سعادة الفريق مهندس محمد عطا لك التحايا.. والود.. والسلام وها هي الأيام تصفو بعد كدرتها وكل دور إذا ما تم ينقلب.. وها هي الأيام تردم الهوة الواسعة بين الممكن والمستحيل.. وها هو المستحيل بذاته.. يشخص أمامي.. ممتلئاً شحماً ولحماً.. والمستحيل عندي هو أن أرسل كلمات في الهواء الطلق.. علناً.. لرئيس جهاز الأمن والمخابرات.. وصدقني..(أنا لسع ما مصدق أني أخاطب مدير الأمن والمخابرات) المهم شكراً.. لأشعة الشمس وهي تتسلل واثقة.. لترسم فجراً جديداً لهذا الوطن الجميل.. ثم. شكراً.. وأنت ترفع للرقابة القبلية عن الصحف.. وصدقني(أنا فرحان)ولكني أتمنى أن لا يكون فرحي.. مثل صديقنا ذاك.. الذي أضحكنا وأبكانا وهو يسرد لنا كوميديا سوداء.. إبان عصر (مايو) وإليك ياجنرال القصة.. كنّا مجموعة من المناهضين والمعارضين حد التهور لحكومة نميري.. في صالون أحد الأصدقاء .. ولم نترك في(ونستنا)(صفحة ترقد عليها حكومة مايو) هنا إنبرى أحد الإخوة.. وهو يقول في سخرية مريرة (ياجماعة ما تظلموا هذه الحكومة.. ورفقاً بنميري.. يكفي أن هذه الحكومة ظلت (تفرحنا) في اليوم ألف مرة.. نفرح لعودة التيار الكهربائي بعد انقطاع.. نفرح حد الطرب.. لو تحصلنا على(كيس)رغيف.. نفرح ونغني كل الغناء الذي نحفظه عندما(نكب) جالون بنزين.. لماذا إخوتي هذا البطر على النعمة أحمدوا الله ومن بعده (نميري) وأنتم تفرحون يوماتي.. سيدي الجنرال.. نحن اليوم(فرحانين)..ولكن نخشى أن نفرح مرة أخرى وأنت بالأمس تقول وفي آخر سطور الفرح الخضراء من بيانك المفرح(إن الجهاز يحتفظ بحقه الدستوري في عودة الرقابة كلية كانت أو جزئية متى ما دعت الضرورة لذلك). سيدي.. دعني أدخل مباشرة في(اللحم الحي) وهو سؤالي.. أو تساؤلي.. أو إيضاح حالي.. لأقول.. أنا.. أصالة عن نفسي.. ونيابة عن كل زملائي من الصحفيين.. موالين أو معارضين.. أقول.. في يقين لا يزعزعه ظن وثقة لا يخلخلها شك.. إننا وطنيون حتى آخر سبيبة في شعر رأسنا.. في ثقة قد تلامس حواف الغرور.. وتقف شاهقة في قلب الثبات.. نقول.. إننا لا نقل وطنية عنكم.. نخاف على هذا الوطن.. من كل نسمة قد تخدش ذرة رمل من ترابه.. ونخاف على صباياه من كل هولاكو أوجنكيزخان.. الثوابت عندنا.. وراجع كل الحروف التي تطفح بها صفحات الصحف - بلا استثناء- هي سلامة الوطن.. وكبرياء شعبه.. الثوابت عندنا.. هي وحدة البلاد.. كتلة فولاذية وعصية على التفتيت في امتحان الاستفتاء الذي يرعبني ويفزعني كلما دنا أوان زمانه.. خوفاً ماحقاً من الانشطار.. والتقسيم.. ثم الثوابت عندنا.. وهي ماركة مسجلة باسم المواطن السوداني.. لا يشاركه فيها شعب من شعوب الكوكب.. إن أرجلنا لا تعرف طريقاً لأي سفارة.. إلا تحت هالات الضياء وإبهار الكهارب.. وتحت سمع وبصر الحكومة.. والناس وفقط في احتفالات أعياد استقلالها.. أو مناسباتها الوطنية.. أو ذكرى انتصاراتها.. بالمناسبة ياجنرال.. إن المواطن السوداني.. يحمل في جيناته .. ترياقاً مضاداً.. أكيد المفعول.. ضد الخيانة والعمالة.. بل لم يسجل التاريخ.. وياللمجد.. حادثة جاسوس واحد... منذ عهد الاستعمار وحتى اليوم. سيدي الباشمهندس الجنرال.. هذه هي خطوطنا الحمراء.. التي نضعها.. بأنفسنا لأنفسنا.. لا نتخطاها مطلقاً أما نقد الحكومة.. وإبراز أخطائها.. والحديث أو العتاب.. أو التبصير بالمزالق.. فنحن لا خط (يحوشنا).. في إبداء رأينا.. الذي نكتبه بلغة عالية التهذيب والموضوعية والرصانة... وأنت تعلم .. إن الذين يديرون أمر الحكم في البلاد.. بشر وليسوا ملائكة.. وإن إهداءنا لهم عيوبهم.. يضع قلادة من العرفان على أعناقنا.. لذا لا تتوقع منّا استثناء أحد من النقد بهدف التقويم.. والأمل في مراجعة الأخطاء وإصلاح الحال.. أظنك قد لاحظت بل تيقنت.. أننا نوقر رئيس الجمهورية.. من كل الأقلام قاطبة.. ولا عجب.. فإن احترام.. رمز الدولة.. وخطورة المنصب.. تجد منا.. توقيراً.. رفيعاً.. ولكن.. لا تدهش ولا تعجب إن وجهنا إامدادنا.. لكل من تصدى للعمل العام.. ولا تغضب.. ولا (تفرحنا مرة أخرى) لو أنتاشت حروفنا.. كل مسؤول..في الحكومة من أصغر مسؤول.. وحتى الدكتور.. نافع.. هدفنا هو.. النقد.. الذي به تستقيم الأمور.. وأعلم سيدي.. أننا نستوحي فيما نكتب فقط.. رقابة ضمائرنا.. وعيون الوطن.. وفوق كل هؤلاء رقابة الخالق.. لك الود.. وسلام.