في غدوي ورواحي.. ألاحظ أن المواطن السوداني أصبح محتاراً.. على سبيل المثال في المواصلات والأسواق لاحظت أن المواطن لايقول جملة مفيدة..أولا يكمل الجملة.. أمس اشتجر الكمساري مع مواطن بسبب تلكؤ الكمساري في إرجاع الباقي فتدخل الناس بالكلام على هذه الشاكلة: ياخي انت ذاتو يعني المفروض ما بالطريقه دي..أو.. والله الأمور ذاتا بقت.. والواحد ذاتو بقى.. فما معقول! أسأل جاري في الحافلة هو الغلطان منو؟ فيقول بحماس: سألتني الغلطان منو؟.. أقول ليك.. الناس بقت يعني.. أصلو ما يعني.. بتعمل حاجات ياخي سيبك!.. اترك جاري وأسأل الشاب الذي أمامي.. ياشاب الحاصل شنو؟ فيميل بكلياته ويتجه إليّ قائلاً: انسى.. انسى!! ثم إنك أصبحت لاتعرف المجنون من النصيح.. فزمان كان من الثابت أن المجنون بتكلم براهو.. الآن البتكلم براهو ليس مجنوناً إنه يتحدث في الموبايل مباشرة أوعبر سماعة.. وإلى أن اكتشفت ذلك عشت في دوامة من الهبالة.. فيسلم على شخص فأرد على التحية والتفت للسلام بحرارة أجده يتحدث في الموبايل فأحرج.. ومرات يقول لي أحدهم السلام عليكم فلا أرد باعتبار أنه يتحدث في الموبايل.. بينما يكون هو قاصد يسلم عليّ لكني لا أرد فيقول معاتباً: السلام سُنّة وردو فرض.. فاعتذر: أبداً والله قايلك بتتكلم في الموبايل.. من الأشياء الإيجابية في غلاء الأسعار المتصاعد كل رأس ساعة أنه جعل الناس يكثرون من البسملة والحوقلة والاستعاذة من الشيطان فيشيع ذلك ثقافة الاستغفار والدعاء.. وهذا من حسنات غلاء الأسعار.. فمثلاً: تجيء المرأه لتشتري حاجياتها.. فيطلب البائع ثمناً كبيراً فتسأله ليه العدس بي كم فيقول لها بي ثلاثة.. فتقول ليه أمبارح ما اشتريتو بي اثنين فيقول: مازاد لكن.. فلا تملك إلا أن تقول: لا حول ولا قوة إلا بالله فتطلب باكو شاي وتسأل بي كم فيقول بي أربعة فتقول ليه أمبارح كان بي اثنين ونص فيقول لها مازاد فلا تملك إلا أن تقول.. حسبي الله ونعم الوكيل.. وهكذا تزيد الحسنات بفضل الدعوات وده كلو من بركة زيادة الأسعار النارية اليومية. ثم إنني لاحظت ظاهرة اسمها«ساكت».. فتلاقي صديقك في السوق أو في أي مكان فتسأله: مالك بي جاي.. فيقول: والله ساكت.. أوتسأله:ماشي على وين كده فيقول لك: أبداً والله ماشي ساكت.. عرفت أن الناس أصبحوا يهربون من البيوت اتقاء لشر جيب لينا.. وعايزين.. فيلبس الرجل عمامته ويخرج هارباً من البيت لا يلوي على شيء.. فتجده ماشي ساكت.. أو لافي ساكت.. اللهم اجعلنا من الذين يكملون الجملة فتصبح مفيدة.. واللهم لاتجعلنا من الذين يمرقون ساكت.. واللهم لاتجعلنا من الساكتين ساكت فلا ننفجر.. ونتفشى.. اللهم نسألك «الفشه» الكبرى لنا ولسوانا يا أرحم الراحمين!