طالعت خبراً طريفاً قبل أيام للفنان الايطالي سفين ساكسالبر الذي ينتهج نهجاً غريباً بعض الشيء، ويقوم بتجارب غريبة تضاف لتجاربه غير التقليدية، وآخر تجاربه كانت بحثه عن «إبرة» في كوم «قش»، وضعها فيه مدير قصر طوكيو على هامش معرض الفن المعاصر.. وأعاد سفين إلى الاذهان مسابقة العثور على إبرة في كوم قش، التي كانت تقام في السويد منذ عشرات السنوات، حيث يتعين على المشاركين فيه العثور على الإبرة في غضون عشرين دقيقة فقط. ضحكت كثيراً على هذا الخبر الطريف، ولكن تذكرت حالي فهو شبيه بحال الفنان التشكيلي الايطالي سفين ساكسالبر، ووجه الشبه بيننا أنه يحاول أن يبحث عن «إبرة في كوم قش»، وأنا أحاول أن أبحث عن فنانات بحق وحقيقة في ساحتنا الغنائية، ولا أجد فيهن فنانة جماهيرية واحدة فقط تستحوذ على الساحة، وتحجز لنفسها موقعاً في شباك التذاكر للحفلات الجماهيرية، وقبله في قلوب المستمعين، وتنافس بعض الأسماء من الفنانين الشباب والكبار في هذا المضمار، ولكن كما قلت سابقاً للأسف الشديد لم أجد- مع كامل احترامنا وتقديرنا لتجاربهن الغنائية- ولكن لا تعني حفلات بيوت الأعراس مقياساً حقيقياً لهن، فالمقياس الحقيقي لجمهور الفنان هو شباك التذاكر التي يدفعها الجمهور المحب لفنه من ماله الخاص، ويأتي للحفل طائعاً مختاراً، للاستماع والاستمتاع بحب فنانه، فلو كان المقياس هو بيوت الأعراس لاصبحت المغنية «ننوسه» هي نجمة الغناء السوداني، فهي الآن الأكثر طلباً في المناسبات الخاصة. وهنا بالطبع لا ننكر محاولات نسائية لها مكانتها في هذا المجال أمثال الفنانة حنان بلوبلو وندى القلعة، وأحياناً انصاف مدني التي لا نعتقد بانها سوف تصمد طويلاً في الساحة لاسباب كثيرة لا نود ذكرها الآن. فنحن الآن في أزمة حقيقية لضعف الأصوات النسائية الموجودة في المشهد الغنائي، فكلها- للأسف- ليس لديها أدنى تأثير واضح يذكر ويشار إليه بالبنان، رغم كثرة الأصوات الموجودة، ولكنهن في الغالبية العظمى فنانات من ورق صنعتهن بعض القنوات الفضائية، وليس بعض لأكون أكثر صراحة فقد صنعتهن قناة النيل الأزرق عبر برنامج «نجوم الغد»، الذي فرخ لنا أصواتاً نسائية ورجالية لم تملأ الساحة الفنية إلا بالضجيج والغوغاء، فبالرغم من دوراته المتعددة لم تنجح فيه فنانات إلا بعدد اصابع اليد، رغم تفريخه لمئات الأصوات المشروخة عديمة الموهبة، التي أفرزتها لنا القناة وروجت لها وصنعت منهن فنانات وفنانين من عدم. فكلما أطالع حديثاً أو حواراً لأحد الفنانين الكبار في الصحف أجده تنقصه الشجاعة المطلوبة لمعالجة الساحة الفنية، فقط يكتفوا بقول: «البرامج الغنائية في القنوات أضرت كثيراً بالساحة الفنية بتفريخها لاصوات عديمة الموهبة»، فهو برنامج واحد يا سادة يفرخ هذه الأصوات وهو «نجوم الغد»، فلماذا تنقصكم الشجاعة في ذكره علانية وعلى الملأ، فهل تخافون بأن لا تمنحكم إدارة القناة فرص في الإطلالة عبر شاشتها؟ في النهاية والحقيقة التي انكشفت اخيراً للجميع بأن عديم وفاقد الموهبة لن يصمد كثيراً في الساحة الغنائية رغم تلميع البعض لهم وهذا ما يحدث الآن. وبالطبع لا ننكر وجود أصوات جميلة في الساحة النسائيةولكنها واقفة محلك سر، تفتقد للتخطيط السليم لمشاريعها الفنية، هذا بالطبع بعيداً عن أسماء مغنيات عديمات المعنى والجدوى أمثال أفراح عصام، وريماز ميرغني، وصباح عبد الله، وآخريات.. فالقائمة تطول، مع غياب أصوات مميزة تمتليء بالموهبة وعذوبة وجمال الصوت، أمثال إيمان توفيق التي جنت على نفسها، وهاجر كباشي التي لا تعرف قدر موهبتها، وعابدة الشيخ التي آثرت الفرجة من بعيد، وأصبحت كل آمالنا معلقة على ندى القلعة في خلق مساحة ومكانة للأغنية النسائية في الساحة. و... و... و.... وقبل ما تاخد قرارك كنت تتريث شوية الكلام القلتو ليك كان كلام بي حسن نية