٭ انتهينا في الحلقة الماضية إلى القول إن الإعلان البريطاني الأمريكي، الذي جاء على لسان وزير الخارجية البريطانية، حول العملية الإرهابية «المفترضة»، واحتمال تسببها في كارثة الطائرة السورية.. وأن ذلك الإعلان الذي تزامن مع زيارة الرئيس المصري إلى لندن لم يخلُ من غباء بغض النظر من دوافعه.. فبالإضافة إلى أنه لم يراعِ أصول الضيافة واللياقة الدبلوماسية، فهو قد أوقع ديفيد كاميرون نفسه في حرج كبير أمام الرئيس الزائر.. كيف؟ ٭ تبدى ذلك بأوضح ما يكون خلال المؤتمر الصحفي الذي أعقب القمة.. حينما وجه صحافي سؤالاً لكاميرون عن قراره بتعليق الرحلات السياحية إلى شرم الشيخ وإعادة السواح البريطانيين إلى بلادهم.. عندها طغت موجة من التأزم والضيق على ملامح رئيس الوزراء، ولكن السيسي الواقف إلى جانبه هب لإنقاذه ونجدته.. حيث تصدى للإجابة منطلقاً من حكمة: «أعقل الناس أعذرهم للناس».. فأجاب على السائل بقوله: إنني أتفهم جيداً موقف كاميرون وأقدرمسؤوليته تجاه تأمين مواطنيه وأنه منذ عشرة أشهر مضت طلبتُ من دولة رئيس الوزراء التأكد بنفسه عبر أجهزته الأمنية عن مطابقة إجراءات التأمين في شرم الشيخ وكل المطارات المصرية للمعايير الدولية، بل والمساعدة في تأكيدها والإطمئنان عليها.. هنا انفرجت أسارير كاميرون واستعاد هدوءه. ٭ لكن أوضح تعبير عن الغباء البريطاني والأمريكي تمثل في إعلانهم عن تلك التكهنات بعمل إرهابي رصدته الأقمار الإصطناعية الأمريكية وأبلغته بريطانيا قبل أو أثناء الرحلة.. لأنه ببساطة يطرح سؤالاً طبيعياً ومنطقياً هو: لماذا لم تُبلغ واشنطون ولندنالقاهرة وموسكو بهذه «المعلومة»؟!.. فجميعهم حلفاء فيما يسمى «الحرب على الإرهاب».. فهل ياترى قرروا أن «يطنشوا» حتى تحدث الكارثة؟!.. وحتى يتم توظيفها «إعلامياً» ضد مصر، أو روسيا التي دخلت الحرب الجوية ضد «داعش» والثوار في سوريا لحماية الأسد؟!.. فعوضاً عن إبلاغ من يخصهم الأمر- وهما هنا مصر وروسيا.. قرروا إطلاق «المعلومة» الافتراضية في أجهزة الإعلام المنحازة أصلاً ضد مصر.. فوجدت فيها مادة خصبة لاظهار النظام الجديد في مصر بأنه فشل في السيطرة الأمنية على الأوضاع.. وبالتالي «تطفيش» السواح وتوجيه ضربة للاقتصاد والمصري الذي تمثل السياحة مورداً رئيسياً في مداخيله.. و في الوقت ذاته إحراج بوتين وحكومته في ظل الأوضاع المتوترة أصلاً بين الجانبين لأكثر من سبب ليس أقلها أوكرانيا.. فاضطر بوتين بدوره إلى وقف الرحلات مؤقتاً إلى مصر حتى ينتهي «التحقيق» وإجلاء السواح الروس البالغ عددهم نحو 80 ألفاً من شرم الشيخ والغردقة.. مجاراة لقوة «التلكيكة» البريطانية الأمريكية وحتى لا يبدو أمام شعبه بالتفريط في أرواح المواطنين. ٭ التحقيق الذي يجري في القاهرة لم يسبتعد، حتى اللحظة، فرضية العمل الإرهابي.. حيث قال ناطق مصري باسم لجنة التحقيق الدولية المشتركة: إنه سُمع «صوتٌ» في الثانية الأخيرة، صادرٌ من تسجيل أحد الصندوقين الأسودين.. وأنه سُيعرض على التحليل والتمحيص في المعامل المتخصصة لمعرفة طبيعته، إذا كان صوت انفجار أو لخلل أو لأي سبب آخر. ٭ لكن من يقنع «المتلكيكين» بالانتظار..؟!