الكثير من الجهد يبذل في سبيل ترقية العمل الصحي بالولايات، وتظل الخدمات تقدم، من بناء مستشفيات متخصصة، وتقديم دعم حكومي مقدر، وكذلك شعبي في بعض الولايات، من أجل دحر الأمراض، وتوفير العلاج في المناطق النائية بتكلفة أقل للمواطنين، ورغم ذلك يظل الإهمال يمدد رجليه بأريحية في بعض المستشفيات من قبل بعض العاملين بها- بقصد أو بدون قصد- مما يتسبب في كثير من إزهاق حياة المرضى، أو حتى تعرضهم للمضاعفات بسبب نقص في الخدمات، أو المعدات، أو المعينات الطبية.. ضاربين بكل القيم الأخلاقية والعملية لوظيفة الطب والإدارة في المستشفيات، من حيث الجودة والامتياز والارتقاء بالمهنة والاهتمام بالمرضى. قصة خبر الخبر الذي أوردته آخر لحظة في موجز أخبارها يوم الاثنين 12 مارس 2012 العدد 1999 عن توقف العمليات بمستشفى الأبيض التعليمي بسبب عدم توفر المعينات الطبية الضرورية للعمليات الجراحية، من الخيوط- وجونتيات- ومطهر- ومشارط.. وذلك في يوم الأحد، حيث تم الغاء كل العمليات المقررة للمرضى، بعد انتظارهم وصيامهم منذ يوم السبت استعداداً لاجراء العمليات، وظل المرضى معلقين بين توجيه الطبيب الجراح بافطار المرضى لتأجيل العمليات، وبين إرجائهم من قبل إدارة المستشفى ليكونوا صائمين أملاً في حل المشكلة.. الشاهد على هذه الأحداث وتطورها الأستاذ خالد محمد أحمد القاسم من مواطني الأبيض، وكان حاضراً للمستشفى بغرض العلاج، أفادنا-في آخر لحظة- بأن ذوي المرضى تجمهروا أمام مكتب مدير المستشفى مطالبين بحل المشكلة، التي ظاهر أسبابها الإهمال والتراخي، وعدم المتابعة من الإدارة بتوفير كافة المعينات الضرورية للمستشفى، وخاصة قسم الجراحة.. حيث يكثر مرتادوه ويحتاج الى مطهرات ومضادات وكل ما يلزم، لخطورة الأمراض، وضرورة عمل الجراحة لعدد من المرضى بما فيهم الأطفال والشيوخ والنساء.. وذكر لنا الأستاذ خالد أن هذه المعينات التي تأجلت بسببها العمليات بالمستشفى، تباع بشركة للمعدات الطبية بجوار بوابة المستشفى بالأسعار التالية : باكو الجونتيات عبوة 100 قطعة بسعر 25 جنيهاً باكو المشارط عبوة 100 قطعة بسعر 27 جنيهاً فتيل المطهر «ديتول» 500 مل بسعر 5 جنيهات الخيوط تتفاوت أسعارها بين 4 جنيهات الى 7 جنيهات- حسب النوع والمقاس إذا نظرنا لهذه الأسعار، وهذه المعينات وتوفرها بالسوق، نجد أن شكل الأهمال واضح لكل مراقب ومشاهد، وأن البيروقراطية الإدارية عبء على الخدمة المدنية بالمستشفى، وإلا لماذا لم نجد حلاً فورياً ومعالجة لنقص المواد الضرورية للعمليات الجراحية، وهي على مرمى حجر من المستشفى. صور المرضى حكايات وحكايات: المرضى حالتهم يرثى لها- وهم ينتظرون- خاصة حالة الطفلة «م.ع» وهي طفلة رضيعة لايتجاوز عمرها بضعة أشهر مصابة بانسداد في «المصران»، وقد ذكرت والدتها آسيا على ادريس بأن ابنتها تعاني من ألم شديد في معدتها، وظلت تبكي على أثره طوال اليوم، وتفاجأت بعد الفحص والقرار باجراء العملية بعدم وجود معينات وتأجيلها مثل بقية المرضى، أيضاً حالة الطفل صاحب العملية الذي أجريت له بسبب الزائدة في فترة ليست بالبعيدة، وعاد مرة أخرى متألماً من الجرح، وظل ينتظر العلاج مع الألم المبرح، والجرح المفتوح، ويتناول غذاءه بالأنبوب، في ظل قلق أهله.. والحالات كثيرة والصور تغني عن السؤال!! أسباب المشكلة.. من المسؤول؟ الدكتور خليل علي ابراهيم نائب مدير المستشفى قال: إن السبب لهذه المشكلة هو نقص المعدات والمعينات المذكورة، وأنهم اتصلوا بالوزارة الولائية لحل هذه المشكلة، ولكن لم تحل رغم وجود الطبيب الجراح داخل حرم المستشفى، وطالت المدة لتمتد ليوم كامل، والمرضى في حالة صيام.. وقال إن المشكلة مسؤولية إدارة الصيدلة.!! إدارة الصيدلة تحدث عنها الدكتور ابراهيم فضل السيد، فأوضح أن المسؤولية المباشرة هي مسؤولية مساعدة الصيدلي المتواجدة بالعمليات، والتي لم تبلغ عن عدم وجود المعدات بصيدليتها، ولكنه رفض تبني المسؤولية بعد أن طلبت منه بعض الجهات المسؤولة بأن لا يذكر السبب حتى لاتتعرض مساعدة الصيدلي للمساءلة بحكم أنها نقابية، ولها معرفة ببعض المسؤولين على حسب قول د. ابراهيم فضل السيد الذي قال: لهذا قدمت استقالتي. من المسؤول والى متى الاهمال؟ إذن يبقى المواطن البسيط ضحية الإهمال والمحاباة الإدارية، وعدم جدوى المحاسبة والمتابعة والمراقبة في كل المؤسسات الخدمية، التي تقدم خدماتها للمواطنين في بعض الحالات، سواء كانت مياهاً، أو كهرباء، أو صحة، أو تعليم.. وعندما ما تحدث أزمات ينتهي فيها التحقيق بإحالة الأوراق الى الأدراج، لتدخل المسؤولين وعدم المحاسبة.. والضحية الأولى المواطن.. فهل عملت إدارة مستشفى الأبيض التعليمي على معالجة هذا الخطأ الكبير، في متابعة الإدارة بتوفير المعدات والمعينات، حتى لا تتعرض حياة المواطنين للخطر، أم يمر الأمر مرور الكرام؟... أسئلة برسم الإجابة.