الأوطان مثل البشر، تولد وتنمو وتكبر وتشيخ، وربما تموت، كذلك الأنظمة السياسية والسلطوية، ولا يبقى إلا ما ينفع الناس.. إذا أردنا لأي بلد أو نظام أن يستمر في الوجود، علينا أن ننصحه ب(التجديد) و(التجويد)، لأن المرونة مطلوبة حتى يواكب النظام ما حوله من مستجدات ومتغيرات تحققت لأسباب مادية أو حضارية أو روحية، وأدت إلى تحول المجتمع لأكثر من درجة، وفي أكثر من اتجاه. الأوطان الشابة، والأنظمة الذكية هي التي تفتح الباب أمام شبابها دون أن تمنع شيوخها من تحمل المسؤولية أو حمل الأمانة، وفتح الباب أمام الشباب لا يأتي ب(الكلام) أو بالأفكار غير الناضجة التي تدفع بهم إلى المجهول. فتح الباب أمام الشباب يأتي ب(القول) و(الفعل).. يأتي بالأفكار والقوانين المنظمة لنشاط المجتمع، فالتشريعات مهمة، خاصة في مجال إتاحة فرص العمل أمام العاطلين عن العمل، بابتكار النظم والوسائل التي تؤدي إلى تنمية المهارات في مجالات العمل اليدوي والحرفي والمهني، والتشريعات مهمة خاصة في مجال توفير خيارات العمل المتعددة أمام الخريجين التي يسبقها إعداد وتأهيل للشباب من الجنسين في مجالات تخصصاتهم أو المجالات التي يطلبها المجتمع. الوطن الشاب هو الذي يوجّه مسار أبنائه منذ مراحل الدراسة وفق استعداهم وقدراتهم الطبيعية بما يخدم حاجة المجتمع، لا ما يخدم حاجة النظام الحاكم الممسك بخيوط السلطة لأنه لن يسمح لغيره بالمشاركة.. الآن يتحدث الحكام وبعض المحكومين وكثير من قادة الأحزاب عن منح الفرصة للشباب في القيادة، وهذا للأسف الشديد لا يعني شيئاً كثيراً بالنسبة لعامة الناس، فما الذي يجنيه شباب السودان من تعيين «زيد» أو «عبيد» أو «فاطمة» أو «هند» وزيراً أو وزيرة في الحكومة الاتحادية أو الولائية أو حتى على المستوى الأقل في المحليات؟! فتح الباب أمام الشباب لا يجيء بتعيين قلة محظوظة في مواقع متقدمة للحكم.. فتح الباب أمام الشباب يجيء بتوفير فرص العمل وسعي الدولة إلى ملء أوقات الفراغ حتى لا تذهب العطالة بأبنائنا وبناتنا مذاهب شتى، أخفها إن لم يقد إلى السجن في الدنيا، فإنه يقود إلى جهنم في الآخرة. زرت الهند قبل عام، وجدتُ وزير الخارجية في أواخر السبعين، لكنه يتحدث عن سياسات دولته والتخطيط لها لخمسين عاماً قادمة.. وجدت وزير التعليم في ذات السن لكنه يمسك بملفات المستقبل ويخطط لذلك.. وهكذا بقية الوزارات والمؤسسات والهيئات الحكومية، والدولة تسعى لتوفير الأمن والطعام حتى أنها تنشيء وزارة مختصة لذلك تحمل اسم وزارة الطعام، يعتبر وزيرها أهم وزير في الطاقم الحكومي.. سهلٌ جداً أن نخرج من نفق الإخفاقات إن أردنا ذلك من خلال التعرف على تجارب الآخرين.. والتحية الخالصة لأبنائنا الشباب والطلاب وهم يعقدون مؤتمراتهم التنشيطية هذه الأيام على مستوى المركز والولايات.