قبل شهر أدركتنا صلاة الجمعة ونحن في ورشة لصيانة السيارات في شمبات.. ولو لا خوفي من شبهة الإعلانات لذكرتها بالأسم - فنحن في زمن الشبهات والظنون- لا أحد يحسن الظن بالآخرين.. ولا أحد يحس بالأمان.. رغم أن المسلم يجب أن يكون غير ذلك- في هذه الورشة شباب يتميزون بالكفاءة وحسن الخلق والتعامل السوداني الأصيل أذكر منهم(عمر وعلي وصلاح) وأصبحنا أصدقاء أكثر من زبائن تربطهم علاقات(الاسبير والزيت والكهرباء). المهم أدركتنا الصلاة وذهبنا أنا و(محمد عبد العظيم) لمسجد مجاور وبعد فراغنا منها مكثنا قليلاً بالخارج وسألني لمَ الانتظار؟ قلت له عمك عاصم البلال جار لهذا المسجد فإذا لمحناه بادلناه السلام والسؤال عن الأحوال، فقد باعدت بيننا الظروف والأيام. ونحن وقوف لفت إنتباهي وجود ضريح في باحة المسجد الغربية سألني عنه محمد ولكني لم أجد إجابة وقلت له لعله لرجل صالح! ولم نحظ بلقاء الأخ عاصم البلال وذهبنا لحالنا والسؤال معلق بدون اجابة.. وشاءت الأقدار أن اصلي الجمعة البعدها ايضاً في هذا المسجد حيث التقيت هذه المرة بالاخ عاصم وضمن الونسة العامة حدثني عاصم حديث العارفين عن صاحب هذا المقام الإمام موسي ابراهيم والذي كنا انا ومحمد نسأل عنه الجمعة الماضية وبين الاندهاش والاستغراب عن هذه السيرة العطرة كبر في نفسي حجم العلاقات السودانية التشادية وقلت كم هي متجذرة وأصيلة، للدرجة التي نجهلها ولا نعرف عنها سوى صور(الفتنة) و(الاقتتال) والدماء! وربما يكون سؤالي هذا قد أوحى للأخ عاصم - وهو صاحب الحس الصحفي المتميز - بأهمية إطلاع الرأ ي العام على هذا الجانب المضئ من هذه العلاقات فربط سيرة الرجل بالزيارة ربطاً ذكياً ومحكماً عندما زار الرئيس التشادي دبي السودان الأيام الماضية فجاءت خبطة صحفية محكمة عندما زار الرئيس المسجد ومعها هذه السلسلة من المقالات المتميزة التي يكتبها في أخبار اليوم مولانا الشيخ محمد الإمام عن الإمام موسى ابراهيم والتي رأينا فيها صورة ناصعة وبيضاء لسيرة رجل يسعى لتوحيد الصف ونبذ الاقتتال واطفاء نار الفتنة بين المسلمين. ولعل هذا الموقف وهذا التطور الذي حدث هذه الأيام في ملف العلاقات بين البلدين والمجهود الذي يقوم به الرئيس دبي هذه الايام يصب في ذات الاتجاه الذي سعى إليه الإمام موسى وكاتب المقالات والأخ عاصم في هذا السعي النبيل لتنقية الشوائب والكدر الذي شاب مسيرة العلاقات السودانية التشادية في ماضي الأيام ويبقى الأمل في أن تكون هذه الخطوات التي نعيشها هذه الايام بمثابة الترياق المضاد لكل ما يعكر صفو الاخاء والمحبة بين السودان وتشاد.