بالأمس تم نشر تقرير مالي في بيروت عن أغلى المدن في العالم خلال العام 2011م وجاءت جيبوتي في المرتبة الأولى عربياً، تلتها الخرطوم، ثم «أبوظبي» و «بيروت»و«دبي» و«عمان» و«كازابلانكا» و«دمشق» ثم «القاهرة» بينما بقيت «تونس» في مجال قائمة المدن الأقل كلفة. لأن التقرير لبناني فقد ركز على «بيروت» وعلى أنها الرابعة بين المدن الأغلى عربياً وفي المرتبة الخامسة والسبعين من بين مائتين وواحد وأربعين مدنية في العالم، وهذه قطعاً لا نعرف أين موقع عاصمة بلادنا منها. التقرير أوضح أن المعايير التقيمية تضمنت مائتي سلعة في كل مدينة من بينها تكاليف السكن والغذاء والملبس والسلع المنزلية والترفيه، فيما اعتمدت مدينة «نيويورك»الأمريكية معياراً لمقارنة أسعار استهلاك السلع نظراً إلى أن نتائج المسح تستخدم كمرجع للشركات التي تسخدم موظفين في مختلف مدن العالم فتدفع أجورهم ومخصصاتهم على هذه الأسس التقرير (قديم) رغم أنه يعبر عن أغلى المدن خلال العام 2011م، ولابد من أن تكون الخرطوم، قد تقدمت الآن لتحتل المركز الأول في قائمة المدن الأغلى والأعلى تكلفة. نحرص على شراء بعض السلع الضرورية والأساسية كل أسبوع، وإن تيسرت الأمور نقوم بالشراء كل شهر شأننا شأن أكثر الأسر السودانية وقد ذهلنا من الأسعار التي واجهتنا يوم الجمعة الماضي في سوق الجملة بأمدرمان، حيث بلغ سعر كيس اللبن المجفف والمسحوق، تسعة وخمسين جنيهاً بالتمام والكمال وارتفعت أسعار الزيوت والصابون والسكر والأرز والعدس والفول وبقية البقوليات، الأمر الذي أشعرنا بأن كل شئ لزيادة إلا الجنيه نفسه. الآن رمضان يتقدم نحونا بخطى حثيثة وساستنا - غفرالله لهم- مشغولون بانفصال الجنوب واستقالة «باقان» وجنيه الجنوب الجديد، ومعارك البترول القادمة وبفترة توفيق أوضاع الجنوبيين في الشمال أو الشماليين في الجنوب، وينشغلون عن الأهم بما دونه أهمية، حياة الناس ومطعمهم ومشربهم وخدماتهم هي الأهم، وهي التي يجب أن تنصب حولها الجهود نحن لا نطمع أو نطمح في رفاهية نحن نريد توفير الضروريات الأساسية بأقل تكلفة بحيث لا يموت أحد من الجوع بسبب الفاقة «والفقر» . رمضان تبقت أيام قليلة ويهل علينا هذا الشهر المبارك الذي نتوقع أن تتضاعف الأسعار فيه أضعاف ما هي عليه الآن ونحسب أن بعض السلع (سياسية) أكثر منها تموينية لأن ارتفاع أسعارها يعتبر مدخلاً لفوضى عارمة ليس في الأسواق وحدها بل ربما في الشوارع. أذكر مرة ونحن في أواخر النصف الأول من تسعينيات القرن الماضي أن كنت وصديقي العقيد م. سامي آدم أحمد موسى قد فرغنا من متابعة عمل خاص بنا داخل معرض الخرطوم الدولي، وظللنا نبحث عن مطعم أو كافتريا في «الخرطوم» بعد الحادية عشر ليلاً لنحمل منه بعض الطعام إلا أننا لم نوفق.. أذكر تماماً أنني قلت لأخي سامي آدم إن الذي فيه نحن الآن هو المجاعة بعينها.. أي أن يكون في جيبك مال ولا تجد الطعام. الآن ليس في جيوب المواطنين مال بسبب الرسوم الزائدة في المدارس ورسوم العلاج والضرائب الزائدة مع ارتفاع سعر كل شئ . ليس في الجيوب مال والأسواق تمتلئ بل تفيض بالسلع التموينية والغذائية التي لا تجد إلا قلة تتمكن من الشراء. إنتبهوا أيها السادة والحكام.. إنتبهوا للمواطن ولضرورات العيش الكريم ودعونا من «باقان» و«سجمان» و«رمدان» إنتبهوا لمواطنيكم فقد لخص الله سبحانه وتعالى قاعدة الاستقرار في الدنيا، في سورة «قريش»، وهي الإطعام من الجوع والأمن من الخوف.