ملفات شائكة ومهمة اضطلع بها السفير عمر دهب مدير إدارة الأزمة وفض النزاعات بوزارة الخارجية وقد ترأس الإدارة عقب عودته من جنيفا في يونيو (2009) التي قضى بها أربع سنوات وعدة أشهر , حيث كان نائب المندوب الدائم لرئيس بعثة السودان بجنيف و مسؤول الملف الخاص بحقوق الإنسان,ثم مالبث أن اختير عضو الوفد الحكومي المشارك في مفاوضات سلام دارفور بالدوحة رئيس لجنة العدالة والمصالحات بالمفاوضات باعتبار أن قضية دارفور تمت بصلة وثيقة لإدارة الأزمات وينخرط السفير في دراسة (أكوام) من الملفات التي أمامه للوصول الى الحلول تساعده في ذلك حنكته القانونية ورغم التحديات التي تعترض ذلك إلا أنه يحاول ذلك ... (آخر لحظة )التقته في سانحة (17) دقيقة وظفرت بالتالي : السيّد السفير ما هي أهم اختصاصات إدارة الأزمة وبماذا تعنى ؟ الإدارة تعنى بالقضايا التي تجد اهتماماً خاصاً من الدولة ووزارة الخارجية وتقع ضمن أولوياتها مثل قضية المحكمة الدولية, وقضية دارفور, وقبلها كانت ملفات تشاد والتي تتبع بالعلاقات السودانية التشادية والحمد لله كما ذكرنا مراراً في كثير من المواقع والمناسبات ذكرنا أننا نتطلع إلى أن تعود العلاقات السودانية التشادية لطبيعتها وها هي عادت إلى ذلك .. وطبيعة العلاقات مع إنجمينا أن تكون على مستوى نموذجي بالنسبة لعلاقات السودان الخارجية كلها . وملف تشاد الآن في الإدارة المعنية وهي إدارة دول الجوار والإدارة الأفريقية ونرجو أن نتغلب على كل القضايا والأزمات بحيث تعود كافة الملفات التي بين أيدينا الآن تعود إلى الإدارات المعنية ونكون بذلك قمنا بواجبنا كاملاً. لعل قضية المحكمة الجنائية واحدة من القضايا التي تقع ضمن اختصاصات إدارة الأزمة ؟ ماهي خارطة الإدارة للتعامل مع تلك القضية؟ أولاً: كمسألة مبدئية نحن نواصل موقفنا الثابت منذ بداية المفاوضات لإنشاء المحكمة الجنائية الدولية التي بدأت عقب عام (1990) في نيوريوك والتي استمرت حتى تدشين المحكمة في عام (1998) في روما والنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية دخل حيّز التنفيذ في عام ( 2002) وكان موقفنا أن نص النظام الأساسي للأسف خضع لضغوط معينة وتيار سياسي سائد في العلاقات الدولية وهو تيار يحاول الانفراد بكافة الخيارات من أجل مصالح معينة لمجموعات معينة, وكانت الإفرازات لهذا التوجه إدخال مواد في النظام الأساسي للمحكمة بحيث أصبح هنالك شكوك كثيفة حول مسألة الحياد القانوني اللازم والمطلوب في مؤسسة قضائية دولية كالمحكمة الجنائية الدولية وتحدثنا منذ بداية الفكرة ووقفنا نحن وجمعنا المجموعات التي ننتمي إليها حول فكرة أن ربط المحكمة بمجلس الأمن الدولي بنيوريورك سيضر بحيادها وهذا (ماقلناه) قبل إنشائها وقبل أن يُعين لويس أكامبو مدعياً عاماً لها ووقفنا ضد السُلطات الواسعة التي تمنح للمدعي والتي تتسبب في أن تتوجه المحكمة توجهاً سياسياً وإن اعتبارات أخرى غير القانونية والقضائية تتغلب على ذلك ومن السُلطات الواسعة مثل (المال السائب يغري بالسرقة ) والسُلطات الواسعة للمدعي العام تغري أن ينحرف المدعي العام عن الأهداف المُجمع عليها في النّظام الأساسي وأن تكون الغلبة السياسية للدول التي تستطيع أن تفرض رأيها السياسي على المدعي العام والأيام أثبتت صحة هذا الموقف والآن فكرة المحكمة تُعاني من رفض واسع إذ هي تتحرك بتوجهات مجلس الأمن الدولي وهو المؤسسة السياسية الأولى في الأممالمتحدة تحركها أهداف ودوافع سياسية .. هذه الدوافع ليس بالضرورة سيئة ولكنها يمكن أن تكون كذلك ويمكن أن تخضع لإرادة الذين يستطيعون توجيه المجلس بحكم قوتهم وبحكم حق النقض و التركيبة التاريخية داخل المجلس ونحن نحاول في إطار خطتنا أن نتحدث عن وجود ثغرات كبيرة جداً تم بسببها استغلال المحكمة وجعلها أداة سياسية ليس إلا مثلها مثل الأدوات السياسية الأخرى كمجلس الأمن وغيره من المؤسسات الدولية التي تخدم مصالح للدول التي يمكن أن تكون مصالح معافاة أو مصالح تضر بمصالح الدول الأقل التي ليس لها القوة الاقتصادية والسياسية والنفوذ المالي والعسكري وغيره. هنالك تغير في لهجة التعامل من مجلس الأمن الدولي تجاه الرئيس عمر البشير فلأول مرة يذكر اسمه مسبوقاً بلقب الرئيس منذ صدور ما يسمى قرار لاهاي تجاه رئيس الجمهورية عقب إجراء الاستفتاء هل سيمهد ذلك لإسقاط مايزعمة المدعي العام تجاة السودان ؟ رئيس جمهورية السودان يستمد سلطته وشرعيته من النظام الدستوري القائم والمتفق عليه هذا النظام الدستوري الوطني القائم في أية دولة له اعتراف وإقرار في المحافل الدولية ومن بينها الأممالمتحدة ولذلك هذا الأمر في رأيي لا يتعدى الاعتراف بما نسميه أسس أو تقاليد دولية ثابتة لذلك لا يمكن لأي جهاز دولة أن يتقاضى عن هذه الثوابت في العلاقات الدولية فكما أن هنالك دولة موجودة وهنالك شعباً في هذه الدولة هنالك أيضاً سلطة لهذه الدولة وليس هنالك مجال للتشكيك فيها مهما كان وكما ذكرت آنفاً فإن مجلس الأمن الدولي تحرّكه دوافع سياسية وهذه حقيقة سياسية ماثلة موجودة منذ إنشاء الأممالمتحدة ولكن مع مرور الوقت وإصرارنا على حقوقنا كاملة يمكن أن يعود للمجلس الفهم الذي نتوقعه من مثل هذا الجهاز الدولي الهام والخطير رشحت مؤخراً تحركات سياسية قانونية من بعض الدول الأفريقية لإجهاض التسلط الجنائي عليها عقب استهدافها للرؤساء الأفارقة ؟ التحركات الأفريقية نبعت من الاتحاد الأفريقي وهو المؤسسة التي اتفق الأفارقة على إنشائها إذن منطلق الاتحاد يرتكز على المحافظة على مصالح الدول الأفريقية من حيث وجودها ونموها وسيادتها فضلاً عن نموها بجانب ضمان أن تلعب دورها على الصعيد العالمي من أجل رفاهية الشعوب الأفريقية كلها ومن هذا الهدف ( النبيل) المتفق عليه . فإن المجموعة الأفريقية والاتحاد الأفريقي ترفض تدخل لاهاي لأن تدخلها نقيض لتلك الأهداف المجمع عليها ويجب أن ننظر الى أن تدخل الاتحاد الأفريقي ليس لمناصرة جهة أو شخص بل لمناصرة المباديء التي قام عليها نفسه . هل تعتقد أن الاتحاد الأفريقي نجح في وقوفه مع السودان في قضاياه المُتعلقة بدارفور والسلام؟ الاتحاد الأفريقي فيما يتعلّق بالسودان نجح نجاحاً مقدراً لأنه يُسهم إسهاماً كبيراً في مسألة الأمن في دارفور ونحن قناعتنا منذ البداية أن تعاملنا مع المجتمع الدولي يجب أن يكون عبر الاتحاد الأفريقي وأن يكون الحل للمشكلة الأفريقية أفريقياً ولم يخذلنا الاتحاد ولا القارة الأفريقية بدليل أن الاتفاق على إنشاء قوات مشتركة من الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي لدارفور اليوناميد كان اتفاقاً كاملاً بين الاتحاد الأفريقي والحكومة السودانية ودول الاتحاد لذلك تعتقد أن استتباب السلم والأمن في دارفور لعب دوراً كبيراً جدًا في قضية المحكمة الجنائية ونحن نسعى هذه الأيام لتطوير هذا الدور لحماية المصالح الأفريقية العليا. هل سيتم ذلك عبر آلية معينة ؟ نعم مثلاً عبر آلية اليوناميد وكذلك مجلس السلم والأمن الأفريقي والاتحاد كلها آليات تلعب دورًا في هذا الاتجاه. كعضو في وفد الحكومة التفاوضي في مفاوضات الدوحة ثمة صعوبات تواجه تحقيق حل سلمي رغم السقوف الزمنية التي تُحدد مراراً ؟ أولا: أهم شيء في مسألة التسوية السلمية لنزاع دارفور هو أن تكون هنالك إرادة من الأطراف -الحكومة والحركات المسلحة- كما يجب أن تتوفر إرادة للسلام وأن لا تكون إرادة تكتيكية بل مخلصة وكما يقولون (لكل حق حقيقة) وحقيقة هذه الإرادة يجب أن تنعكس في عملية التفاوض فإذا لم تنعكس الإرادة السياسية في التسوية السلمية فستصبح مشكلة ولذلك يجب أن تتوفر الإرادة الكاملة والإقرار بأن النزاع في دارفور يجب أن يحل حلاً سلمياً عبر التفاوض وهذه المسألة إن لم يتم الاتّفاق عليها والقرار بها وترجمتها عمليًا ستواجهنا صعوبات. ثانياً: الأمر الذي نواجهه في دارفور تشرذم الحركات ونحن نتعامل مع عدد كبير جداً من الحركات التي تنقسم كل فترة وتجميع الحركات أخذ وقتاً كبيراً جداً ومازلنا نعاني من التشرذم في حركات دارفور .