لستُ وحدي.. بل الكثيرون يسعدون ب (لم الشمل) و(وحدة الصف) وكل ما يجمع الناس ولا يفرّق، لذلك أجد أنني من الذين سعدوا بالإعلان عن وحدة حزبي الأمة القومي الذي يقوده السيد الصادق المهدي، وحزب الأمة الاصلاح والتجديد الذي يقوده السيد مبارك الفاضل المهدي وعودة (المياه إلى مجاريها) أو كما كانت عليه قبل الإنفصال والانشقاق.. لكن الذي يلفت الإنتباه بعد إعلان (الوحدة الاندماجية) بين الحزبين، ولا أريد أن أقول (الجناحين) هو تصريحات السيد مبارك الفاضل المهدي التي أمّن فيها على أن السيد الصادق هو (الأخ الأكبر) وزعيم الكيان الأنصاري.. مجدداً ما سبق أن قاله الكثيرون من أن الوحدة تجيء لمواجهة التحديات وتوحيد الصف الوطني لتحقيق الأمن والإستقرار بالبلاد. لكن أكثر من سؤال سيبرز على مستوى كيان الأنصار وحزب الأمة بفروعه المختلفة، وعلى مستوى الوطن بإكمله لأن لهذا الحزب تاريخاً وماضٍياً وحاضاً ر ماثلاً أمامنا نراه يقود حراكاً سياسياً ما بين كر وفر، ومع ذلك يحق لنا أن نتساءل عن موقع السيد أحمد عبد الرحمن المهدي كبير البيت الأنصاري والأقرب صلة بالسيد الإمام محمد أحمد المهدي بالإنتساب والتسلسل، فهو حفيده المباشر وإبن أحد أبرز الشخصيات الوطنية في السودان، ونعني السيد الإمام عبد الرحمن المهدي.. لذلك سيكون سؤالنا قائماً إلى أن نجد له إجابة، خاصة وإنه قد لحق بالكيان الأنصاري ما لحق بكثير من أحزابنا إذ تمت مبايعة السيد أحمد المهدي إماماً للأنصار مثلما تمت مبايعة السيد الصادق المهدي إماماً لهم. .. ثم يبرز سؤال ثانٍ مهم ولا يقل أهمية عن سابقه يتصل بالقيادة السياسية للحزب بعد وحدته.. هل ستكون مثلما كانت للسيد الصادق المهدي أم أنه سيكتفي بالجلوس على مقعد المرشد والأب الروحي للكيان بينما تكون القيادة في يد السيد مبارك المهدي؟ الإجابة على السؤالين ستحدد (الاتفاق) على مرشحي الحزب في الانتخابات المقبلة، بدءاً من الرئاسة، مروراً بولاة الولايات، ثم المجلس الوطني إنتهاء بالمجالس الولائية التشريعية.. وتحدد أيضاً (مَنْ) سيتنازل ل (مَنْ) بحيث تعمل أجهزة الحزب في إستخدام مقاييس القبول والشعبية لدى المرشحين.. ومع ذلك نرى أن هذا الأمر سيخلق أزمة جديدة داخل الحزب في هذا الجانب، لأن الكثير من المرشحين يرى أنه الأولى من غيره، وأنه (الأفضل) الذي سيصل إلى نهاية السباق الانتخابي يحمل قصب السبق والفوز. لا نريد القول بأن الخطوة جاءت متأخرة.. لأنها مطلوبة أصلاً لكنها جاءت لمواجهة تحديات المرحلة كما قال السيد مبارك المهدي، وهذه - أي التحديات - يختلف تفسيرها من حزب إلى حزب، ومن شخص إلى شخص، إذ أن أمر الوحدة كان ممكناً قبل ظهور هذه التحديات التي نرى أنها (الانتخابات).. لا غيرها. رحم الله الرئيس جعفر نميري الذي عمل على إنشاء (تنظيم سياسي جامع) يلم الشمل ويوحد الصف، ولم يكن ليخطر على باله قط - رحمه الله - أن يتجزأ «الاتحاد الاشتراكي السوداني» شذر مذر وأن يصبح (حزباً) و(تحالفاً لقوى الشعب العاملة) و(تنظيماً) له أكثر من واجهة. مصيبتنا في هذا الوطن إن كل منا يرى أنه هو الحزب والزعامة والسيادة ومن هم دونه لا شيء البتة.. لذلك لا فرق بين أكثر الزعامات وبين لويس الرابع عشر الذي حفظ له تاريخ الاستبداد مقولته: (أنا الدولة.. والدولة أنا) وأكثر ساستنا لا يعرف أننا لسنا أكثر من عابري سبيل. ------------------------------------------------------------------------