بالأمس ثار شباب المعارضة على قيادات أحزابهم التي ظلت تجثم على صدور الناس منذ عقود، من واقع سلطوي لا ينقطع ولن يمنعه إلا الموت.. والسلطة هنا هي مثلما أشارت إليه الموسوعة الفلسفية، أي أنها (مفهوم.. يشير إلى النفوذ المعترف به كلياً لفرد أو نسق من وجهات النظر، أو لتنظيم مستمد من خصائص أو خدمات معينة مؤداة، وقد تكون السلطة سياسية أو أخلاقية أو علمية). ويجيء تفسير ما سبق في ذات الموسوعة، بأنه تحت ذلك المفهوم تنضوي عدة أنواع من السلطات، منها السلطة النفسية، وهي ما يطلق عليه السلطان الشخصي، والتي تتمثل في قدرة الإنسان على فرض إرادته على الآخرين، نظراً لقوة شخصيته وشجاعته وقدراته العقلية المتفوقة. ثم تأتي بعد ذلك السلطة الشرعية، وهي السلطة المعترف بها في القانون مثل سلطة الحاكم والوالد والقائد، ثم السلطة الدينية المستمدة من الوحي الذي أنزله الله سبحانه وتعالى على أنبيائه ومن سنن الرسل، وقرارات المجامع الدينية المقدسة واجتهادات الأئمة.. وتجيء إلى جانب ما سبق سلطة الأجهزة الاجتماعية التي تمارس السلطة، كالسلطة السياسية، والتربوية والقضائية وغيرها.. نود القول أن السلطة (المنتخبة) تكون مقبولة دائماً، بعكس تلك التي تجيء ب(وضع اليد) أو التي تنتقل بالتناسل لمن يعتبرون أنهم (نبلاء) الشعوب، لأن هؤلاء لن يتزحزحوا عن مكانتهم التي وجدوا أنفسهم عليها، ويكون الأمر أكثر صعوبة إذا ارتبطت مصالح ومطامح بعض من حولهم بهم، ويعتبر الوعي والتعليم من أخطر أعداء هؤلاء (المتسلطين)، لأن (الإفاقة) تعني الخروج عن الموروث. شبابنا الآن تعلّم.. وعندما نقول شبابنا فإننا نعني كل شباب الوطن من كل الاتجاهات وداخل كل الأحزاب والطوائف والكيانات، وأيقظ التعليمُ مراكز الوعي في عقول هؤلاء الشباب، وعرفوا أن (احتكار) السلطة داخل الحزب أو الدولة إنما هو (مصادرة) لحقهم في التفكير والتعبير، لذلك تتواصل ثورات الشباب، وكثير منهم يهرب إلى الدين وبعضهم يتطرف فيرفض كل شيء ويكفِّر الجميع. ثور الشباب لن يسلم منها حزب معارض أو حاكم.. هي ثورة مشروعة تتطلب فهماً لمطالب الشباب وإدراكاً لحاجاتهم الأساسية في تكوين أسرة وقبلها إيجاد عمل. نحن نريد سلطة متداولة سلمياً بحيث يجد كل فرد من أفراد المجتمع وكل شريحة أو فئة أو جماعة أو جهة ما أنفسهم فيها، لأن السلطة وفق أفضل تعريفاتها كما قال به جان وليام لايبار:(هي الوظيفة الاجتماعية التي تقوم على سن القوانين وحفظها، وتطبيقها ومعاقبة من يخالفها، وهي التي تعمل على تغييرها وتطويرها كلما دعت الحاجة لذلك، وهي الوظيفة التي لا غنى عنها لوجود الجماعة ذاته، لاستمرارها ولمتابعة نشاطها).. وعندما تنحرف تلك الوظيفة الاجتماعية عن مسارها الأخلاقي وتكرس نفسها لخدمة فرد أو جماعة من أصحاب النفوذ فإنها تصبح المنتهكة الأولى للقوانين والمتجاوزة لها، والمضرة بمصالح الشعب. افتحوا الأبواب والنوافذ ودعوا الهواء يتجدد، فالهواء(المسجون) مضر.. وإن كسد فسد.. افتحوا الأبواب والنوافذ.. يرحمكم الله.