حمدي رزق: أصدر المصور المصري عدداً تذكارياً عن البابا تاوضروس في 2012 /11/7مالبابا في الزمن الصعب"، والذي هناك ملفات شائكة في انتظاره، منها الكنيسة والدولة، أقباط المهجر، الزواج الثاني، بناء الكنائس، العلمانيون، زيارة القدس، وتصدر مجلة المصور عن دار الهلال، والمصور أسسها إميل وشكري زيدان 1924م، ودار الهلال أسسها جورجي زيدان سنة 1892م، وقد قرأت كثيراً للأديب العربي المميز جورجي زيدان، أو جرجس زيدان، وهو الذي يرجع إليه الفضل في تأسيس جامعة القاهرة في مصر، والتي صارت صرحاً علمياً أكاديمياً عملاقاً، ولا أنسى أنه أنارني ثقافياً بأن أيوب البار الصديق هو عربي من سلطنة عمان حيث قبره هناك، وأن سفر أيوب كتب شعراً عربياً رصيناً، وعندما اختفى السفر من العربية وجد في اللغة العبرية التي كانت قد حفظت حواره مع الأصدقاء والذين هم شعراء عرب أبدعوا في شرح فلسفة الألم، ولماذا يسمح الله لأحبائه أن يشربوا كأس الألم. أما الصحفي المحترم حمدي رزق؛ فإنني لم أحظ بمقابلته، ولكنه بقلمه الساحر كتب عني مقالاً أعتز به جداً، يبدو أنه بعين صحفي قد راقب نشاط الأب الدكتور القمص فيلوثاوس فرج في قضية حوار الأديان، وتحرك قلمه الأنيق ليكتب عن الأب كلمات أنيقة تعبر عن إعجابه بمجهودات الأب في حوار الأديان، حيث كان رئيساً لأول جمعية حوار أديان في السودان.. وقدم وطنه في المحافل العلمية على أرقى ما يكون الحوار بين المواطنين، وأسمى ما يكون التعامل بين أبناء الوطن الواحد. دعاء كيريليسون: وتحت عنوان« فصل الخطاب» كتب حمدي رزق مقالاً عظيماً فخماً، فهو كمسلم متدين- أعجبه دعاء يا رب أرحم-، وهو كقبطي جدير بوطنه سجل للأقباط هذا الدعاء الذي يردده الأقباط في فخر واعتزاز بمراحم الله، لقد كان دعاء كيريليسون هو دعاء الأقباط عندما حبك اليهودي يعقوب بن كلس مؤامرة خطيرة ضدهم، وطالبهم بنقل جبل المقطم حتى تصفو قاهرة المعز للمعز، وإن لم يتمكنوا- يكون المعز لدين الله الفاطمي في حل أن يستولى على أموال الأقباط التي هي شقاء عمرهم وتعب كدهم في الحياة، وقد استمسك الأقباط والبابا والأساقفة والكهنة والشمامسة، وكل الشعب بدعوة كيريليسون، ووقفوا أمام جبل المقطم حتى تحرك الجبل في موقعه، بواسطة دعاء كيريليسون، ولم يُوقف نقله سوى الخليفة المعز لدين الله خوفاً من حدوث كارثة لقاهرته التي شيدها جوهر الصقلي بحسب تعليماته، وقد كتب البابا شنودة شعراً في هذا: أسألي عهد المعز فهو بالخبرة يعلم أسأليه كيف بالإيمان حركت المُقطّم جبل قد هز منك وإذا شئت تحطم قل لمن يدعي عظيماً أن رب القبط أعظم كل قبطي وديع إنما في الحق ضيغم.. وأستأذن أستاذنا الصحفي حمدي رزق في أن أقدم للقارئ بعض ما كتب عن كيريليسون حيث يقول: كيرليسون كلمة يونانية مركبة من كيرية )يارب(، و(ايليسون (أرحمنا، وهي تكرر (41) مرة إشارة إلى 39 جلدة للسيد المسيح، والقصبة التي ضربوا بها على رأسه، والحربة التي طعنوا بها جنب المسيح، ويتكرر لحن كيريليسون في القداس، ندامة وإستدعاء رحمة الله كما ندم قائد المئة ومن معه ومجدوا الله لما رأوا الدم والماء من جنبه المطعون واهتزاز الطبيعة من أجل المصلوب. (كيريلسون، كريستياليسون كيرليسون)، كان دعاء الصالحين الحادبين على سلامة الكنيسة، يا رب أرحم كانت ابتهالاً وتضرعاً إلى الله لينقذ سفينة الكنيسة التي تناوبتها الأعاصير العاتية بعد غيبة البابا شنودة الثالث، الربان الذي قادها 41 عاماً كاملة، وعبر بها بحاراً من الشك ومحيطات من الألم وجنادل وسدود وقناطر، وصولاً إلى بر السلامة، بر مصر، قبل أن يرقد بسلام في دير الأنبا بيشوي الذي خرج منه خليفته البطريرك 118 تاوضروس الثاني. كيريليسون يارب أرحم، كانت أيقونته وثبتت الدفة في يد الأنبا العجوز، بدأ كربان ماهر، وبعد أن خطب في نياحة البابا، عاد ليحدد خط السير على خطي الآباء الأولين، وفرد الخريطة، واختار المسار، وتمسك بالإرث القديم، لائحة 57، وما أدراك ما لائحة 57؟! لا ترضي أحداً، حتى الحبر الجليل، لكنها الحد الأدنى الذي به يتمسكون، وعداً أن نغيرها.. ووقع المرشحون على وعد بالتغيير، خشية احتراب الوارثين، ونفذ الوصية كما تركها الآباء الأوائل للكنيسة، صم أذنيه عن صرخات المعترضين، ونحّى جانباً شكاوي الرافضين، وعزف عن الجدل المثار، ورفض التداخل في القضايا التي تريد إيقاف عجلة الزمان، وترهن الكنيسة لأحكام قضائية تقعدها عن الوصول لشاطئ الأمان. بروح طيبة وبحوار هادئ وبروية، قاد السفينة وخفف عنها الأثقال كلها، وساوى بين المرشحين، واختار من بين رجالها من يثق في صلاحهم لإدارة المرحلة الانتقالية، اختارهم على عينه، ولم يذهب مذهب المتشككين، ولم تهن عزيمته، ولم يطرف له جفن، ولم يقشعر بدنه بآيات من التهديد والوعيد التي كانت مخبوءة خلف جدران الشك والريبة، ضرب مثلاً وزهد في الترشح وتعفف، وكان مثالياً زاده محبة، ومعه ثلة من المتعففين(الأنبا موسى، نموذجاً ومثال)، ولم يسمع لهمسات الشياطين، ومطامع الطامعين، ونذر نفسه لمهمة جليلة هي تنصيب بطريكاً للكنيسة، وراعياً صالحاً للسماء، وأباً للشعب، وأخاً ودوداً للمسلمين.. بدأ متواضعاً غير طامع، رفض الترشح، وشكر التزكيات وكانت كفيلة بوضعه في أول سلم المترشحين، ونادى به البعض مرشحاً، وكان من المتعففين، وهب نفسه لعظم المهمة.كيريليسون تخارج من اللهاث السعار الذي أصاب البعض لهفة لإعتداء الكرسي، تخارج بنفسه والكنيسة، ولم يستمع لمزامير الشيطان تعزف في أذنه لحن التنصيب، خشي من خشي، وجفل من جفل على الكنيسة من أعاصير شتى، ووجوه نافذة متنفذة، ورجال من حول البابا شنودة، يستمدون من القرب والمهام الموكلة أسباباً، للطفو على سطح الترشيحات، كانت المهمة جد صعبة، والصدام محتدماً، والخشية ماثلة، والقلوب واجفة، والأيام تتوالى، والترشيحات تتمحور حول أسماء وشخصيات لها ذيوع وشهرة، ونفوذ وسطوة، كان الشك عاتياً، هل يقدر؟ أجابني أنبا بولا ذات صباح، أنا أنبا بولا أقدر على استبعاد أي من الأسماء التي تلقها الشكوك والآثام، ما بالك برجل في عزم نيافة الأنبا باخوميوس، وثلة من المخلصين؟ ألن يخشى أن يتململ؟ قال إنه رجل لا يخشى في الحق لومة لائم، وسترون، وكان وعداً، وصدق بولا وعده. آخر العمود: لقد سقط منا سهواً اسم واحد مهم جداً من الاثني عشر الذين ذهبوا لإنتخابات البابا من أم درمان وهو الرجل المحترم الوجيه، نبيل جرجس سلامة، الذي يُلقب بالعمدة والذي كثيراً ما يذهب إلى المحافل العالمية ليمثل الكنيسة، وهو يعتقد ونحن معه أن أهم المهام التي اوكلت إليه هو انتخاب البابا، فله العتبى ولكم جميعاً حسن المنال.