مراصد تكنولوجيا الفضاء التي تطورت في قفزات كبيرة في التسعينيات وُضعت في الفضاء البعيد في مسافات تقاس بملايين الكيلومترات، تنتظر أخباراً مزلزلة عن الكون البعيد ستؤكد حقائق علمية موثقة لدى العلماء. من بين هذه الأهداف ظاهرة الثقوب السوداء التي تشبه إلى حد كبير جهنم يوم القيامة الموصوفة في القرآن، وقد تكون جهنم إحدى هذه الثقوب!! وربما هناك تفض بكارة البشارة: « كلا سوف تعلمون٭ ثم كلا سوف تعلمون٭ كلا لو تعلمون علم اليقين لترون الجحيم». هذا هو خلاصة فهمنا لكتاب الأستاذ الشيخ محمد سعيد (الحفيان).. وهو بعنوان (هل جهنم ثقب أسود)؟.. القيامة في ضوء العلم الحديث.. إذن سنوات معدودة لا تتعدى العشر سنوات لنرى (العلم) قد بلغ بوابة جهنم.. هذه الأخبار ليست خيالاً بل أحلاماً (علمية) شبه مؤكدة، أي: مؤكدة بالحسابات الفلكية !! *** في الحلقة السابقة وقفنا مع الأستاذ الحفيان وهو يعقد المقارنات بين جحيم يوم القيامة، والثقوب السوداء وهي ظاهرة فلكية تبتلع كل كائنات السماوات من نجوم حتى الغبار الكوني.. مما أوردناه هناك عن الجحيم والثقوب السوداء كلتاهما حفرة ولها جاذبية، ينحني عندها الزمان والمكان حتى لم يعد بعد ذلك زمان (خالدين فيها أبداً)! ومن يجتاز حدودهما لا يعود وفقاً لنظرية هوكنج التي توضح معنى ( شفا جرف هارٍ فانهار به في نار جهنم )!! هذا العالم اكتشف أيضاً إشعاعات حول الثقوب السوداء سموها اشعاعات هوكنج وهي نافورة اشعاعات خارج الثقب الأسود، نتيجة للاضطرابات التي تحدثها جاذبية الثقب.. وربما هذا المعنى نجده في الآية الكريمة (إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظاً وزفيرا) الفرقان -12 في الحفرتين الجاذبية معلومة والقوى الطاردة المركزية، لكنها مهولة لا يمكن أن تقارن بقوى جاذبية الشمس والقمر.. وهذا المعنى ربما أراده القرآن في الآية (.. فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشيق). ومما ذكره الشيخ الحفيان أن هناك ظاهرة معروفة هي تكور الغازات عندما تبدأ عملية انجذاب نجم أو جرم.. هذه الغازات تبدأ بدائرة كبيرة ثم تصغر في حركة لولبية.. وهذا هو الأمر الذي ينتظر الشمس عندما تقع في الحدود الحرجة لجهنم (وإذا الشمس كورت).. عند امتصاص الغازات ستبرد حرارة الشمس التي ستتحول إلى اللون الأحمر وتبقى السماء (وردة كالدهان)! عندما تنهار الشمس في جاذبية جهنم ستتكور وينطلق منها الصوت المهول الذي على أثره سيجتمع الخلق ليوم الحساب، الذي لن يستغرق أكثر من نصف نهار؛ ثم بعد ذلك سينطلق أهل النار وعلى مقربة من بوابة الجحيم سيسمعون أصواتاً تشبه إعصار فيها دخان ولهب وشرر !( إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظاً وزفيراً).. وينتظره في بطن جهنم رحلة أشبه برحلة الفولة في بطن حلة بريستو محكمة الإغلاق: يهبط القاع عندما تعتصره الضغوط العالية حتى يصل شجرة الزقوم فيأكل ما يهري جوفه ليعود تحت ضغط عتالة جهنم إلى البوابة ليشرب من ماء الحميم.. وهكذا دواليك !! هكذا يواصل المؤلف تحليلاته المتنوعة وهي بالفعل ممتعة حتى تلك التي لم نفهمها كتفسيره للصراط.. أحياناً يثبت بأن جهنم ثقب أسود وأحياناً كأنها أقرب نموذج يحكي قصة جهنم يوم القيامة!! يصل إلى حقيقة أن جهنم نوع فريد من الثقوب السوداء لا مثيل لها في المواصفات، وعند هذه الحقيقة يتجلى معنى الآية (إنها لإحدى الكبر نذيرا للبشر).. وفي هذه الآية يبدو بوضوح أنها موجودة في الدنيا وسيراها الناس بعين العقل!! أما أكثر الحقائق المزلزلة بالنسبة لي هي أنه قرّب السماوات السبع حتى جعلها في متناول يد البشر، وأوحى أن يوم القيامة قد بدأ بالفعل لأن الشمس وهي تتحرك بسرعة (225) كيلو متراً في الثانية متجهة نحو جهنم، وهو هنا يرجح أن مجموعة سكة التبانة التي نراها بوضوح في كبد السماء مجموعة نجمية تتهاوى «الآن» في قبضة ثقب أسود..( إن جهنم لمحيطة بالكافرين). ويعتقد أن هذا الخبر سيتأكد في سنوات مقبلة قد لا تتعدى 2025م!! *** في الحقيقة كنا في حيرة من التفاسير التي كانت يزيد معنى السماوات السبع أكثر غموضاً.. فالمعنى القرآني ربما كان أقرب للإفهام لأنه يجسد السماوات بوضوح تام (سبع سماوات طباقا- في كل سماء أمرها- يطوى السماء- رفع سمكها فسواها..). فالمعنى التقليدي كان يفسر باعتبار أن السماء هي كل ما علا.. أو هي أبعاد مستحيل الوصول إليها وبالتالي ترك التفكير فيها!! اعتماداً على القرآن يعتبر أن السماوات السبع التي لم تذكر بطريقة مجردة هي طبقات للغلاف الغازي للأرض.. أما القمر والشمس توجدان خارجها؛ فقط بقيت بآثارها (وجعل القمر فيهن نوراً وجعل السماء سراجا).. *** عالم أمريكي اسمه أوهايمر لا يعرف شيئاً عن القرآن، تخيل ما الذي يمكن أن يحدث للإنسان إذا وقع في ثقب أسود.. سيصبح الإنسان وهو يهوي إلى قاع الحفرة كقرص عجينة بين كفي عجان.. سيتعرض للمط والعصر طولا وعرضاً حتى يصبح كخيط يمكن تمريره في فتحة إبرة خياطة.. ويقرأ الآية من سورة الأعراف (إن الذين كذبوا بآياتنا ...) الأعراف: 40 ويقف عند(.. وكذلك نجزي المجرمين).. بعد تحليل لغوى وإعراب معتمداً على معنى حرب العطف في «وكذلك» يصل إلى أن الجزاء الذي يناله الجمل إذا أدخل إلى سم الخياط هو الذي يناله المجرم يوم القيامة.. ولكي نعرف جزاء المجرم وجب علينا أن نعرف كيف نجازي الجمل عندما تدخله في سم الخياط.. هذا التأويل في عرفه لا يتعارض مع المعنى التقليدي السائد الذي يشير إلى استحالة دخول المجرم في الجنة كاستحالة مرور الجمل في سم الخياط !! لا يكتفي بهذا التأويل بل يعضد هذا المعنى بآيات أخرى مثل ( وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا مقرنين دعوا هناك ثبورا ) الفرقان :13 ، ثم يستعين بآية أخرى (ثم في سلسة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه ) الحاقة: 23. تحليلات ممتعة لا تخلو من محاولات غير مقبولة كمحاولته تفسير ما يؤمن به بعض الطوائف الدينية كحكاية المهدي المنتظر! أو تسفيه للمعابد الأثرية والترويج للسياحة باعتبارها زيارة للمقابر!! هذا الكتاب مائدة مليئة بالطيبات لا يكتمل الفهم إلا بقراءتها وما ذكرناه إلا نتف بسيطة لفتح شهية القارئ فقط!!