٭ صحيح أن الدنيا حظوظ والنجومية قسمة ونصيب، وطالما أن الأمر كذلك، فلا داعٍ للاستغراب في ما حققه فنان الطنبور محمد النصري الذي تزداد جماهيره وتطغى على جماهيرية الآخرين يوماً بعد يوم، في وجود فنانين مثل عبدالرحيم أرقي، وعبدالرحيم البركل، وجعفر السقيد، الذين هم من وجهة نظرنا يستحقون أكثر مما استحق النصري من انتشار ونجومية شباك، فهم أصحاب أصوات ندية وأغنيات شجية، دسمة لدرجة أنها تشعر السامع بالشبع والجوع في آن واحد، مشحونة بصدق العاطفة والأداء لأنها مولودة من رحم المجتمع، بين النخلة والجدول، ذلك مقارنة بأغنيات النصري التي لا ننكر أن الكثير منها يمتلك شهادة الجودة. نعم، للحظ حضوره الأنيق في تجربة الفنان محمد النصري، وإلا ما كان الأول في قائمة عليها من هو أكثر منه تميزاً .. و«النصري الله أداه»، فقط نتمنى أن يستفيد من هذه الفرصة ويثبت بحق وحقيقة أن استمراريته لا مكان فيها للصدفة أو الحظ، وفي نجاح النصري أو غيره، نجاح للفن عندنا، وهذا ما نتمناه ونرجوه. ٭ يبدو أن السياسة شغلت فناننا الكبير حمد الريح عن تقديم الجديد حتى بات شريف الفحيل الذي ظهر بأغنيات حمد، معروف للكثيرين أكثر من حمد نفسه، ولن أبالغ إن قلت إن بعض أبناء وبنات الجيل الجديد لا يعرف حمد الريح وفيهم من سمع باسمه فقط وفيهم من يظنه لاعب كرة معتزل. فيا عزيزي حمد الريح، وجود الفنان في قلوب الناس بما يقدمه للناس وليس العيش على صدى الذكرى، و«الذكرى تنفع المؤمنون». ٭ نعم اعتذر الفنان طه سليمان للصحافيين عن وصفهم بالمرتشين، وقلنا إن اعتذاره هذا يحسب له ويعتبر شجاعة نفتقدها في الكثيرين، ولكن طه مطالب أن يعتذر أيضاً عن وصفه للصحافيين بغير الصادقين، كما جاء في سياق حديثه الفطير الفقير، وقبل كل ذلك مطالب بأن يعتذر لجمهوره عن تقديمه أغنية «كاتبني عن ياتو شيخ» التي يقول في بعض منها: «شيخك صعب بالجد صعب، خلاني أمشي وليك أسير، وأشوفك إنت براك جميل، عايزني أهنأ وأعرفو كيف، وخلاني لي ريدك أسيل، كاتبني وين وعن ياتو شيخ»، لأنها أغنية خطيرة بمعنى الكلمة بما تكرسه لنشر ثقافة الدجل والشعوذة، وربما تغري كثيرين من الجهلاء بالذهاب للسحرة والمشعوذين، ظناً منهم كما صورت لهم الأغنية مقدرتهم على التحكم في القلوب، التي هي أصلاً بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، وليس كما صوَّر طه، بيد الشيوخ والدجالين. ٭ حاجة أخيرة : «في جهل يا أخوانا أكتر من كده.. مع الاعتذار للأغنية».