رموز مضيئة تطلعون هذه الأيام وعلى صفحات هذه الصحيفة الغراء تنويهاً عن الملف المغلق والقصة الكاملة لشريان الشمال ورأيت أن أبدأ حلقات هذا الملف بهذه المقدمة بإعتباري أحد المعجبين بهذه الملحمة التاريخية، والتي كنت أضعف المشاركين في مرحلةٍ من مراحلها الحديثة ولفترةٍ وجيزة، ولكنها تركت في خاطري حباً جما وإرتباطاً وجدانياً بتجربة لابد أن تستوقف كل من ينظر إليها بعين الرضا كمجهودات وتضحيات لرجالٍ من أبناء الولاية الشماليةالمعطاءةو الذين صنعوا المعجزات، فأنشأوا «طريق شريان الشمال». إن المدقق والباحث في أمر ملحمة طريق شريان الشمال يخطيء كثيراً ويجانبه الواقع والموضوعية عندما يختزل هذه الملحمة التاريخية الثرة في شخص بعينه، أو مجموعة، أو شركة، أو وزارة، أو في مرحلة زمنية معينة، حيث أن هذه الملحمة هي تراكم تحديات وتضحيات أجيال مختلفة، كان لكل جيل فيها سبقٌ وتضحياتٌ قام بها في نكران ذات رجال وجماعات ومؤسسات بمسميات مختلفة منذ أربعينيات القرن الماضي، وحتى حاضرنا المعاش في الألفية الثانية. وطريق شريان الشَّمال يعانق الان الطريق البري القادم من جمهورية مصر العربية في وادي حلفا،فقد أبلى في هذه الحقب رجال عظام على امتداد هذا التاريخ الطويل بلاءاً يجب أن يسجله لهم التاريخ كملحمة امتدت تحكي عن كيف أن أبناء الشمال متى ما عزموا وتوكلوا على الله واتحدت كلمتهم وشمروا عن سواعد الجد كيف هم يتحدون الصعاب ويقهرون المستحيل، وما تجربة هذا الطريق الذي عبر أعتى قواهر الجغرافيا المعقدة والبيئة الحارقة برمالها الممتدة، وجبالها العاتية، ووديانها الجارفة مما ضاعف تضحيات العاملين ومعاناة القائمين على أمره بتكلفته المتضاعفة التي فرضها هذا الواقع البيئي المتشابك. إن ملحمة طريق شريان الشمال، والتي سوف نسعى مع من بقي من صناعها على قيد الحياة لتسجيلها عبر هذه الصحيفة،ونرجو أن نتمكن من الاستعانة بكل من قاد العمل، أو شارك فيه على إمتداد هذه السنين الطويلة ليثبَّت في التاريخ بأحرفٍ من نور لكل أبناء الشمالية المسؤلين منهم والمغتربين والمزارعين وأصحاب العمل، وغيرهم ممن رحل إلى رحاب ربه، ومن بقي أمد الله في عمره، و الذين تحملوا عبء التمويل نيابةً عن الدَّولة في مراحل مختلفة، وللإدارات، والمهندسين، والفنيين، والعمال الذين سكبوا العرق بل والدم أحياناً !وهم يكابدون المصاعب ويواجهون، ضعف الإمكانات وقلة الآليات، فقدكان دافعهم الهمة العالية والتحدي، والإصرار، والضمير الوطني الحي، وقد راهنوا على إنجاز هذا الطريق حتى يلامس النيل في«قنتي» عبر هذه الصحاري، التي إبتلعت العديد من الأسر والرجال، لقد كانوا بحمد الله قدر التحدي،، وقدموا أرواحهم فداءً وصحتهم قرباناً، لأهل الشمال فمنهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً. قصدت من هذه المقدمة أن أؤكد القول بأن من يختزل هذه التجربة التاريخية في شخصٍ! أو أشخاص بعينهم! او مؤ سسة فقد جانبه الصواب! لأنها كانت ملحمةٌ لكل أبناء الشمال، يجب أن تسجل للتاريخ فأبدأوا بما ستطالونه في الأيام القادمة إن شاء الله في هذه الصحيفة عن سيرة ا تلك ا لرموز المضيئة في ملحمة الشريان المليئة بالمواقف والتضحيات. والله من وراء القصد