جهود مكثفة تقودها الدبلوماسية السودانية لتأطير علاقاتها مع دول أمريكيا اللاتينية، خاصةً في وجود دول تتمتع بامكانيات وموارد اقتصادية هائلة، ولعل أحد تلك الدول دولة البرازايل، التي عرفت بتصديرها للاعبي كرة القدم المهرة والاسطورات، فأمتعوا العالم بمهاراتهم ورقصاتهم منذ الثمننيات، وظلّ الشعب السودان مولعاً بالبرازيل وتشجيعها في كافة المنافسات الدولية والاقليمية ، فأصحاب السامبا يملكون امكانيات اقتصادية هائلة ، يؤهلها لتوسيع شراكة سودانية برازيلية مستقبلاً ، فضلا عن اعترافهم بقيمة وأهمية واحترم الآخر، بعيداً عن أية أجندات سياسية أخرى حيث يرى دبلوماسيون أن التوجه جنوبا قصة لم ترو وعالم لم يُستكشف بعد . فالبرزيل إحدى الدول الأعضاء غير الدائمين في مجلس الأمن، وإحدى الدول التي ترفض السيطرة والهيمنة الدولية علي دول العالم الثالث واستغلال خيراتها .وتعود قصة العلاقات السودانية إلى افتتاح الأخيرة لسفارتها بريو دي جانيرو، في سبعينات القرن الماضي، وتعيين أول سفير لها السفير رحمة الله محمد عثمان، وكيل الوزارة حالياً، الذي كان له الفضل في اكتشاف مجاهيل غابات الأمازون ودولة السامبا، التي مالبثت أن التفتت لأهمية التعاون مع دولة السودان، باعتبارها البوابة الرئييسية للقارة الأفريقية، خاصةً القرابة الديمغرافية «السكانية» حيث نجد أن نسبة(52)% من سكان البرازيل ترجع للأصول الأفريقية، تلتها فترة تعزيز العلاقات الثنائية الشراكة الاقتصادية، كما نجد أن الحكومات السابقة في عهد الرئيس جعفر نميري في السبعينيات من القرن المنصرم استعانت بالتجربة البرازيلية ، في مجال المركبات ذات السعة الاستيعابية الكبيرة ..البصات )التي أطلق عليها آنذاك «بصات أبو رجيلة»، لحل ضائقة المواصلات في ذلك الوقت، ولم يقف التعاون بل امتد لعدد من المجالات الأخرى، وأشار السفير محمد عبدالله مدير ادارة الأمريكتين بوزارة الخارجية إلى مبادرتها الأخيرة في إعفاء ديون السودان التي تبلغ (43) ميلون دولار، فضلاً عن أن مساندتها السياسية للسودان عقب انفصال جنوب السودان أحد الأسباب التي تنبئ بشراكة مستقبلية بين الخرطوم وريو دي جانيرو ، وتعتبر الخطوة تقديراً من الشعب البرازيلي لنظيره السوداني، في تقليل الأعباء الاقتصادية عنه في الديون التي تثقل كاهله، نتيجةً للرفض الدولي لاعفائها، رغم الضغوط التي يعانيها عقب الانفصال ، ويقول عبدالله إن الخطوة نتجت عن الحراك الإيجابي الذى تشهده علاقات السودان لتعزيز الشراكات الاقتصادية والاستثمارية التي تتصدرها احتياجات البني التحتية، من سكك حديد وقاطرات، ويتابع أن المسؤولين البرازيليين أبدوا تجاوباً كبيراً مع نظرائهم السودانييين، إبّان زيارة وزير الخارجية علي كرتي والوزراء المعنيين الأخيرة لريو دي جانيرو، كما أنها أوضحت بجلاء تطابق وجهات النظر في كثير من القضايا الدولية والاقليمية، مما سيقود لدعم السودان لقضاياه داخل مجلس الأمن الدولي، وعدّد السفير الامكانيات السياسية والإقتصادية التي يتمتع بها الشريك الجديد والمتمثّلة في أنها سادس دولة اقتصادية في العالم، وتبلغ جملة الناتج الاقتصادي (25) تريليون دولار، وتعدّ أكبر الدول المصنّعة للطائرات في العالم، فضلاً عن كل متطلبات السكك الحديدية من قاطرات وعربات، بجانب أنها من الدول الأولى التي دخلت مجال انتاج الإيثانول في مشاريع انتاج السكر في كنانة، والقطن المحوّر وراثياً ، ويتابع حديثه قائلاً إن الزيارة جاءت في إطار تنامي العلاقات بين البلدين، وتناول الطرفان التحديات التي تواجههما في الفترة القادمة في ظل التكتل الدولي، ويرى أن التوجه نحو البحث عن شركاء جدد يأتي في إطار سياسة وزارة الخارجية التي أعلنتها الدولة بداية العام الجاري ، ويقول إن مصرف البنك البرازيلي يقوم بوضع السياسات الخاصة بالتعاون الخارجي، مشيراً إلى أن زيارته للبلاد تأتي للوقوف على واقع الاستثمار والتجارب السودانية، فضلاً عن بحث مجالات جديدة توطئةً لوضع الأجندة الخاصة لاجتماعات اللجان الوزارية في دورة انعقادها الأولي بين البلدين، مشيراً إلى أن مدينة ساوبالوتعتبر العاصمة التجارية الأولى في البرازيل، والتي تزخر بامكانيات اقتصادية هائلة ومتنوعة، ولعل حضور الوفد الفني للخرطوم سيضع اللبنة الأولى في خارطة الشراكة السودانية البرازيلية ولكن مراقبين يرون أنه يجب أن تضع الدولة سياسة واضحة لتأطير الشراكة مع البرازيل ، إن لم تكن نداً فلترتكز على احترام الآخر، مذكّرين بشراكات سابقة أصبح فيها السودان كأنه يمثل إحدي اقطاعياتها، فضلاً عن غمرها للأسواق السودانية بسلع رخيصة، جلبت الأمراض للمواطنين.