الخلافات بين تحالف قوى الإجماع الوطني والمؤتمر الشعبي الذي كان أحد مكونات التحالف قبل أن يغادره ويغير مواقفه السابقة والرامية إلى إٍسقاط النظام بالإنخراط فى الحوار الذي أطلقه رئيس الجمهورية، الخلاف بين المعارضة والشعبي بدأ منذ تأييد تحالف المعارضة لإنقلاب عبدالفتاح السيسي على الأخوان المسلمين بمصر، وظلت تتجدد الخلافات بصورة متكررة حتى وصلت ذروتها أمس الأول بإتهام المعارضة للشعبي بتبني ورقتها المسماة (البديل الديمقراطي) وطرحها كرؤية له فى مؤتمر الحوار. ٭ فتيل الأزمة إرهاصات سياسية عديدة ألقت بظلالها السالبة على ملف العلاقات السياسية بين حزب المؤتمر الشعبي وحلفائه السابقين بتحالف المعارضة، غير أن المعارضة وعلى لسان القيادي إبراهيم الشيخ اتهمت المؤتمر الشعبي بتبني ورقة المعارضة التي عكفت على صياغتها حول البديل الديمقراطي، وتسريب مضمونها وتقديمه في جلسات مؤتمر الحوار وكأنها نتاج لأفكاره السياسية حول صيغة الحكم المثلى، الأمر بحسب مراقبين يزيد من فتيل الأزمة بين الطرفين، ويجعلها عرضة للاشتعال فى أي وقت ، ذات المراقبين يرون أن الأمر يمثل إنتصاراً للمعارضة بنقل مطالبها وأفكارها إلى طاولة الحوار بجانب أنه يطرح تساؤلاً ملحاً فحواه بأنه « هل نضب معين الشعبي وعقله المدبر حسن الترابي الفكري عن الإتيان بأطروحة جديدة». ٭ الشعبي يترافع المؤتمر الشعبي على لسان القيادي بالحزب أبوبكر عبد الرازق نفى الاتهامات التي ساقتها المعارضة عن تسريب حزبه وثائقها للمؤتمر الوطني، وقال عبدالرازق ل (آخر لحظة) بأن المسودة التي قدمها الشعبي للجان الحوار الوطني هي ملامح من مسودة الدستور الانتقالي الذي تراضت عليه كافة القوى السياسية، وهذه المسودة لم يقدمها الأمين السياسي للحزب كمال عمر، كما تحدثت بذلك قوى تحالف المعارضة، بل قام بتقديمها إلى لجان الحوار القيادي بالحزب د. محمد العالم محمد أبو زيد، ومضى عبدالرازق بالقول « ماذا يضير تحالف قوى الإجماع الوطني إذا سعى الشعبي إلى تقديم رؤيتهم وأفكارهم السياسية إلى منضدة الحوار الوطني»، مؤكداً بأن ذلك يعد انتصاراً لقوى التحالف التي كانت تراهن على أن الحوار هو حملة سياسية، الغرض منه توحيد أقطاب الحركة الاسلامية في كيان واحد، وأشار إلى أن الشعبي فاجأ المعارضة بتقديمه مسودة تقر بزوال حكومة المؤتمر الوطني طواعية، وأن تقام حكومة انتقالية برئاسة البشير وفق صلاحيات محددة، وزاد» هذه المسودة مثلت هزيمة سياسية لأفكار تحالف المعارضة التي كانت تنساق وراء البديل الديمقرطي دون تقديم الرؤى الواضحة المؤدية إلى ذلك» . ٭ في الجانب الآخر إنبرى المؤتمر الوطني المتهم من قبل قوى الاجماع الوطني بتلقيه وثائق المعارضة المسربة إليه من الشعبي، انبري للمدافعة عن الأمر، وقال القيادي بالوطني ربيع عبد العاطي إن معظم أحزاب المعارضة الموجودة اليوم باتت (تعرض) في الساحة السياسية وظهرها مكشوف، مشيراً إلى أنه ليست لهذه الأحزاب وثائق تخفيها عن أطروحاتها في تغيير الحكومة، وأردف بأن أحاديثها عن أن الشعبي سرب أطروحاتها إلى الوطني يمثل في هذا التوقيت مزايدة سياسية الغرض منها ايجاد غطاء لتسويق مواقفها المتباعدة في الاعتراف بالحوار كمشروع للتسوية السياسية بالبلاد، وشبه حالتها بالقول «حالتها كحالة الذي يظن بأنه يرتدي ثيابه ويراه الآخرون عارياً» . بالمقابل قال الناطق الرسمي للحزب الشيوعي يوسف حسين بأن الاتهام الذي أطلق من قبل تحالف المعارضة تجاه الشعبي هو اتهام جزئي أُريد به الكل، وهو يأتي اتساقا مع التحولات السياسية التي سعى إليها الشعبي من ابتعاده من جانب المعارضة إلى الوقوف بصف الحكومة، ومضى بحديثه للقول بأنه ليس هنالك ما يمنع الشعبي من أن ينقل ورقة أو جزء منها . ٭ ممارسة غريبة فى المنحى ذاته عزا القيادي بالإتحادي الأصل علي نايل مساعي الشعبي إلى تمليك وثائق المعارضة للوطني بأنها. أتت نتيجة لحالة التقارب السياسي التي سادت بين الحزبين في الآونة الاخيرة، بعد عمليات الشقاق والخلافات التي كانت بينهما في السابق، وقال في سبيل جمع شتات النقيضين كل شي وارد، لاسيما وأن الشعبي بات اليوم يعوِّل على مشروع الوطني في الحوار أكثر من الوطني نفسه. ويري أستاذ العلوم السياسية صلاح الدومة بأن عمليات نقل الوثائق وتسريبها من المعارضة إلى الوطني من قبل المؤتمر الشعبي ليست بالأمر الجديد، فقد عهدت الساحة السياسية ممارسات للشعبي هي الأكثر استغرابا على الصعيد السياسي من أي ممارسات أخرى قام بها، وقال إن اتباع المسالك الملتوية يمثلون ديدن الشعبي في مساعيه التي يبتغيها في الوصول إلى غاياته السياسية، بينما يختلف المحلل السياسي عبد الله آدم خاطر فيما مضى إليه الدومة بالقول إن المؤتمر الشعبي كان ضمن شراكة سياسية مع قوى المعارضة في الفترة السابقة، وبالتالي الأفكار التي طرحت من قبل هذه القوى تجاه قضايا التداول السلمي للسلطة أضحت ضمن إطار الملكية العامة لكافة القوى السياسية المنضوية تحت عباءة المعارضة، أو التي خرجت منه حديثاً وتجيير هذه الأفكار من قبل الشعبي للاستفادة من محتواها فيما يبتغيه يمكن القول إنه أتى ضمن سياق الحق المشروع. مراقبون يمضون فى إتجاه أن المساجلات السياسية ستستمر ساقيتها بين أرجوحة المعارضة في مسعاها إلى الثأر السياسي من حليفها السابق المؤتمر الشعبي.