طبعاً لم أكن «معزوماً».. ولم تضل دعوة أنيقة.. أو بشعة طريقها إلى شخصي..حتى أكون حضوراً مع الأحبة في المؤتمر الوطني.. وهم يقيمون الدنيا ولا يقعدونها تبشيراً واحتفالاً واحتفاءً بمؤتمرهم الثالث.. وما فائدة تجشم المشاق.. وتكبد المصاعب والمتاعب.. وامتطاء ظهور الحافلات.. واعتلاء الهايسات.. لتطوي المساحة وتختزل الزمن وهي في ركضها إلى «النادي الكاثوليكي» الذي «خرتو» هؤلاء الأحبة من ساكنيه وشاغليه قبل أن تهب على البلاد عاصفة إعصارهم.. آه من أيام النادي الكاثوليكي تلك البهية.. وذاك الزمان الذي كانت لنا فيه أيام.. المهم لم أذهب «مدعواً» ولا متطفلاً.. ليس لأي سبب غير أن النادي بمن فيه وما فيه قد حضر بجسمه وكامل رسمه ليس إلى داري تلك البائسة في ود نوباوي.. بل ذهب إلى كل مواطن رجلاً كان أو امرأة.. طفلاً أو شيخاً موالياً أومعارضاً.. ذهب إليه في عقر داره بل قلب داره.. اقتحم كل سور بل تسور كل سور ودخل بل اقتحم حتى مخادع النوم.. طبعاً لم يرحل النادي بأفراحه وألحانه وأشجانه مباني ونوافذ وعشب ونوافير.. فقد تكفلت «الإذاعة» المملوكة له بالكامل وهي «طالعة مداعي» لشهر من الزمان وهي تبشر وتنفخ في المايكرفونات وتتحدث عبر الأثير عن كل خفقة أو ارتعاشة أو همسة تدور في فضاء تلك الديار وخلف تلك الأسوار وأعجب للذين يتحدثون عن قومية الإذاعة.. تلك التي تضع كل إمكانياتها وكادرها البشري وأجهزتها المستجلبة من وراء البحار باسم الدولة ومن أموال الدولة لتكون في خدمة بل رهن المؤتمر الوطني.. وهنا أسأل في براءة.. ولا مانع إن قلت في خبث.. أسأل أستاذنا الجميل والجليل معتصم فضل.. هل تجرؤ الإذاعة.. على نقل مؤتمر حزب الأمة القومي وليس ذاك التايواني.. أو مؤتمر مولانا أبو هاشم.. إن تكرم وأقام مؤتمراً للحزب الاتحادي الديمقراطي «الأصلي» وليس تلك المتناثرة من حزب مولانا هل تجرؤ على نقلها بالتفصيل الدقيق.. وتماماً كما فعلت الإذاعة مع مؤتمر المؤتمر الوطني.. يا صديقي الحبيب معتصم.. وسؤال لصديقنا- إن قبل أو وافق على تلك الصفة.. عبد العظيم عوض.. نسألك في جرأة.. لأنك امتلكت تلك الجرأة يوماً من الأيام.. عندما افردت برنامجاً كاملاً و «بالساعات» في ذكرى مايو المندحرة.. وتحديداً عندما استضفت الدكتور إسماعيل الحاج موسى وظلت الإذاعة تردد وتدير في دهشة.. أشرطة مايو.. والعجب يجتاحنا والصمت يلفنا.. ونحن نستمع وكأننا في حلم أو كابوس مزعج.. يا مايو حبيب.. زي أمي وأبوي.. زي أختي وأخوي.. يا إلهي هل قامت القيامة.. أم أن عقارب وشوكات الساعات قد تمردت على الدوران إلى الأمام.. و «حلفت بي رأس أبوها» إلا أن تدور عكس المألوف.. نسألك أستاذي عبد العظيم.. لماذا لم تشر الإذاعة إلى مؤتمر الحزب الشيوعي الماضي ولو بكلمة.. كلمة حتى عابرة.. بي نظرة.. نظرة حتى عابرة.. أليس حزباً سودانياً في مناخ يقول فيه الأحبة في الإنقاذ.. إنه مناخ ديمقراطي مفتوح الفضاء.. رحيب المساحة.. أم هو حزب خارج من إجماع الوطن.. وله توأمة مع «الليكود».. أو «العمل».. أو «كاديما» هذا عن الإذاعة.. أما حبيبنا التلفزيون فذاك حالة أخرى.. وإبهار آخر وصوت وصورة.. وكاميرا تقطعت أنفاسها مثلها مثل خيول هاشم صديق تلك التي قطعت نفس خيول القصائد.. تجري يمنة ويسرى.. تضيء وتفتح الزوايا وتأخذ التذكارات والحوارات.. وكأن اليوم فينا يوم عيد.. المهم لم أكن «معزوماً» فقد جاء العرس إليّ في «بطن» داري.. لم أشكر الإذاعة ولا التلفزيون.. إنهما لم يقدما لي ولا إلى أي مواطن جميلاً وهما ينقلان الوقائع وقائع المؤتمر والأحداث أحداث المؤتمر «للناس» في منازلهم لأن المواطن السوداني هو صاحب العمل.. عمل الإذاعة والتلفزيون وهو الذي دفع ويدفع يوماتي كلفة التشغيل.. وكان قد دفع من حر ماله ثمن الأجهزة والمعدات.. هذه ملاحظاتي الأولية.. فقد كنت مراقباً من شرفة داري.. وغداً.. نبدأ..