجهم للحصول على عوائد أعلى مما ينتجونه، وبذلك يكونوا مضطرين لتوظيف أعداداً كبيرة من الأيدي العاملة لتحقيق هذا الهدف (Phillips Curve) (منحنى فيلبس). كما اوضح ان معدلات التضخم المتدنية (أحادية أو أقل من الرقم 10) ينظر بأنها مرغوبة لتحريك عملية الإنتاج في الإقتصاد، ويطلق عليها أحياناً صفة "بهار الاقتصاد" لهذا السبب. أما الدول التي تعاني من مشكلة معدلات التضخم العالية، هي تلك الدول التي يتعدى معدل التضخم فيها نسبة (50%) أو ما يطلق عليه التضخم الجامح أو المفرط (Hyper Inflation). وهو يؤثر بشكل سلبي ومباشر على سعر صرف العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، ويفقد البلاد إستقرارها الإقتصادي، فضلاً عن إلتهامه للقيمة الحقيقية للمدخرات. ولمعالجة المعدلات العالية من التضخم يقول دكتور التجاني انه من الممكن كبح جماح المعدلات العالية من التضخم من خلال إستخدام أدوات السياستين المالية والنقدية. وفيما يتعلق بادوات السياسة المالية دعا إلى خفض الإنفاق الحكومي وحصره في مجالات إنتاج السلع والخدمات وإزالة الترهل الوظيفي في إجهزة الدولة المختلفة وزيادة رسوم الجمارك والضرائب على السلع الكمالية وفرض ضرائب على الاراضي البيضاء (الاراضي غير المبنية او المعمرة) مما يؤدي الي زيادة العرض من الاراضي القابلة للبيع او البناء وبالتالي انخفاض قيمة الاراضي السكنية و السكن او الايجارات وهي مجموعة مهمة في حساب معدل التضخم. و يؤدي فرض هذه الضريبة الى زيادة ايرادات الدولة وزيادة قدرتها على الصرف على القطاعات المنتجة، وبالتالي زيادة العرض من السلع والخدمات، مما يسهم في خفض الاسعار ومعدل التضخم و فرض ضريبة على المزارع غير المنتجة حول المدن الكبيرة، مما يدفعها للانتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، وزيادة العرض منهما مما يؤدي الى خفض اسعارهما. اما بالنسبه للسياسات النقدية اقترح تغيير نمط التمويل الاصغر السائد حاليا وحصره على الفئات التي يمثل لها هذا التمويل قمة الطموح مثل الارامل، المعوقين واصحاب الحاجات الخاصة وتخصيص الجزء الاكبر من هذا التمويل في انشاء شركة انتاج وتسويق الانتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني التي تستوعب اعداد كبيرة من الشباب من الجنسين من مختلف التخصصات (مما يؤدي الى خفض معدل البطالة) وتتولى الشركة تجميع المنتجات الزراعية من جميع أنحاء البلاد وتوريدها لاسواق المدن مما يؤدي الي خفض اسعارها وبالتالي خفض معدل التضخم، اضافة الي تصدير الفائض منها للاسواق العالمية، مما يؤدي الى جلب عملات اجنبية للبلاد وتحسين اوضاع الميزان التجاري وميزان المدفوعات، وبالتالي تحسين وتثبيت سعر صرف العملة الوطنية، وثبات اسعار السلع داخل البلاد. كما طالب برفع نسبة الإحتياطي القانوني للبنوك التجارية لدى البنك المركزي، وذلك لإضعاف قدرتها على الإقراض، وحصر ذلك الإقراض على مجالات إنتاج السلع والخدمات على أن يقوم النظام المصرفي ببيع أوراق مالية للجمهور لسحب أكبر قدر ممكن من السيولة النقدية في الإقتصاد وبمعدلات فائدة مجزية بالإضافة إلى رفع سعر الفائدة لمدخرات الأجلين القصير والطويل في البنوك التجارية، لتشجيع الناس على خفض إستهلاكهم من السلع والخدمات، وبالتالي زيادة عرضها وإنخفاض أسعارها مما يسهم في خفض معدلات التضخم العالية.