كامل ادريس يلتقي نائب الأمين العام للأمم المتحدة بنيويورك    شاهد بالفيديو.. شباب سودانيون ينقلون معهم عاداتهم في الأعراس إلى مصر.. عريس سوداني يقوم بجلد أصدقائه على أنغام أغنيات فنانة الحفل ميادة قمر الدين    محرز يسجل أسرع هدف في كأس أفريقيا    شاهد بالفيديو.. جنود بالدعم السريع قاموا بقتل زوجة قائد ميداني يتبع لهم و"شفشفوا" أثاث منزله الذي قام بسرقته قبل أن يهلك    شاهد بالصور.. أسطورة ريال مدريد يتابع مباراة المنتخبين السوداني والجزائري.. تعرف على الأسباب!!    شاهد بالفيديو.. الطالب صاحب المقطع الضجة يقدم اعتذاره للشعب السوداني: (ما قمت به يحدث في الكثير من المدارس.. تجمعني علاقة صداقة بأستاذي ولم أقصد إهانته وإدارة المدرسة اتخذت القرار الصحيح بفصلي)    السودان يردّ على جامعة الدول العربية    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    البرهان يزور تركيا بدعوة من أردوغان    المريخ يحقق الرمونتادا أمام موسانزي ويتقدم في الترتيب    سر عن حياته كشفه لامين يامال.. لماذا يستيقظ ليلاً؟    "سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه    تقارير: الميليشيا تحشد مقاتلين في تخوم بلدتين    جنوب إفريقيا ومصر يحققان الفوز    مجلس التسيير يجتمع أمس ويصدر عددا من القرارات    شاهد بالصورة.. الناشط محمد "تروس" يعود لإثارة الجدل ويستعرض "لباسه" الذي ظهر به في الحفل الضجة    شاهد بالصورة والفيديو.. المذيعة تسابيح خاطر تستعرض جمالها بالفستان الأحمر والجمهور يتغزل ويسخر: (أجمل جنجويدية)    سيدة الأعمال رانيا الخضر تجبر بخاطر المعلم الذي تعرض للإهانة من طالبه وتقدم له "عُمرة" هدية شاملة التكاليف (امتناناً لدورك المشهود واعتذارا نيابة عنا جميعا)    شاهد بالصورة والفيديو.. المذيعة تسابيح خاطر تستعرض جمالها بالفستان الأحمر والجمهور يتغزل ويسخر: (أجمل جنجويدية)    والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة    فيديو يثير الجدل في السودان    إسحق أحمد فضل الله يكتب: كسلا 2    ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة    احذر من الاستحمام بالماء البارد.. فقد يرفع ضغط الدم لديك فجأة    في افتتاح منافسات كأس الأمم الإفريقية.. المغرب يدشّن مشواره بهدفي جزر القمر    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    مكافحة التهريب بكسلا تضبط 13 ألف حبة مخدرات وذخيرة وسلاح كلاشنكوف    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    4 فواكه مجففة تقوي المناعة في الشتاء    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    ريال مدريد يزيد الضغط على برشلونة.. ومبابي يعادل رقم رونالدو    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    قبور مرعبة وخطيرة!    شاهد بالصورة.. "كنت بضاريهم من الناس خائفة عليهم من العين".. وزيرة القراية السودانية وحسناء الإعلام "تغريد الخواض" تفاجئ متابعيها ببناتها والجمهور: (أول مرة نعرف إنك كنتي متزوجة)    حملة مشتركة ببحري الكبرى تسفر عن توقيف (216) أجنبي وتسليمهم لإدارة مراقبة الأجانب    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    انخفاض أسعار السلع الغذائية بسوق أبو حمامة للبيع المخفض    تونس.. سعيد يصدر عفوا رئاسيا عن 2014 سجينا    ضبط أخطر تجار الحشيش وبحوزته كمية كبيرة من البنقو    البرهان يصل الرياض    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اللحوم الحمراء والرايات البيضاء
نشر في آخر لحظة يوم 27 - 09 - 2011

يقسم علماء التغذية اللحوم إلى قسمين رئيسيين، اللحوم الحمراء، وهي تلك الناتجة من ذبيح الأبقار والضأن والماعز والجمال وما شابهها، والصنف الآخر اللحوم البيضاء، وهذه تنتج من ذبيح الدواجن والأرانب واصطياد السمك والطيور بأنواعها وما شابههما.
لنا قصص وحكاوى وذكريات مع اللحوم الحمراء، من أشهر قصصها تلك التي ارتبطت بالنظم السياسية الحاكمة، فقد أصدرت الحكومة في عهد الرئيس نميري- رحمة الله عليه- قراراً بمنع الذبيح لمدة يومين في الأسبوع، فصار من الطبيعي أن لا تجد لحوماً معروضة للبيع أيام السبت والأربعاء، ما هي الحيثيات والدوافع لصدور مثل هذا القرار في دولة تعتبر من أكثر دول العالم تعدداً لمفردات الثروة الحيوانية؟.. وفي الوقت الذي كان يشتكي فيه علماء المراعي من الضغط العالي على المرعى، فزيادة المسحوبات من الماشية من مناطق الإنتاج والرعي يزيد من التحسن الصحي لحيوانات المرعى من خلال إتاحة الفرصة للتغذية الكاملة من المراعي الطبيعية الخالية من الإضافات العلفية، لم يصحب تطبيق هذا القرار احتجاج من المواطنين أو التجار، إنما رفعوا الراية البيضاء وامتنعوا عن التعامل مع الجزارات اليومين المذكورين، ولم يحقق القرار أهدافه وتعثرت زيادة أعداد المواشي كما تعثر انخفاض أسعار اللحوم.
وحتى اليوم القرار ساري المفعول، وأعتقد حتى الآن لا يعرف دوافع استمرارية نفاذه.
استمرت الحكومات السابقة والمتعاقبة في التدخل المباشر وغير المباشر في سياسات اللحوم الحمراء، ولأول مرة في تاريخ السودان يتصدى الحزب الاتحادي الديمقراطي متمثلاً في شخص أستاذ القانون الدكتور محمد يوسف أبوحريرة وزير التجارة الأسبق والنائب بالجمعية التأسيسية في أيام الديمقراطية التي جاءت بعد انتفاضة أبريل 1985م، وهو صاحب فكرة استيراد اللحوم من أستراليا لأنها الأرخص، وقد اتخذ السيد الوزير في عهده جملة قرارات وزارية تهدف لصالح المواطن السوداني، لم يقصد السيد الوزير في قراراته التي أعيت الكثيرين من أنصار حزبه، محاربة التجار في أشخاصهم.. ولكنه كان يهدف إلى جمح جشعهم، وضبط الأسعار المتصاعدة لحماية المواطن السوداني الذي قدم الولاء لأحزابهم العقائدية، حينما بدأ الهجوم على شخص أبوحريرة وازداد بواسطة التجار وعدم استجابة ورضا الحكومة عن قراراته، قرر أن يسلم الراية البيضاء وتقدم باستقالته من حكومة الصادق المهدي، وبعدها تم حل الحكومة في عهد الديمقراطية الثالثة.
تشكل عدد من الحكومات الإئتلافية في الفترة بين مغادرة حكومة نميري في مايو 1986م، إلى تولي حكومة البشير في يونيو 1989م.. الحكومات الإئتلافية عاشت صراعات بين أطروحات الأحزاب التي يفترض أنها مؤتلفة لصالح حكم الشعب، ولكنها اتخذت التلاسن والشتائم وتوجيه الاتهامات من خلال جلسات الجمعية التأسيسة، وأصاب قطاع الثروة الحيوانية إهمال كبير ليس للحيوان فقط، ولكن الإنسان الذي يرعى هذه الثروة رغم المساهمة الاقتصادية الكبيرة والتي من أهمها عدم استيراد لحوم من الخارج، فكان الاكتفاء الذاتي من اللحوم الحمراء هي الحياة الطبيعية التي يعيشها المجتمع في كل ولايات السودان، وقد رفع المصدرون والرعاة وحتى المستهلكين الراية البيضاء بالقبول بكل واقع مفروض عليهم بواسطة حكومات الأحزاب.
ظل أهل السودان هم المضيافين والمرحبين وأصحاب الكرم الموروث والبشاشة دائماً وأبداً، تتقدم كل هذه الصفات.. الترحاب بإقامة الذبائح على شرف القادمين من ضيوف الأسرة الممتدة، لا تغيير لهذه الشمائل بين الفقير والغني، فالبركة موجودة والتوكل سائد في حياة الناس.
جاءت حكومة الإنقاذ وظلت اللحوم السودانية داخل جلدها مسجونة لمدة سبع سنوات في سجن الزراعة إلى أن تم إطلاق سراحها وتسليمها إلى (المك) لتتلمس طريقها نحو الحرية فاصطدمت بنيفاشا وصراع شريكي الحكم الدائم والحديث عن البترول واقتسام السلطة والثروة، وليتهم بجانب ملفات نيفاشا وضعوا ملفاً باسم (الثروة الحيوانية).. أليست هي جزء أصيل من الصراع الدائر الآن؟
إن الأبقار في مناطق جنوب السودان أهم من البندقية والكلاشنكوف، كما الجاموسة أهم من الولد عند الفلاحين المصريين، وظلت المواشي ترعى لا تعرف الحدود ولا يعنيها بروتوكولات الاتفاقيات الثنائية ذات الرعاية الدولية.
جاءت الإنقاذ بسياسة التحرير الاقتصادي معتمدة علي القانون البسيط للعرض والطلب، وقد حققت هذه السياسة الكثير من المنافع للمواطن السوداني.. فصارت أسعار المواد نتاجاً عن إفرازاته، ولم يفهم الطفيليون من التجار الفرق بين (تحرير) و(فوضي) الأسعار، فعاب التطبيق غياب الثقافة الاقتصادية للمتلاعبين بالأسعار، ومع تطور الحياة صار القانون يأخذ طابع الرفض الجماعي لفوضى السوق، فظهرت على سطح مجتمعنا جمعية حماية المستهلك ونيابة حماية المستهلك، فالأولى تركز نشاطها في حماية المستهلك في التأكد من مأمونية المواد المستخدمة للاستهلاك الآدمي كالغذاء والدواء واحتياجات الإنسان اليومية.. نيابة حماية المستهلك تختص في حماية المستهلك من خطر مخالفة البيئة والصرف الصحي ومصارف المياه والمنتجات الغذائية والمنتجات الحيوانية الفاسدة ومخالفة الأدوية والسموم، وخطر احتكار السلع الإستراتيجية، الجمعية ساهمت في كثير من القضايا منها مخاطر أبراج الاتصالات وما ينتج عنها من مضار صحية، وسلبيات استخدام بروميد البوتاسيوم في الخبز، اليوم الجمعية تسلط الضوء على أسعار اللحوم الحمراء وتطرق باب المخزون المعرفي لأفراد المجتمع وفرض واقع جديد له، وتتجاوب معها الدولة ممثلةً في ولاية الخرطوم، وترفع الراية البيضاء معلنةً عن جملة من السياسات التنسيقية، وتسوق لاستيراد 1.500 طن من الدواجن وبعض الإعفاءات المالية التشجيعية.
بالله عليكم الدجاج يكاكي في البرازيل ويؤكل لحمه في السودان، إنه عالم عجيب ومتسارع!.. لم يفكر الأستاذ أبو حريرة في استيراد دواجن، ولم ينفذ قراره بحرية لاستيراد لحوم من أستراليا.
نفاخر ونعتز بثروتنا الحيوانية في كل تقاريرنا المحلية والعالمية، وندعو المستثمرين عرباً وعجماً للاستثمار في هذا القطاع، ثم تطرح البدائل لاستيراد دواجن بحجة سد الفجوة الغذائية في اللحوم الحمراء، ليست الدواجن من الموارد الطبيعية المستدامة ولا تواجه مخزونات مستنزفة وليست سلعة يمكن أن تستهلك يومياً بواسطة شعب اعتاد على (الضلع) وليس (الورك).
من يضع الحلول الاقتصادية في مثل هذه القضايا..؟ أين هذه القرارات من أهل الاختصاص.. من يضع الضوابط الصحية لعملية الاستيراد.. ؟أليس السودان عضواً في المنظمة العالمية للصحة الحيوانية، والتي لها دستور لصحة الحيوان يحدد قياس المخاطر المتعلقة بالسلامة البيولوجية للأغذية يمنع دخول الأوبئة والآفات بواسطة الاستيراد؟!
إن استيراد الدواجن يترتب عليه قدر من المخاطر، وقد يقود إلى نتائج مفجعة في قطاع الثروة الحيوانية وفي صناعة الدواجن، لقد كانت الطيور على مر التاريخ رسل خير، وقد عبْر هدهد سليمان بملكة سبأ وقومها من عبادة الشمس إلى نور الإيمان، ورزق الله عز وجل اليهود قتلة الأنبياء بالمن والسلوى.
لا تهزموا سياسة التمويل الأصغر بالاستيراد، ولن يرفع منتجو الدواجن الراية البيضاء لاستيراد فراخ منزوع الدسم ومنزوع البركة.
سؤال بريء: كم ستصرف الدولة على النفايات لمعالجة (الكرته) الناتجة من مخلفات الدواجن بعد أكلها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.