لم يستطع اي شخص أن يصل لشهرة الراعي السوداني الذي رفض التفريط في أمانته وقد نشر ذلك بمحض الصدفة، وعلى الرغم من التفاعل اللامحدود الذي وجده الراعي إلا أنني أرى أن ما قام به عادي جداً وطبيعي، وهو ما يفترض أن يكون عليه التعامل خاصه أننا من أمة النبي محمد صلى الله عليه وسلم الذي يحذرنا من خيانة الأمانة.. وأعتقد أن هذا الموضوع يحمل دلالات كثيرة أولها تحقيق الحديث الشريف الذي يقول في معناه «إحفظ الله يحفظك.. إحفظ الله تجده تجاهك».. وهاهو الراعي حفظ الله ونفذ أوامره وقد وجد الله تجاهه عندما رضي بما قسمه له وفتح له أبواب رزقه من كل الاتجاهات.. لدرجة وصلت لرئاسة الجمهورية التي كرمته بالإضافه للتكريمات الأخرى وبالنقد الأجنبي كمان.. ولكن الأهم من ذلك هو دلالة الاحتفال والترويج غير العادي لتصرف طبيعي وعادي لأي شخص يخاف ربه، والدلالة تتمثل في أننا أصبحنا لا نراعي الدين في غالبية سلوكنا، واعتمدنا على حركة الحياة العادية وسعينا لأي نوع من الرزق، وأخشى أن نكون ممن نسوا الله فأنسانا أنفسنا وأصبحنا لا نتوجه بنوايانا لله في كثير من الأحيان، وكل ما فعله ذلك الراعي أنه يعرف الله ويخافه ولا يخشى الناس.. نعم لا يخشى حتى صاحب الغنم الذي يمكن أن يتحجج له بأي حجة وتنطلي عليه لكنه يخاف الله الذي يعلم ما سيصنعه.. وليس غريباً أن يأتي هذا السلوك من راعي فقير.. وقد قدم له عرضاً يسيل له لعاب اي شخص في موقفه، لكنه اختار ربه.. وظني أن الرسالة جاءت في توقيت سليم وفي وقت نحتاج فيه أن نختار الله ونسلك طريقه، فقد أصابنا الهلع والخوف من الإملاق رغم أن الرزق مقسم ومعروف لكننا نجري الآن جري الوحوش.. لنصل الى ماذا لاندري.. بل حتى أننا نسينا أن الله تعالى قال إنه ماخلق الإنس والجن إلا ليعبدوه.. نعم ليعبدوه لا يريد منهم اي شيء غير العبادة لكننا أصبحنا لا ننوي أي شيء لله، وتضيع معظم أعمالنا بسبب عدم النية. والآن علينا أن نتعظ من هذه الحادثة ونتجه لربنا، وسنجده تجاهنا، وبذلك سيصلح عملنا وسينصلح حالنا ولن يغير الله ما بنا حتى نغير ما بأنفسنا، والتغيير سلباً أو إيجاباً فإذا كنا في نعمة وزالت فإنها بأيدينا بتغيرنا لأنفسنا، وإذا كنا في نغمة وأردنا النعمة فعلينا أن نغير ما بأنفسنا. والآن ليس لنا إلا أن نرسل التحايا للراعي الصالح الذي أعطي الجميع درساً يستحق أن نقف عنده كثيراً، وأن يعتبر كل شخص أن هذه الرسالة مرسلة له وأن يبدأ التغيير من أنفسنا فردا فردا وسنتحول لمجموعات وسيعم التغيير المجتمع وسنتغير عندها للأفضل.