أجراه عبر الهاتف: لؤى عبدالرحمن : .. في الوقت الذي ترتب فيه وساطة الايقاد مع المجتمع الدولي لفرض مسودة اتفاق سلام على طرفي النزاع بدولة الجنوب، غاب عن الساحة صوت مجموعة ال 10 التي تضم الأمين العام السابق للحركة الشعبية باقان اموم، ودينق الور وآخرين من كبار القادة الذين كانوا معتقلين بجوبا وأُفرج عنهم لاحقاً، حيث ظلت الكثير من الأوساط تترقب موقفهم وتنتظر حراكهم لوضع حد للمعاناة في الدولة الوليدة.. « آخر لحظة » وخلال متابعتها للشأن الاقليمي الذي له علاقة وثيقة بالأوضاع في الداخل اتصلت هاتفياً على أموم وأجرت معه حواراً من مقر إقامته بنيروبي ناقشت معه موقف المجموعة من عملية السلام في بلاده، وتقييمه لدور حزب المؤتمر الوطني بالسودان في العملية السلمية بالجنوب، الى جانب رأيه في سلفا ومشار فضلاً عن قضايا أخرى ليجيب دون تردد، ويبعث برسائل في اتجاهات عدة. ٭ غياب لمجموعة العشرة عن القضايا الجنوبية؟ - نحن موجودون وقد نكون غير ظاهرين في الإعلام بشكل كبير، كنا متحركين ولازلنا في عمل دبلوماسي مع الإيقاد والاتحاد الافريقي، بجانب المجتمع الدولي والأمم المتحدة والقوى الفاعلة فيها في كيفية تطوير خطط ومشروع إحلال السلام في الجنوب، والأزمة الوطنية في الجنوب تضع قضية انهاء الحرب كأولوية وطنية قصوى، ويمكن أن يتحقق ذلك فقط عبر العملية التفاوضية في إطار مبادرة دول الإيقاد، ولكن بما أن طرفي الحرب الأهلية بالبلاد يفتقدان للإرادة السياسية الضرورية للوصول الى اتفاق سلام عبر التفاوض، رأينا أن المخرج الوحيد لإنهاء الحرب عبر تطوير مسودة اتفاق يمكن أن يقبله ويعيش به كل الأطراف في الجنوب وبالأحرى كل الشعب، والتطوير بالتواصل الدبلوماسي مع الوسطاء ودول الإيقاد والاتحاد الافريقي وحشد الدعم الدولي لدعم مثل هذه المسودة، وفي النهاية بسبب غياب الإرادة السياسية لتسوية تاريخية، يمكن أن توقف الحرب عن طريق فرض اتفاق على كل الأطراف، وأن يكون الاتفاق منصفاً يفضي لتشكيل حكومة وحدة وطنية في الجنوب قبل نهاية الفترة القانونية لشرعية الحكومة الحالية في التاسع من يوليو 2015 م، هذا هو العمل الذي كنا نعكف عليه، وبالضرورة يجب أن يكون بعيداً عن الإعلام وعن المناوشات الإعلامية ٭ ماهي أسباب تأخر الوصول الى اتفاق سلام جنوبي؟ - الوضع تدهور بصورة كبيرة أمنياً واقتصادياً وسياسياً في الجنوب، الآن يهدد بانهيار الدولة ووقوع البلاد في فوضى وعنف قبلي غير محدود، ولم يسبق لدولة افريقية أن شهدته، وهذا خطر كبير ليس فقط على الجنوب ولكن على كل الاقليم وجيران البلاد، وسبب ذلك هو ضعف القيادة وفقدان الرؤية السياسية لبناء الدولة، وبناء أمة في الجنوب، وملامح ذلك التدهور تتمثل في فقر قيادة الرئيس سلفاكير ميارديت التي قادت لهذا الوضع، ومخاطر الانهيار تكمن في سياسة القبلية والجهوية التي تمارسها الحكومة الحالية، وهو أمر يقود الى انهيار الدولة وانقسامات في المجتمع، وشرخ النسيج الاجتماعي، وارتكاب جرائم ضد الإنسانية، ومذابح على أسس قبلية كما حدث في مدينة جوبا من قبل الحكومة. ٭ تقرير الرئيس النيجيري السابق ابوسانجو بشأن ارتكاب انتهاكات ببلادكم ماهو موقفكم منه ولماذا تأخر؟ - نحن ندعو الاتحاد الافريقي لنشر التقرير والعمل على التأكد من تحقيق العدالة ومحاكمة الجناة الذين ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية في الجنوب وطوال فترة الحرب الحالية، نحن مع أن يكون ضمن اتفاق السلام بنود تؤكد على تشكيل محاكم لتحقيق العدالة كأرضية صلبة، لمنع تكرار ماحدث ومداواة الجروح العميقة التي تأثر بها المجتمع وإعادة رتق النسيج الاجتماعي ٭ ما تعليقك على الجهات الدولية والاقليمية التي أضيفت للوساطة التابعة لمنظمة الإيقاد؟ - مبادرة إيقاد تحتاج لدعم من الاتحاد الافريقي ونحن نرحب بإضافة خمسة من رؤساء الدول بالاقاليم الافريقية الخمسة، وهذا سيكون دعماً وإضافة حقيقية لمبادرة إيقاد، وكذلك نرحب بدعم المجتمع الدولي والعالم لها وتشكيل الآلية الجديدة المسماة « إيقاد بلص» ، وهذا سيعوض إشكالات ضعف مبادرة الايقاد التي أدت لتأخر تحقيق السلام، نرحب بالإضافة ونأمل بأن تكون في اتجاه دعم مقترح وثيقة ايقاد للسلام، وفرضها للتوقيع عليها من قبل الأطراف من دون التزحلق مجدداً في مفاوضات جديدة، قد تضيع الوقت وتفوت الفرصة على الجنوب في تحقيق السلام وتعرضه للانهيار. ٭ البعض يرى أن التدخلات الاقليمية والدولية أعاقت تحقيق السلام في الجنوب؟ - تدخلات الجيران في شؤون دولة الجنوب بمافي ذلك الحرب الدائرة تعيق تحقيق السلام، وتزيد من مآسي شعب الجنوب، نحن مع الدور الإيجابى لكل جيران الجنوب بمافي ذلك ودعمهم لمبادرة إيقاد، ونناشد أن يكفو عن دعم الحرب في الجنوب، حكومة يوغندا تدعم سلفاكير وهو ماجعله يتعنت في إيقاف الحرب، وكذك الحكومة السودانية تدعم المعارضة المسلحة للحركة الشعبية بقيادة د رياك مشار، مما زاد من اتساع الحرب وآلام شعب جنوب السودان، ندعوهما للعمل من أجل وقف الحرب وتحقيق السلام مع دول الإيقاد الأخرى لتطوير مسودة اتفاق السلام، وأن يتم فرضها لتحقيق الاستقرار، ونؤكد لكل جيران بلادنا أن الجنوب عندما يعيش في حالة سلام واستقرار سيكون أفضل جار لهم، من أن يكون دولة منهارة وفاشلة ويتحول لرقعة خارجة عن الإدارة وواقعة في فوضى، وقد يقود ذلك لانهيار السودان ويوغندا، وربما يتم خلق منطقة فوضى واسعة في قلب القارة الافريقية ووسط منطقة إيقاد، وإذا وضعنا في الاعتبار انهيار الدولة في الصومال والمحاولات الدولية لإعادة بناء الدولة فإن الاقليم لايستطيع أن يتحمل انهيار دولة خاصة إذا كانت ناشئة وحديثة مثل الجنوب . ٭ ماتقييمك لحراك الإيقاد بشأن إيجاد حل للأزمة الجنوبية؟ - مبادرة إيقاد هي الوحيدة والأفضل مبادرة لدينا الآن لإنهاء الحرب ونحن نقدر لرؤساء دول المنظمة مبادرتهم السريعة لوقف الحرب، ولكننا لاحظنا أن المبادرة شابتها اشكالات ضعف حقيقية أخرت التوصل لاتفاق سلام، ومكامن ضعف المبادرة تتمثل في عدم وحدة الأعضاء في رؤيتهم لكيفية تحقيق السلام، واضعين في الاعتبار أن بعض أعضاء مبادرة دول الإيقاد للسلام في الجنوب يقومون بدعم الحرب خاصة يوغندا والسودان، وهذا يشكل ضعفاً حقيقياً، وكذلك المصالح الخاصة لبعض الأعضاء تتدخل وتعرقل تحقيق وحدة الارادة في الاقليم وتحدث انقاسامات من وقت لآخر، وبعض الأعضاء يقومون بدعم طرف ضد الآخر، بدلاً من أن يكونوا وسطاء.. وهذا شكل ضعفاً حقيقياً آخر للسلام وأضعف الإرادة الجمعية لدول الإيقاد لفرض عقوبات وللضغط على الطرفين في الجنوب. ٭ الرئيس البشير فاز بدورة رئاسية جديدة في الانتخابات برأيك ماتأثير وجوده في الحكم على السلام في الجنوب؟ - الانتخابات السودانية شأن داخلي للسودان، نحن راقبناها عن بعد، وجدنا فيها تناقضات ومعارضة كبيرة لها، الانقاذ جاءت للسلطة بانقلاب وأنا لا اظن إجراء انتخابات سيعطي شرعية للنظام، ورأيي أن الرئيس البشير أثبت قدرته وشجاعته للتفاوض مع الحركة ووصل لاتفاق السلام، ووافق على التنفيذ بمافي ذلك إجراء الاستفتاء وقبول نتائجه، أرى على الرئيس البشير أن يستخدم هذه الشجاعة الآن لانهاء الحروب في السودان، وللجلوس في طاولة المفاوضات والوصول لاتفاق يفضي للسلام ويتحول السودان لدولة موحدة وقوية ويفجر طاقات الشعب لتعم التنمية في كل الأطراف، وتنتهي قضية تهميش الأطراف السودنية، ٭ أقصد ماهو الدور الذي يمكن أن يلعبه البشير في الفترة المقبلة تجاه بلادكم؟ - أناشد الرئيس البشير بلعب دور إيجابي في السودان بتحقيق السلام والتحول الديمقراطي وبذلك يكون خدم السودان والجنوب والقارة الافريقية، كنا في مناوشات مستمرة وصراع حول تنفيذ الاتفاقية معه وعنده الحق يعتبرنا أعداء بالنسبة له كما كانوا يطلقون علينا (أولاد قرنق)، ولكن لمصلحة السودان وجنوب السودان نناشده أن يلعب دوراً إيجابياً من الآن وحتى نهاية فترته ويساهم في وقف الحرب، ويكون وسيطاً حقيقياً لخدمة مصالح شعبي الدولتين.