كلما اسمع الاغنية الشعبية المصرية التي تتغزل في العمدة عبد العال ، افرد عضلاتي ، وانتشي اربعة وعشرين قيراط واتصور نفسي عمدة بصحيح ، جالس على دكة من الطين وأمامي سفرة طويلة عريضة من الفطير المشلتت والعسل الأسود والبيض والفول والبصل ، فضلا عن شيخ الخفر وجماعته يمسكون بالبنادق وعلى أهبة الاستعداد لتلبية طلبات جناب العمدة ، حكاية صاحبنا العمدة «عب عال» دخلت دماغي ونخاشيشي بشدة وتذكرت أيام كان للعمد في السودان شنة ورنة وكانت العمودية الفلانية تهز وتز والعمدة فلان بن علان الفرتكاني له حضور قوي ، أعتقد اننا في الراهن بحاجة ماسة الى تفعيل نظام العمد لما لهم من دور كبير في تنفيذ الاحكام حسب منطوق العرف الشعبي ، فالقرى والبلدات رغم ان بعضها اصبح سداح مداح بسبب الهجرات الضخمة الى العاصمة القومية ، غير أن نظام العمد من الاهمية بمكان للاهالي في هذه الاماكن ، كما ان العمدة في الراهن يمكن أن يتولى مساعدة المتضررين من الكوارث الطبيعية، وربما يكون احسن حالا من اللجان الصورية التي تلتهم الإعانات المقدمة للغلابة ، المهم طبعا لا نريد نظام عمد كما كان في الماضي وانما عمد من خريجي الجامعات لهم المقدرة والديناميكية لحل الخلافات واستخدام نفوذهم لتنفيذ بنود العرف الشعبي وجمع المساعدات للفقراء والمحتاجين ، فالعمد في الماضي كان همهم التكويش على الاراضي الزراعية والتفرغ لادارة أعمالهم ومشاريعهم الخاصة ، اذن تعالوا نفكر في كيفية ايجاد نظام جديد للعمد ، في بعض المدن الكبرى بالعالم هناك عمد من الشخصيات النخبوية ، فباريس لها عمدة ، كما ان لمدينة نيويوك عمدة وكذلك لندن لها عمدة معتبر ، وإذا كان الامر كذلك لماذا لا يتم تعيين عمدة للخرطوم وعمدة لمدينة امدرمان وآخر لبحري وعمد في كل من مدني وبورتسودان والجنينة والفاشر والابيض وكادقلي ، وبعد ذلك يتم تعميم نظام العموديات في الاحياء بالمدن ، في اعتقادي ان عمد الكلاكلات وعمد اركويت وعمد الثورات والذي منه ، سيكون لهم دور كبير في حل القضايا الخلافية التي لا تحتاج الى المرمطة في المحاكم واقسام الشرطة ، ولكن بشرط ان لا يتدخل العمد في مسائل الضرائب والاتوات العشوائية، ومطاردة ستات الشاي حتى يحافظون على هيبتهم بين الاهالي وسكان الاحياء كافة ، واتصور ان العمد في احياء المدن يمكن ان تتمدد دورهم ليشمل العمل كأجاويد لحل خلافات الاسر ، وخناقات الازواج وما اكثرها في هذا الزمن الرمادي ، بالنسبة لصاحبكم العبد لله يريد تحقيق حلم العمدة عبد العال ويتمنى ان يتم تعيينه عمدة في أي قرية هامشية في انحاء الوطن الوسيع ، الباب مفتوح للمنافسة ، والوسطاء يمتنعون يا عمدة .