العجب العجاب، عبارة عربية بليغة وشائعة، ولا أدل على معناها من معنى ما يسمى بالمجتمع الدولي، ورغم أنف كلمة (الدولي) فإنها هنا لا تنطبق إلا على مجموعة من الدول الغربية التي تقودها الولاياتالمتحدةالأمريكية والتي تتحكم أيضاً في المنطقة (الدولية) ومجلس (أمنها)، خاصة وأن أمريكا هي التي (تساهم) بنسبة 25% من تمويل المنظمة، إلى جانب المقر. ومصدر (العجب العجاب) هو الصمت الغريب الذي تجاهلت به كيانات هذا المجتمع الدولي الشكاوى التي رفعها السودان للنظر في أمر الاعتداءات المتواصلة من قبل حكومة جنوب السودان وجيشها الشعبي على حدود وأراضي السودان والتي تقوم بها متأبطة شر الصهيونية على كل تمظهراتها ومرجعيات ولاءاتها (الأصيلة) و(المتصهينة)، وهذه الأخيرة ينطبق عليها مثلنا العامي البليغ (التركي ولا المتورك)! وهكذا يتخبط طغاة الغرب (المجتمع الدولي)، يمنة ويسرة كمن يتخبطه الشيطان من المس، بل وأضل سبيلاً، وهم يضربون بعرض الحائط المنطق والبداهة والعدالة والقيم الإنسانية الراسخة، بل وحتى مصالح شعوبهم نفسها (أمريكا نموذجاً)، وهكذا يجعلون من آثام الصهيونية في العالم، وبصفة خاصة في فلسطينالمحتلة (غزة مثالاً)، ويغضون الطرف عن اعتداءات حكومة جنوب السودان على أراضي حاضنتها السابقة (دولة السودان الكبرى)، أما عندما يتصدى السودان لمواجهة تلك الاعتداءات الآثمة ويرد كيد الآثمين في نحورهم، فإن أولئك الطغاة يولولون وينوحون ويذرفون دموع التماسيح ويجعلون من المظلوم ظالماً، ولكن خاب فالهم وطاشت رميتهم عندما اجتاح برابرة الجيش الشعبي الجنوبي منطقة هجليج السودانية، فلم يجدوا سوى النصح بضبط النفس من جانب الطرفين دون تمييز بين المعتدي (بكسر الدال) والمعتدى عليه (بفتح الدال)، وعندما شرع جيش السودان الباسل في تطهير الأرض من الآثمين، وانكسرت قوات المعتدين، رفع أولئك الطغاة عقائرهم من أجل وقف إطلاق النار، ولو كان الجيش الشعبي قد دخل الخرطوم نفسها لما تنادوا ولو همساً بوقف إطلاق النار! ومن عجائب موازين ومكاييل (مجتمع أمريكا الدولي)، أن الصين التي تأخذ عليها دوائر الغرب سجل حقوق الإنسان فيها، متهمة بانحيازها للسودان (اقتصادياً وتمويلياً)، وروسيا التى تأخذ عليها دوائر الغرب في الديمقراطية فيها، هى أيضاً متهمة بتسليح الجيش السوداني، ومع ذلك فإن علاقات الغرب بكل من الدولتين في أحسن أحوالها، بينما السودان نفسه هو وحده الذي يتعرض لما يصفه مثلنا العامي (سهر الجداد ولا نومو)، وفي هذا الإطار توضع أمام مسيرته كل العقبات والعراقيل، من دعم سخي ووفير لأعدائه ومتمرديه، إلى عقوبات ما أنزل الله بها من سلطان، تنهال على رأسه بلا توقف ولا هوادة. ومن تلك العجائب أيضاً أن الكثير من الحركات المسلحة الجنوبية الناشطة ضد الجيش الشعبي وحكومة الجنوب يتهمون السودان بدعمها رغم أنها حركات واسعة النطاق ولا تقتصر على الاستوائيين وحدهم، وإنما تشمل حتى قبائل قادة الجنوب والجيش الشعبي، فيما لا تخفي (جوبا) دعمها السافر للمتمردين في السودان (دارفور- جنوب كردفان- النيل الأزرق)، بل ويشارك الجيش الشعبي مشاركة مباشرة وسافرة في عمليات أولئك المتمردين، ولكن كل ذلك يقابل بالصمت والتجاهل من قبل دول الغرب المأجورة التى تعادي بلادنا في العلن. ولكن إن كان الغرب يعتقد أن السودان هين أو كما يقال (الماعون اللين غسيلو هين) كما يظنون، فعليه أن يعلم أن شعار أهل السودان هو (من يهن يسهل الهوان عليه، ما لجرح بميت إيلام)، وشعب السودان مجرب عندما تمس كرامته، وليستنطق شياطين الغرب التاريخ منذ أن عمل أتراك مصر على إهانته فوجدوا مآلات إثمهم، وليقرأوا صفحات من مجلدات الثورة المهدية، وفقرات من كتاب كفاح السودانيين الوطني ضد الاستعمار البريطاني، فشعب السودان لن يذل ولن يهان مهما دبرت له المكائد، ونأمل أن يلقي هؤلاء الفجرة ولو نظرة عابرة على درس (هجليج) الأخير إن كانوا يعقلون!.. وليعلموا جيداً أن شعب السودان لا يرضى الهوان.