بالأمس كنا مجموعة صغيرة من الصحفيين - تُحسب على أصابع اليد الواحدة - نلبي دعوة كريمة من الدكتور إسماعيل الحاج موسى، نائب رئيس مجلس الولايات، في لقاء تفاكري بين قيادة المجلس والصحفيين، غاب عنه كثير من رؤساء التحرير بسبب السفر خارج السودان بينما إعتذر البعض لارتباطات سابقة. اللقاء كان مفيداً وثراً احاطنا فيه الدكتور إسماعيل وقيادات مجلس الولايات بالكثير من المعلومات التي كانت تغيب عنا، حول دور المجلس وتكوينه ووضعه واختصاصاته، وانتخاب عضويته، وسلطاته.. إضافة إلى دور مجلس الولايات في إستقرار رأي الولايات حول الدستور الدائم المرتقب، مع إضاءات مهمة حول ما قام به المجلس من اتصالات مع القوى السياسية المؤثرة حول الدستور المرتقب، وآخرها اللقاء الذي تم مع الحزب الاتحادي الديمقراطي، ثم الحزب الشيوعي السوداني. إستمر اللقاء المتضمن للنقاش السياسي والجدل القانوني لساعات تم الاتفاق بعده على أن تستمر مثل هذه اللقاءات وأن يتم توسيع دائرة ومواعين المشاركة لتشمل مجموعة الصحفيين البرلمانيين، ثم بقية الأحزاب والقوى السياسية الأخرى لتقديم المزيد من المعلومات الضرورية حول مجلس الولايات الذي يشكل مع المجلس الوطني الهيئة التشريعية القومية، أي البرلمان. تجربة مجلس الولايات في السودان «جديدة» و«قديمة»، فهي قد بدأت أول مرة عام 1953م خلال فترة الاستعمار عندما تم انتخاب مجلسين شكلا البرلمان وقتها في الفترة الانتقالية التي سبقت الاستقلال، الأول حمل اسم مجلس الشيوخ والثاني اسم مجلس النواب، ترأس مجلس الشيوخ الأستاذ أحمد محمد يس - رحمه الله - بينما ترأس الثاني مولانا بابكر عوض الله - أمد الله في أيامه - والذي أحسب أنه المواطن السوداني والعالمي الوحيد الذي تولى السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية الثلاث، وهو أمر لا يحدث إلا نادراً، إذ كان أول رئيس لمجلس النواب حتى لحظة إعلان الاستقلال، وتولى رئاسة القضاء بعد ذلك ثم أصبح نائباً لرئيس مجلس قيادة الثورة ورئيساً للوزراء بدايات العهد المايوي في 1969م، وكان أول وآخر نائب لرئيس مجلس عسكري حاكم في تاريخ البلاد. ونعود إلى قاعة اجتماعنا أمس في أم درمان، ونبدأ في طرح الآراء والمقترحات، ونستمع إلى النواب، وهم يخرجون الهواء الساخن من صدورهم، وبعضهم يرى أن تضمين مجلس الولايات في دستور 2005م جاء على عجل دون دراسة كافية، الأمر الذي أضعف دوره وجعله مبهماً وهذا أمر يتضح لنا في المهام والاختصاصات الموكلة له بموجب الدستور، إضافة إلى عدم وضوح الرؤية في العلاقة بين مجلسي الهيئة التشريعية القومية وتداخل الاختصاصات في بعض الأحيان بما يضعف أحد المجلسين على حساب تقوية الآخر. مثلما بدأنا بأن الاجتماع كان مفيداً فإننا نختم بذلك ونزيد عليه بأننا سنواصل غداً بإذن الله تعالى في تناول الأمر من جوانب وزوايا أخرى، إذ أن لمساحة (الزاوية) في الصفحة (أحكام) و(إعلان).