الناس هذه الأيام مشغولة ب «المورينقا» أكثر من أي شيء آخر.. !! «المورينقا » شجرة معروفة في عدة بلدان في قارتي آسيا وأفريقيا.. ونالت اهتمام العلماء والباحثين.. وتقول الأبحاث إنها تعالج أمراض الدم والقلب والسرطان وفقدان البصر الناتج من فقدان فيتامين «أ» والمخ والأعصاب وقائمة أخرى طويلة من الأمراض.. وميزة أخرى تمتعها بقيمة غذائية عالية .. ويسمونها شجرة الحياة وشجرة الحب والشجرة المعجزة. ما يهمني هنا ظاهرة الاهتمام «الجنوني» بها هذه الأيام عندنا.. ويتداول الناس مئات الحكايات والمواقف حولها... زميلة سابقة استوقفتني وعرضت عليّ شراء شتلتين من «المورنيقا».. دفعت المبلغ المطلوب وأنا شديد الامتنان للحظ الذي جاءني بالمورنيقا إلى عندي!! في اليوم الثاني وجدت ناس البيت وقد أقاموا احتفالاً ضخماً وحاشداً بزراعتها في فناء المنزل لتتبوأ منصباً متقدماً ومرموقاً بين الأشجار والزهور..!! الأمر أكثر من ظاهرة.. زميلتنا ابتهاج العريفي «المسؤولة عن دائرة الصحة» قالت لي: قمت بإعداد الأحواض وفي طريقي للشراء..!! السودانيون «يقومون في الحاجة مرة واحدة» يتعلقون بالشيء زمناً ثم يرمونه وراء ظهورهم. المورينقا مثلها مثل أي ظاهرة سودانية موسمية.. وهذه المرة صادفت يأس الناس وبؤسهم في الحصول على الدواء سواء كان «دوار» أو «ماشي عديل» أو «ملولو»!! ماذا يفعل الناس وهم مرضى؟ ماذا يفعل الناس والدواء صعب وبعيد المنال..؟! خف الطلب على شجرة «الدمس» والتي يسميها البعض بشجرة «المؤتمر».. واتجهوا للمورنيقا فهي تعيش في الأرض الجافة بسهولة ومفيدة ولا تقوم «بشفط» أي موية جوارها!!. التعلق بالمورنيقا يكشف وجود خلل سلوكي في تعاملنا مع الأشياء...إنها شخصنة الأمور..!! ذات النظرة للشخص والزعيم الذي يفعل كل شيء!! الآن جاءتنا شخصنة الأشجار التي تعالج كل شيء. سألت الدكتورة زينب محمد المصطفى أستاذة جامعية وصاحبة أشهر المشاتل في شمبات.. قالت الآن الإنتاج أكثر من الاستهلاك..استقبل تلفونات وأتلقى طلبات من منتجين من عدة مناطق في السودان.. حلفا.. الدمازين.. مدني.. والمورينقا أيضاً أخذت طريقها للعرض والبيع في أشهر وأرقى بقالات العاصمة.. تجدها وقد توسطت الأرفف لتطل على الزبائن بكل أناقة.. هناك من يفضلها في شكل « سلطة» أو مشروب بارد «عصير» أو ساخن «شاي»..!! ا«لمورينقا » الآن تنداح في حياتنا بكل سهولة ومع ذلك تخشى أن تدخل السوق الأسود! أو يقترح البعض إدخالها في بطاقة تموين أو يصدر قانون بإعدام كل من يقوم «بتهريبها» لخارج الحدود والخوف الأكبر أن يتهم أحدهم جهات أجنبية بإخفاء «شفرتها» عن الشعب السوداني.