في أيدينا الآن وثائق ومستندات خطيرة تستوجب فتح ملف إحدى الهيئات العربية بالسودان، هي الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي التي جاء إنشاؤها للاستثمار في القطاع الزراعي العربي بالسودان وتنميته على اعتبار أن بلادنا هي «سلة غذاء العالم» حسبما اعتبرها مؤتمر الغذاء العالمي في روما عام 1974م، وحسب ما طالب به المؤتمر الاقتصادي العربي على مستوى الملوك والرؤساء من دعم للزراعة في السودان. الآن- ووفق ما لدينا من معلومات ووثائق- تم تشريد مئات الموظفين السودانيين العاملين بالهيئة ومقرها الرئيسي الخرطوم، وهم من أفضل الكفاءات والكوادر بدليل أن واحداً منهم لم يبقَ بلا وظيفة أو عمل حال تشريدهم وإبعادهم عن الهيئة، فالتحقوا بالمنظمات المحلية والعالمية لما يتمتعون به من خبرة وكفاءة وتأهيل. المعلومات التي حصلنا عليها والتي استدعتنا لفتح تحقيق حول هذا الملف الخطير، تقول إن رئيس الهيئة أوقف معظم المشاريع المنتجة والعاملة، وتم عرض معداتها وآلاتها للبيع «العشوائي» حتى العمارة الضخمة المملوكة للهيئة والتي تضم إدارتها معروضة للبيع رغم ملايين الدولارات التي أنفقت من أجل إنشائها إبان حكم الرئيس الراحل جعفر نميري- رحمه الله - يقول لنا خبير سوداني عالمي رفيع إن هدف الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي ودورها الرئيسي يتمثل في استقطاب الدعم وجذب الاستثمار للسودان، بما يعود بالفائدة على المساهمين وبلد المقر، إلا أن ما يحدث الآن يشير إلى عكس ذلك ويهدد بنسف كل الذي تم من قبل، ويقطع الطريق على ما يمكن أن يتحقق في المستقبل. عزا الخبير السوداني العالمي أسباب التدهور السريع الذي لحق بالهيئة إلى أن مسؤولية رئاستها أوكلت لغير مختص، إذ أن رئيسها الحالي مدقق أو مراجع لا علاقة له بالاستثمار أو الزراعة. خطورة ما يحدث الآن أنه يقود حتماً إلى نقل رئاسة الهيئة إلى دولة أخرى، إضافة إلى أن من يمثل السودان داخل مجلس المساهمين لا علاقة له بوزارة الزراعة، وإن كان ذا صلة بوزراة المالية، لكن المطلوب في مثل هذا التمثيل أن يكون ممثل السودان داخل مجلس المساهمين من المختصين الزراعيين من ذوي الإلمام الاقتصادي، لكن وللأسف الشديد هذا لم يحدث، ولم يقم ممثل السودان بالدفاع عن مصلحة الوطن بالاستناد على القوانين واللوائح المنظمة لعمل الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي في السودان، واتفاقية المقر التي تنص على أن السودان هو دولة المقر. الموضوع خطير ويفتح أبواباً كثيرة للأسئلة وقبلها الشكوك عن إستراتيجية الهيئة الجديدة، ثم سعيها لإنشاء شركة قابضة تحمل جنسية إحدى الدول العربية الشقيقة تساهم فيها الهيئة بنسبة 20% متنازلة عن دورها وأهدافها ونشاطاتها واستثماراتها للشركة القابضة «الجديدة»، وتمكين المالك الجديد من التمتع بكل الامتيازات الخاصة بالهيئة، ثم الشكوك حول وجود اتجاه ضد السودان والشركات السودانية والعاملين الوطنيين والذي تكشّف وتمثل في إلغاء العلاوات الاجتماعية وبقية الامتيازات التي يتمتع بها غيرهم من العاملين في مكاتب الهيئة بالدول الأخرى. المطلوب الآن من الحكومة السودانية أن تحاول التعرف على الحقائق، والتأكد من صحة المعلومات التي يمكن أن يمدها بها من كان يعمل بالهيئة التي يحرص رئيسها على أن يديرها من الخارج، ويسعى لنقل مقرها إلى «دبي» وتقسيم الهيئة نفسها على الدول الأخرى من غير السودان.