الدكتور الوقور.. والعالم الكبير.. لك الود والسلام والتحايا.. وقبل كل ذلك لك التوقير والإجلال والتقدير.. ونكتب لك لأننا شركاء في هذا الوطن الجميل.. لنا فيه ما لك.. وعلينا فيه ما عليك.. نكتب لك رغم أننا وبالكتابة لك نكون قد طوينا بيداً دونها بيد.. واجتزنا عتامير شاسعة تفصلنا ونحن في الثرى من جملة العوام و«الحرافيش» وأنتم في الثريا نجم تدور في المجرات البعيدة مع الأفلاك.. نكتب لك من فرط حبنا للوطن الذي نذوب فيه وجداً ونشتعل فيه صبابة.. ومن أجل شعب مدهش فريد ونبيل نخاف عليه ونخشى على صباياه من التتر ومن كل جنكيز خان.. لو كانت الرياح رخاء.. ولو كانت مركب الوطن تنزلق آمنة هادئة لما كتبنا لك حرفاً.. ولكن لأن الجو ومنذ زمان ظل معتكر الجوانب أغبر كان لزاماً علينا أن ننفق مداداً ومعه بعض أنفاسنا وكميات من أرواحنا لندفع جزءاً من فاتورة جميل طوقنا بها الوطن منذ أن انشقت عيوننا على النيل والناس والصحراء والشمس والحقول والأطفال والمطر.. شيخنا الدكتور.. ولأن كل كلماتنا هذه إليك.. تنبع من بحيرة الأماني للوطن والأحلام الخضراء لأيام مزهرات نأملها للوطن.. دعنا نقول عن «إذنك» أن يتضمن خطابنا هذا إليك بعض حروف حبيبنا محجوب شريف الذي امتلأت كل بوصة في جسده الناحل بأقباس ومشاعل متوهجة من حب عاصف للوطن ولأحلام بعرض الكوكب بأن يزهو ويزهر ويزدهر.. و.. وبتذكر سؤالك لي متين جرح البلد يشفى متين تضحك سما الخرطوم حبيبتنا.. متين تصفى.. سعادة الدكتور.. كل الذي تقدم مقدمة.. كل الذي سلف «ونسة» على فنجان قهوة في «الدهليز».. كل الذي تقدم مقبلات لوجبة ستكون «معجونة» بالشطة.. سنجرد.. بل سنضع وفي ورقة بيضاء كل بصمات سيادتكم في مسيرة هذا الوطن العظيم.. سنكتب لك بالصدق كله.. وبالانحياز للوطن كله.. ومن كل الشعب كله.. يمكن أن تكون كلماتنا أحياناً بأغصان ورود عطرية بهيجة بديعة وعطرية عند المواقف المشرقة.. وسنكتب لك أحياناً بأطراف أسنة وخناجر.. بل بالمشتعل من الجمر وبأعواد مشاعل.. نكتب لك بنصاعة.. وصدق واستقامة لأن وطني علمني أن حروف التاريخ.. مزورة حين تكون بدون دماء.. ولكن.. تأكد.. وتيقن.. بأننا سنكتب بأنقى وأنظف الحروف.. بأكثر الكلمات وقاراً.. بأجل العبارات جمالاً.. بلا إسفاف.. بلا «هرجلة» بلا غلظة.. بلا إهمال فقط يا دكتور لأن هذا القلم يرفض في حديدية وصرامة وتصميم.. أن ينحدر إلى أي قاع حتى إن كان بعمق بوصة.. ولأن هذا القلم يرفض في تصميم أن «يطاوع»، «سنته» لنرسم حرفاً شائهاً وتسطر قبحاً نادماً على أي ورقة في الكون.. وفوق كل ذلك.. لأن مكانك في الوطن عالياً شاهقاً رغم أننا في الضفة المقابلة تماماً لك والمناهضة تماماً لك.. ثم إن أبي أدبني وأحسن تأديبي.. وأول درس تأديبي.. أن احترم القامات وأن أوقر العلماء.. بكرة نبدأ