والحديث عن الإخوان المسلمين.. طويل وعميق وعريض.. لهم لغتهم الخاصة ومفرداتهم وكأنها الماركات التجارية مسجلة باسمهم في قاعات الملكية الفكرية.. عندك مثالاً كلمة (أحسب).. ما نطق بها إلا وكان عضواً فاعلاً أو خاملاً من جماعة اللأحبة (الإخوان).. وما ختم أحدهم خطبته أو حديث إلا وكان الختام استغفر الله لي ولكم.. وما أسديت أحداً معروفاً إلا وقال لك (جعلها الله في ميزان حسناتك).. أما (الأشواق) فتلك كانت النغمة التي ما اجتمع نفر منهم إلا واحتشد الفضاء ب(الأشواق).. والآن دعوني (أمسك) كما الأعمى المسكو عكاز في كلمة الأشواق. لقد أطلق الأحبة (الإخوان) سراح هذه الكلمة بعد طول سجن بعد أن تحققت لهم (الأشواق) والتي كانت حصرية على إقامة دولة إسلامية في السودان.. ولكن وبعد أن مكنهم الله من كل مفاصل الدولة وتحققت (الأشواق) وهم يظنون أنهم قد حولوا (الأشواق) إلى واقع يمشي في الأرض بين الناس.. تراجعت وقتها (الأشواق) لمدى ست وعشرين سنة وتزيد.. وها هي (الأشواق) تنطلق هادرة هائجة هائلة وهي تغطي المنابر والمساجد والتجمعات والصحف والإذاعات.. باتت شأناً صغيراً بعد أن كانت أحلاماً شاهقة فاضمحلت وتقزمت حتى صارت (الاشواق) تعني فقط وحدة الإسلاميين (وطني وشعبي).. أصبحوا مثل (شمعة) الحبيب (ترباس).. تلك التي قال فيها شاعرها أزهري عوض الكريم: بشوف كل حاجة في الدنيا بتمشي مع الزمن تكبر إلا الشمعة لما تدور تفارق تكون أصغر أرأيتم هذا البؤس وتلك الأماني والأحلام البائسة الصغيرة (حكمة والله وحكاية) أن تتراجع وتنهزم أشواق إقامة دولة إسلامية في وطن عظيم لتصبح مجرد (الأشواق) وحدة (الوطني والشعبي). فليحلم (الإخوان) كما يشاءون ونحن بقية (المسلمين) لا شأن لنا إن توحدوا أو اختلفوا.. صحيح أننا في أول سنوات الإنقاذ وفي تلك الحقبة المفزعة والأيام المرعبة والعواصف الهائلة.. قد (رأينا نجوم الليل ظهراً).. وإننا.. بل إنني.. (أقول إنني) لأنني أتحمل مسؤولية ما أقول.. ولأنني قد كتبت عبر صحيفة صديقي الحبيب حسين خوجلي (ألوان).. كتبت.. بل نثرت ألواناً من الحروف وأمطاراً من الكلمات فرحاً وابتهاجاً وطرباً بالمفاصلة.. وأذكر جيداً أني قد كتبت في ذاك المقال.. فقرة لا زلت أذكرها وكانت تحديداً (كذب من قال إذا تصارعت الأفيال ماتت الحشائش.. فها هي الأفيال تتصارع.. وها نحن الحشائش نزداد نماءً ورواءً واخضراراً).. وقد ختمت المقال بشطر من أغنية وهو (إن شاء الله ما يتلم شتات). والآن وفي هذه الأيام تلوح في الفضاء (أشواق) وحدة (الوطني) و(الشعبي) ونفر من الناس يخافون من هذه الوحدة.. أما أنا فلا.. وغداً نبدأ.